صنعاء 19C امطار خفيفة

أسرة متجددة لعصرٍ جديد

في زمن تتساقط فيه القيم كأوراق الخريف، وتضيع فيه البوصلة بين الشاشات والأسواق، يعود الإنسان ليسأل نفسه:

 

من أنا؟ ومن بيتي؟ ومن أهلي؟ ومن أنا دون أسرتي؟

ما بين الفقر الذي يثقل الكاهل، والغربة التي تفتّت البيوت، والعنف الذي يتسلل إلى لغة الأطفال، تقف الأسرة المعاصرة -بخاصة في مجتمعاتنا العربية واليمنية- على حافة سؤال وجودي:

 
هل يمكن أن نُجدّد بيتنا من الداخل، كما نُجدّد هواتفنا؟ هل يمكن أن نبني نمطًا جديدًا من الحياة العائلية يناسب تحديات العصر؟
الجواب: نعم. ولكن ذلك لا يكون بتقليد أعمى لما هو خارجي، ولا بالتشبث الأعمى بما هو قديم، بل برؤية عاقلة، تحترم جذورنا وتفهم فروعنا، وتنظر إلى الأسرة كمساحة حيّة للتعلّم، والتعاون، والنموّ.
 
الأسرة المتجددة ليست أسرة مثالية لا تخطئ، بل هي أسرة تعترف بخطئها، وتُصلح ذاتها، وتُربّي أبناءها على المشاركة لا التبعية، وعلى الحلم لا الخوف، وعلى الخدمة لا السيطرة.
هي الأسرة التي تُعلّم طفلها كيف يُعبّر عن مشاعره، وتُربي ابنتها على أن صوتها قيمة، لا عيب.
في هذا العصر، الأسرة التي لا تتطوّر، تتصدّع. والتربية التي لا تتحدّث لغة الزمن، تتلاشى.
فهل نُعدّ أبناءنا لعالمهم، أم لعالم لم يعد موجودًا؟
الأسرة المتجددة تُدرّب أبناءها على:
التشاور بدل الأوامر،
الحوار بدل العقاب،
القدوة بدل التلقين،
المحبة بدل السيطرة.
بيتٌ تُتلى فيه الكلمات الطيّبة، وتُسمع فيه الضحكة بصدق، وتُوزّع فيه المهام بعدل.
هو بيتٌ يُنتج طلابًا نُبلاء، وعاملين أمناء، وقادة خُلقاء.
ومن أهم ما يُعين الأسرة على البقاء في زمن العواصف، هو ارتباطها بخدمة الآخرين. فالبيت الذي يُفكّر في حاجات جيرانه، ويُربّي أبناءه على العطاء، لا يضيع أبدًا. لأنه ببساطة، بيت يعيش لأكثر من نفسه.
فيا أيّها الأب، أيتها الأم، أيّها الشاب، أيتها الفتاة:
إنّ البيت ليس جدرانًا من طين أو إسمنت، بل نية صادقة في أن نكون لبعضنا نورًا لا نار، وسندًا لا سجنًا، ومصدر أمان، لا ساحة قتال.
وإن كنّا اليوم في عصر انتقال، فليكن بيتك هو القارب، وعائلتك هي المجذاف، ففي كل بيتٍ يُبنى على الحب والتفاهم، يُبنى وطنٌ جديد.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً