صنعاء 19C امطار خفيفة

لا تفرحوا بصراع إيران وإسرائيل: أين هو مشروع العرب؟

في زحمة الأخبار المتلاحقة عن ضربات متبادلة، واغتيالات، وتهديدات عسكرية بين إيران وإسرائيل، يلوح في الأفق صوت شامت هنا، ومؤيد هناك، وكأن ما يجري معركة "ينتصر" فيها طرف ضد آخر لصالح العرب. لكن الحقيقة الأليمة أن لا إيران ولا إسرائيل تخوضان هذه المعركة لأجلنا، بل كلٌ منهما يسعى لترسيخ نفوذه على حساب العالم العربي، الضعيف والممزق.

 
إيران، بمشروعها العقائدي وأذرعها العسكرية الممتدة في لبنان وسوريا والعراق واليمن، تسعى لبناء هلال نفوذ شيعي يتحكم بمسارات القرار السياسي والأمني في أكثر من عاصمة عربية. أما إسرائيل، بمشروعها الصهيوني التوسعي، فتعمل على إعادة رسم خريطة الإقليم بما يخدم تفوقها الجيوسياسي والاقتصادي، سواء عبر التطبيع المشروط أو الضربات الاستباقية التي تبقي الآخرين في حالة استنزاف دائم.
وسط هذا الصراع، يبدو العالم العربي كـ"مسرح" للعمليات، لا كفاعلٍ في صياغة الأحداث. ما يُفترض أن يُثير القلق ليس فقط حجم التدخل الخارجي، بل غياب المشروع العربي المستقل، القادر على حماية المصالح القومية، وتحقيق الأمن والتنمية لشعوبه.
الشماتة في إيران، أو الانبهار بالقوة الإسرائيلية، لا تعني وعيًا سياسيًا، بل هي دليل على ضياع الهوية، وانعدام الرؤية. فكلما تصاعد الصراع بين القوتين، كلما ازداد العرب انكشافًا، وكلما تحولت أراضيهم إلى منصات للحروب بالوكالة، يدفعون ثمنها من دمهم واستقرارهم.
السؤال الحقيقي اليوم ليس: من ينتصر في المعركة؟
بل: ماذا نريد نحن كعرب؟ وأين هو مشروعنا؟
العالم لا يحترم الضعفاء، ولا يمنح الاحترام لمن ينتظر خلاصه من الآخرين.
ومع أن الحروب تبدو أحيانًا حتمية، إلا أن السلام العادل والدائم يظل الخيار الأنجع والأبقى. سلامٌ لا يُفرض من الخارج، ولا يكون غطاءً للاستسلام، بل يُبنى من الداخل على قاعدة العدالة، والكرامة، والنهضة.
ولذلك، فإن الوطن العربي لا يحتاج اليوم لمن يصفق لطرف على حساب آخر، بل إلى من ينهض بمشروع عربي جامع، يُعلي المصلحة المشتركة، ويؤسس لتحالفات داخلية تبني الإنسان قبل السلاح، وتعيد للأمة مكانتها بين الأمم.
فالفرح بسقوط طرف إقليمي لا يصنع نهوضًا، والتعويل على صراعات الآخرين لا يمنح سيادة، والرهان الحقيقي يبدأ حين نعيد طرح السؤال الذي غاب طويلًا:
ماذا نريد نحن؟

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً