صنعاء 19C امطار خفيفة

بين فوردو والعراق..

ترامب، المراوغ المهووس،منح الحكومة الايرانية مهلة أسبوعين 

لاستئناف المحادثات والتوصل لاتفاق ، لكنه سرعان ما تنصل وضرب بهذه المهلة عرض الحائط، ليتكرر سيناريو الهجوم المباغت على ايران قبل عشرة ايام لكن هذه المرة في اكثر ثلاث مواقع استراتيجية هامة لايران فوردو ونطنز واصفهان. 

 
في تصعيد غير مسبوق، وجهت الولايات المتحدة ضربة عسكرية مباشرة إلى قلب البرنامج النووي الإيراني، مستهدفة مفاعل "فوردو" العميق تحت جبال قم، ورافقتها بهجوم صاروخي مكثف شمل 30 صاروخ "توماهوك" على منشأتي نطنز وأصفهان.
 
وبينما أعلنت طهران أن لا أضرار في المنشآت النووية ولا تسرب إشعاعي، فإن ما يجري على الأرض يكشف أن المنطقة تقف على أعتاب سيناريو بالغ الخطورة يعيد للأذهان بدايات الاجتياح الأميركي للعراق.
 
المشهد لا يبدو جديداً. فذات السيناريو الذي استُخدم لتبرير غزو العراق عام 2003 يتكرر اليوم، بصيغة محدثة: اتهام بتخصيب اليورانيوم والاقتراب من تصنيع القنابل النووية، ضغط سياسي ثم تدخل عسكري تحت مظلة "الوقاية الاستباقية". العراق، الذي دفع ثمناً باهظاً لحرب بُنيت على معلومات ثبت لاحقا أنها غير صحيحة، ما زال يعاني حتى اليوم من التشظي، التفكك، والتدخلات الأجنبية.
يأتي هذا التصعيد على الرغم من تصريحات مديرة وكالة الاستخبارات الذرية، مارغان، بشكل واضح بعدم وجود دليل حاسم على أن إيران تعمل على تصنيع قنبلة نووية. إلا أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي يقود هذا التصعيد، رفض هذا التقييم قائلا إن مارغان مخطئة، واعتبر أن ضرب إيران ضرورة استراتيجية لوقف تهديدها المحتمل.
 
لقد تجاوز ترامب كل الاعتبارات الإقليمية، فالهجوم على منشآت نووية داخل إيران يضع دول الجوار في دائرة الخطر المباشر، لتكون أول المتضررين من أي تصعيد أو تسرب إشعاعي محتمل، بينما تبقى الولايات المتحدة بمنأى جغرافي عن تبعات هذه المغامرة العسكرية، اللمر الذي يعكس أن حسابات ترامب لا تأخذ في الاعتبار سوى مصلحته السياسية، حتى لو جاء ذلك على حساب أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط بأكملها.
 
ترامب الرجل الذي يُتقن اللعب على أوتار الخوف على الأمن القومي، يسعى من خلال هذا التصعيد إلى تحقيق انتصار رمزي يعزز صورته كقائد حازم في مواجهة العدو الإيراني وبطل يحمي امن اسرائيل في منطقة الشرق الاوسط ويوسع نفوذها باعتبارها ذراعها الاقوى هناك. لكن النتيجة، كما في العراق، قد تكون زعزعة استقرار إقليمي، تصاعد غير محسوب في ردود الافعال وبلا شك تعميق فجوة انعدام الثقة بين طهران وواشنطن.
الفارق الوحيد بين ما يحدث اليوم وما جرى قبل عقدين من الزمان، هو أن العالم الآن أكثر تشككًا، وأقل استعدادًا لتصديق روايات القوة المهيمنة دون تمحيص. فإذا كانت واشنطن قد اعترفت لاحقاً بأن العراق لم يمتلك أسلحة دمار شامل، فإن ضرب إيران اليوم وتوظيف الخطر النووي كذريعة للهيمنة، رغم تقارير الاستخبارات المناقضة لذلك، هو لعب بالنار واستعراض للقوة وفرض هيمنة وسيطرة للقوى العظمى. 
والخلاصة هنا ان الضربات الأميركية الأخيرة في استهداف إيران – بذات المنطق وذات الذريعة– يعيد إشعال الجدل حول شرعية التدخلات العسكرية، ويطرح علامات استفهام حول مصير امن واستقرار المنطقة. 
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً