صنعاء 19C امطار خفيفة

طوفان الأقصى:  سقوط نظرية “وحدة الساحات”

أثبتت تجربة “طوفان الأقصى” بما لا يدع مجالاً للشك أن ما عُرف بنظرية “وحدة الساحات” لم يكن سوى أمنية مبالغاً فيها، أكثر من كونه استراتيجية راسخة أو واقعاً عملياً متماسكاً. فما تحقق فعلياً لم يتجاوز حدود التنسيق الجزئي بين بعض أطراف محور المقاومة، وهو تنسيق لا يتعدى إرسال رسائل حربية محدودة التأثير، دون أن يرقى إلى مستوى الوحدة الميدانية أو التكامل الاستراتيجي الحقيقي.

 

وقد تجلّى هذا الخلل بوضوح حين طغت الاعتبارات الوطنية والداخلية لكل طرف على الموقف الجماعي، ما أدى لاحقاً إلى تراجع ملموس في تماسك المحور، وتآكل حتى الحد الأدنى من التنسيق الذي كان قائماً قبل توقيع لبنان اتفاق وقف الحرب مع الكيان.

اليوم، وبعد التطورات الأخيرة التي شهدتها المواجهة بين إيران والكيان، اتضح هذا الخلل البنيوي بشكل أكثر فداحة. بل يمكن القول إن درجة التنسيق، أو غيابه، باتت تُعد مؤشراً حاسماً على النصر أو الهزيمة في ميزان قوى المحور ككل، ما يجعل من هذا الجانب معياراً صامتاً يقيس مدى واقعية المشروع ومتانة بنيته.

ورغم هذا الانكشاف الصارخ، الذي مكّن الكيان من الاستفراد بأطراف محور المقاومة واحداً تلو الآخر، لا يبدو حتى الآن أن هناك أي تحرك جاد لإصلاح هذا الفشل أو إعادة بناء الحد الأدنى من التنسيق ــ ناهيك عن بناء وحدة حقيقية بين الساحات. وهو ما يثير تساؤلات عميقة حول مدى استعداد الأطراف المختلفة لتجاوز الحسابات الضيقة، واستيعاب دروس التجربة، وصياغة مقاربة جديدة تتجاوز الشعارات نحو رؤية واقعية ومستدامة، تؤسس لحالة ردع متناسقة ومتكاملة بشكل عملي… إن كان ذلك لا يزال ممكناً فعلاً.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً