تحل الذكرى الثامنة لاستشهاد الناشط المدني والمدافع الحقوقي أمجد عبد الرحمن، وسط أجواء لا تزال تغمرها مشاعر الحزن والأسى، في ظل غياب العدالة ومحاسبة الجناة.
وفي هذه المناسبة، أصدرت «مؤسسة أمجد الثقافية والحقوقية» - التي أنشأها أقرباؤه وأصدقاؤه بعد اغتياله - بياناً رسمياً، أعلنت فيه عن إطلاق الإصدار الثاني من سلسلة "كتاب أمجد"، تحت عنوان: "اغتيال الناشط المدني أمجد عبدالرحمن: جريمة مستمرة"، وهو عمل توثيقي يسعى لإحياء قضيته وتسليط الضوء على تفاصيل الجريمة والسياق العام المحيط بها.
من هو أمجد عبدالرحمن
ولد في 21 يونيو 1994، كان ناشطًا مدنيًا وحقوقيًا. عرف عنه نشاطه الثقافي والحقوقي والسياسي، ودفاعه عن قيم الحرية والعدالة الاجتماعية. كان أمجد يتمتع بشخصية محبة للحياة، ومؤمنة بالتنوير والحوار، ورافضة للعنف والتطرف.
مساء الـ 14من مايو 2017، كان الشاب أمجد عبدالرحمن محمد، يجلس في مقهى إنترنت، بمدينة عدن ، عندما دخل عليه مسلح يرتدي زي الشرطة، وقام باغتياله، في جريمة أثارت رعبًا واستنكارًا واسعين في الأوساط اليمنية، قبل أن يتّضح لاحقًا أن القاتل ينتمي لقواّت تتخذ صفة حكومية، وتنضوي ضمن ما يعرف بقوات "الحزام الأمني" التي دعمت دولة الإمارات العربية المتحدة تأسيسها وتسليحها وتمويلها.
وتكشف معلومات عن استخدام الجماعات الإرهابية عناصر في الداخل والخارج لجمع معلومات عمن يعتقد بأنهم "لا دينيون"، إذ تلقى أمجد رسالة تهديد عبر تطبيق "واتسآب" مصدرها مقيم يمني في الخارج.
وقد جاءت هذه الجريمة بعد سلسلة من التهديدات التي تلقاها أمجد بسبب نشاطه وأفكاره قام أهله وأصدقاؤه بتوثيق بعضها حيث أنه لم يكن يشارك أهله التهديدات التي تصله.
في الكتاب الثاني الذي تنشره المؤسسة يصف قضية أمجد بأنها "جريمة مستمرة"، نظرًا لعدم تحقيق العدالة ومحاسبة الجناة حتى الآن رغم معرفة الأطراف التي وراءها والأدلة التي تثبت إدانة كل من تورط في حادثة مقتلة. ويهدف الكتاب إلى توثيق قضية أمجد، والتعريف بها على نطاق واسع، والضغط من أجل تحقيق العدالة.
"النداء" تنشر نص البيان:
"في مثل هذه اللحظات الفاجعة والرهيبة من مساء يوم الأحد الموافق 14 مايو/ أيار 2017م إمتدت أيادي التطرف والإرهاب لتغتال الناشط المدني والمدافع الحقوقي – الطالب الجامعي أمجد محمد عبد الرحمن “الشهير بأسم أمجد عبد الرحمن محمد ” في جريمة إرهابية – بشعة لا تزال اصداء اهوالها تدوي وتؤلم كل ضمير إنساني.
ثمان سنوات، 96 شهرا، 2924، يوما، 70176 ساعة قاسية وأليمة مرت منذ ارتكاب الجريمة. إلا أن عزاؤنا أن أمجد فجر أيامنا، وإيقونتنا الملهمة، كان قد وضح الاساس النضالي سياسيا وثقافيا وحقوقيا، لمقاومة الواقع القاتم والعمل من أجل مستقبل أفضل، ونحن ومعنا مختلف الفاعلين في هذه المجالات سائرون على نهجه في سبيل الإنتصار لدمائه الطاهرة.
في هذه المناسبة الأليمة فإننا في مؤسسة أمجد الثقافية والحقوقية نجدد ادانتنا الشديدة لهذه الجريمة الإرهابية البشعة، ولكافة جرائم وأعمال التطرف والإرهاب.. ونجدد دعوتنا لكافة المنظمات الحقوقية والثقافية والسياسية بتكاتف الجهود والعمل سويًا من أجل الانتصار للضحايا والوقوف ضد هذه الجرائم التي لايمكن تحاوزها سوى بتحقيق العدالة. وبذلك نعيد التأكيد على الأتي:
إن جريمة اغتيال الناشط المدني أمجد عبد الرحمن هي جريمة إرهابية/سياسية مكتملة الأركان واضحة كل الوضوح، ارتكبت على خلفية نشاطه المدني السلمي “الثقافي والحقوقي والسياسي”، وهي بطبيعتها وجسامتها وخطورتها جريمة اعتداء على “الحق في الحياة” وجريمة اعتداء على “الحق في الحرية والتعبير عن الرأي والفكر والمعتقد”. وكلها حقوق أكدت عليها وحثت على واجب حمايتها كافة الشرائع السماوية، والمواثيق والمعاهدات الدولية، والقوانين الوطنية. وهي جريمة اعتداء على أمن واستقرار وسلامة المجتمع.
إن جريمة اغتيال المدافع الحقوقي والناشط التنويري أمجد عبد الرحمن بطبيعتها وفعلها المُجرم وفصولها وحلقاتها التي بدأت من قبلَ اغتياله وتواصلت إلى ما بعد الاغتيال وفي مستوياتها المركبة، هي وبكل المقاييس والمعايير جريمة إرهابية ذات طابع استثنائي ولم يسبق لها مثيل. فهي لم تقتصر على قيام القتلة الإرهابيين بإطلاق النار وبدم بارد على جسد الشاب والطالب الجامعي المسالم أمجد عبدالرحمن، وهو آمن مطمئن في مكان عمله فسقط شهيدًا في الحال، بل كانت قد بدأت بالتهديد لمرات عدة، واعتقاله وتعذيبة لمدة 24 ساعة داخل اقبية معسكر 20 يونيو، وبعد ارتكابها امتدت إلى منع وصول جثمانه إلى منزل أسرته ومنع وحرمان والديه وإخوانه من إلقاء نظرات الوداع الأخيرة على جثمانه، ومنع الصلاة عليه في المساجد أو تشييعه في مقبرة مدينة كريتر – عدن، التي ولد وترعرع فيها، وليس ذلك وحسب، بل ومحاولة منع الصلاة عليه وتشيع جثمانه في كافة مساجد ومقابر محافظة عدن، ومحاولة اختطاف جثمانه لرميها في البحر، ثم اعتقال ثلاثة من رفاقه الصحفيين من أمام منزله أثناء قدومهم لتأدية واجب العزاء، وتعذيبهم لأيام، وتشريد أصدقائه وكل من كان ينشط معهم وإلى جانبهم. هذه كلها جرائم متسلسلة لا تقل جسامة وخطورة عن جريمة الاغتيال بإطلاق النار على جسد أمجد وإردائه قتيلًا.
إن مرور ثمان سنوات على جريمة اغتيال الناشط المدني أمجد عبد الرحمن دون أن تقوم السلطات الحاكمة المعترف بها دوليًاََ “الشرعية” بمختلف مستوياتها ومؤسساتها وأجهزتها، بواجبها في تحريك ملف هذه القضية لا يعني أبدًا نسيانها أو طمسها، بل ستظل قضية حية وخالدة، وجريمة مستمرة، حتى يتحقق العدل والإنصاف.
إننا لا نستجدي العدل والانصاف لقضية أمجد، بل نطالب به ونشدد عليه، وسنعمل وبما نستطع فعله – وبالطرق القانونية لتحقيقه. فهذا حق أصيل من حقوق أسرة الشهيد أمجد، وزملائه واصدقائه ورفاقه، وكافة الناشطين المدينين، وهو حق أصيل على الدولة بمؤسساتها وهيئتها المختصة تاديته والوفاء به، وهو حق للمجتمع ولهذا فإن تخاذل السلطة الشرعية وأجهزتها المختصة، الأمنية والقضائية، عن متابعة هذه القضية وكشف تفاصيل الجريمة ومن يقف خلفها للرأي العام وملاحقة المجرمين الإرهابيين واعتقالهم ومحاكمتهم، يعد إخلالًا بواجبها والتزاماتها الدستورية والقانونية تجاه حماية حياة وحريات المواطنين ونشطاء المجتمع المدني وحقوق الإنسان، وتخليًا عن التزاماتها في حماية حقوق الإنسان، وإهدارًا لدم الشهيد وتشجيعًا للإرهاب والإرهابيين، الأمر الذي يجعل هذه السلطة عرضة للمساءلة القانونية أمام القضاء المحلي – اليمني – والدولي.. فقضية أمجد هي من القضايا التي لا تسقط بالتقادم. وحتمًا ستجد الإنصاف والعدل مهما طال الزمن.
لهذا ندعو منظمة العفو الدولية والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة هيومن رايتس ووتش، وجميع نشطاء وناشطات ومنظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان، وأنصار الحق في الحياة والحرية داخل اليمن وخارجها، الاستمرار في إدانة هذه الجريمة ومضاعفة أشكال المناصرة لقضية زميلهم الناشط التنويري والمدافع الحقوقي الشهيد أمجد عبد الرحمن، ومناشدة السلطة الحاكمة في اليمن وممارسة الضغوط الممكنة عليها للقيام بدورها والتزاماتها تجاه هذه القضية.
الخلود والمجد لشهيد الحرية والتنوير أمجد عبد الرحمن، والسلام والرحمة لروحه الطاهرة. وسلامًا عليك يا أمجد يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حي.
صادر عن مؤسسة أمجد الثقافية والحقوقية/ عدن."