صنعاء 19C امطار خفيفة

العالم بمأزق مفترق الطرق

هل بات على العالم أن يصبح رهينة لزيف أساطير يهوذا وعنجهية أزمة الغطرسة الأمريكية بعد دخوله مرحلة أسوأ بكثير من مرحلة سايكس بيكو؟ تلك كانت مرحلة صعود الرأسمالية التوسعية المتوحشة، مرحلة نهب ثروات الشعوب والسيطرة على أسواقها لتصاب لاحقًا بمقتل مع تبلور ملامح كونية مستجدة تنافس بل تهزم مرحلة احتضار الرأسمالية كنظام كوني لم يعد وحيدًا يمسك بمفاتيح إدارة شؤون الكون سياسيًا واقتصاديًا وماليًا وتكنولوجيًا،

 
عالم الحركة هزم عوالم الثبات الاحتكاري لنظام الرأسمالية الإمبريالي.. ها هي إفريقيا تستعيد روح وإرث لومومبا ومانديلا.. إفريقيا تتعلم تتكلم تقرر، رغم استمرار حمى الضنك الغربية الأمريكية التي تصيبها هنا وهناك، روسيا رغم التحولات التي أريد من خلال إزاحة الاتحاد السوفيتي ليترافق معه شعار فوكوياما الانتصار النهائي للنظام الرأسمالي، وعاد لاحقًا ليعيد تصويب الأمر.
العالم لم يعد كسيحًا، فالعم ماو بذر بذرة النهوض ومضى، ورغم افتعال المعارك ها هي جمهورية الصين الشعبية، وبقيادة الحزب الشيوعي الصيني، ها هي تخوض التحدي ضمن مفاهيم السوق بعيون وعقول صينية تبحر تكنولوجيا وتتفوق، بدأت دول الجنوب رحلة الخروج والمغادرة من سجن معادلة اللعبة الصهيوأمريكية أوروبية التي باتت مجرد منولوج يتلهى به العابث الأمريكي وتابعه الصهيوني القابضان على محرك نيران جوجل العابث باستقرار العالم إن لم يسر وفق هواهما.
قلنا إفريقيا نهضت، روسيا أعادت صياغة عناصر التحدي والمواجهة حتى وإن نصبوا لها سيرك أوكرانيا.. قد بدأ العالم الناهض يعيد ترتيب أوراق اللعبة، وتوفير عناصر القوة التي بات شريكًا بل منافسًا ومتفوقًا في بعضها، وهنا مكمن الخطر، الخطر الذي استشعرته هيكلية ما تبقى من هيمنة كونية لرأسمالية النهب والإلغاء للآخرين، طعمًا باستمرار حقبة تدوير محرك جوجل الكوني وفق مشيئة صهيوأمريكية أوروبية، هذه الأخيرة بعد نفاد قوة ومكانة بريطانيا العجوز. بات العالم بمفترق طرق... العالم لم يعد يقبل شرعية القوة، لم يعد يقبل وسيلة الحروب التوسعية معيارًا للنهب، بل للتعايش، ومعيارًا لصياغات السيادة والقوة... قد بات مفهوم فرض الأمور بالقوة خطرًا يوازي خطر ما يسمونه أخطار امتلاك السلاح النووي... قد ألقى منذ فترة ليست بعيدة كذبته أمام مجلس الأمن، السيد كولن بأول، وزير خارجية أمريكا الأسبق، تلك الكذبة التي بموجبها دمر التحالف الإمبريالي العراق الشقيق، والصهيونية تلعب نفس اللعبة مع إيران، وها هي بصلب الضربة ضد إيران... لم تعد تنطلي دوامة اللعبة بصياغتها الثلاثية الأبعاد صهيونيًا، أمريكيًا، أوروبيًا... وها هو ترامب يخوض لحظات ما سماه جعل أمريكا عظيمة، مجددًا بدولارها الهش أولًا، بمكانتها الدولية المهتزة ثانيًا.. وها هو ثالثًا يقلب المجن على أوروبا التي بات يسميها بالعجوز، وما تبقى بعد انبثاق مداميك قوة البريكس كخطر محدق يترافق مع خطر التنين الصيني العملاق الاقتصادي القادم مصممًا على ثلاثة أمور:
1. استعادة تايوان كحق سيادي لا يقبل شكًا أو جدلًا.
2. مكانة اقتصادية تجعل منها معمل العالم المنتج المنافس بكفاءة تصعب إزاحته.
3. قوة عسكرية بذراع اقتصادية يحسب له الأمريكي ألف حساب.
إن العالم وهو يمر بمفترق طرق، إما أن تكون جميع أطرافه شركاء في صياغة عناوينه بعيدًا عن الترهات الصهيوأمريكية بشأن ما يقال عن إعادة تشكيل العالم وإعادة تشكيل خارطة الشرق الأوسط، بل الذهاب بعيدًا بمعنى إعادة هندسة العالم ضمن قراءات تلمودية وهيمنة استعمارية تتسم بغطرسة القوة التي يلوح بها ويستعرضها كل من جندرما نتنياهو مدعومًا من ألفه إلى يائه من تكنولوجيا مالية تسليحية إمبريالية ترامب الأمريكية المحشو داخلها صراعات وتناقضات حادة مجتمعًا، وإرث التكوين التاريخي المختل المبني على مصادرة وإبادة شعب مماثل لجوهر ربيبتها الصهيونية إسرائيل. وها هو العالم يقف بكفة، وترامب وزمرته تحت مزامير داود يمعنان عمدًا إما تحت فرض الخضوع، أو ممارسة حروب الإبادة.
 
وهنا ينبغي القول: تبقى الكفة خالية إن لم تتحرك قوى عالمية حية، بخاصة بما سموه الشرق الأوسط قديمًا أو جديدًا، أصحاب هذا الشرق وساكنوه أيضًا أمام مفترق طرق؛ إما الذهاب بعيدًا بل أبعد مما جرى لسوريا ولبنان، وما يجري حاليًا مع إيران، لأنها قالت وتقول لا... والشرق الأوسط بقلبه العربي مطالب بإعادة ترتيب أموره الداخلية وفق فقه صيانة المصالح العربية العليا، بعيدًا عن الابتزاز، مع ضرورة إعادة صياغات تحالفاته، بعيدًا عن الهيمنة الاستعمارية الصهيوأمريكية، وما تبقى من نفس استعماري غربي... قد حانت ساعة تدوير محرك جوجل وفق مصالح العرب والمسلمين، باقي العالم بعيدًا بعيدًا عن أطماع جوجل الاستعمارية بعناوينها الكامن بقلبها خطر إبراهيمية التطبيع سبيلًا لإبادة وإنهاء قضية شعب فلسطين وعودته لأرضه ووطنه السليب... قد تجاوز العالم برمته تناول حبوب منع الفهم المسوقة تحت عناوين شتى خوفًا وتخوفًا من شيلوك وممن صنعوه.. قد وقع الصانع الغربي الأمريكي والمصنوع كمشروع صهيوني ظل ردحًا من الزمن صداعًا برأس العالم، حان أوان إنهاء خطره وإنهاء لعبته.
 
تلك رسالة الاستخلاص التي تبثها الحرب على إيران عنوانًا لها بمنطقتنا للأسف، وشعوبنا وبلداننا تدفع أثمانًا باهظة لها دون وجه حق مطلقًا.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً