صنعاء 19C امطار خفيفة

إسرائيل عدو يوحدنا، وإيران عدو يفرقنا من الداخل

الجدل الدائر اليوم حول تأييد إيران في حربها مع إسرائيل، أو الوقوف على الحياد، أعاد إلى ذاكرتي صديقي الأحوازي "أيوب سعيد" الذي عرفته قبل أكثر من عشر سنوات في لبنان.

 
أيوب مثقف موسوعي، وعربي أصيل، يقرأ في تاريخ البلدان العربية، ويهتم بقضاياها، ويسرد أحداثها وكأنه ابن هذه البلاد أو تلك؛ فحين يتحدث عن اليمن، أشعر وكأني أمام مثقف يمني ضليع بتاريخه، وحين يناقش الشأن السوري أو اللبناني أو المصري، يتكلم بمعرفة ووعي ينمّان عن شغف حقيقي بالعالم العربي وقضاياه.
 
من خلال أيوب، تعرفت على واقع عربي مؤلم في الأحواز، مخفي خلف الجدران الفارسية والأخبار المضللة. وكنت أظن - كغيري - أن الأحوازيين يُضطهدون لأنهم سنة في دولة شيعية، كما روج لذلك الإعلام العربي، لكنني تفاجأت حين أخبرني صديقي أن أكثر من 95% من الأحوازيين شيعة اثناعشرية، لكنهم يقدسون الصحابي عمر بن الخطاب، لأنه أذل الفرس، ومشكلتهم مع السلطات الإيرانية مشكلة قومية وليست طائفية؛ إذ يعانون من القمع والعنف، وأُعدم بعضهم لأنهم يرفضون التخلي عن لغتهم وهويتهم العربية.
 
فمجرد محاولة إحياء اللغة والثقافة العربية تُعتبر جريمة خطيرة في نظر الدولة الإيرانية، تؤدي إلى الإعدام.
 
كان صديقي يستمع لبعض الأغاني اليمنية من قبل أن أتعرف عليه، وكانت أغنية "يوم الأحد في طريقي" تطربه ويسلطن كلما سمع: "أرضنا أرض العروبة والنسب والدين واحد".
لم أرَ أحدًا يعتز بعروبته كأيوب، وكان يسخر ويصاب بالإحباط من الذين يمجدون إيران ووقوفها مع القضية الفلسطينية، ويتغافلون عن جرائمها بحق العرب. كان يقول لي:
"لا فرق بين إسرائيل وإيران، كلا الكيانين يحتلان أراضٍ عربية. الفرق فقط أن إسرائيل عدو يوحدنا ضده، وإيران عدو يفرقنا من الداخل."
 
بالفعل، الصفوية هي الوجه الآخر للصهيونية، وإيران لا يحكمها خامنئي، وإنما تحكمها نخبة قومية متطرفة، ودولة عميقة جعلت من خامنئي والتشيع وسيلة لاستخدام العرب وقودًا لصراعاتها.
وهو ما تشير إليه الكثير من التقارير البحثية الغربية؛ حيث أشارت صحيفة Die Welt الألمانية في أحد تقاريرها المستند إلى دراسات بحثية استخباراتية أن من يحكم إيران - فعليًا - ليست طبقة دينية، بل نخبة قومية فارسية متطرفة تتخذ من خامنئي واجهة لتسويق مشروعها، وتستخدم العرب كوقود في حروبها، بينما تحتقرهم عرقيًا، وأن الواقع الفعلي للسلطة في إيران قائم على تحالفات أمنية واقتصادية، أكثر من كونه سلطة دينية.
 
وعادة ما يصف المتطرفون الفرس العرب بألفاظ مهينة، مثل: "مشخور" (آكل الجرذان)، و"مارمولكخور" (آكل السحالي)، وغيرها، دون أي تمييز بين سني وشيعي.
 
الخلاصة: إن النخبة المتحكمة بإيران لا تؤمن إلا بالإمبراطورية الفارسية، وتسعى لإعادة مجدها التاريخي على جماجم العرب ودمائهم، وما التشيع والمقاومة إلا غطاء لرغبتها بالتوسع والهيمنة على المنطقة.
 

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً