شهدت مدينة المكلا، الأسبوع الماضي، وقفة احتجاجية تضامنية مع الصحفي مزاحم باجابر، الذي لا يزال رهن الاحتجاز دون توجيه تهمة واضحة من الجهات الأمنية، وسط أنباء تتحدث عن أن توقيفه جاء على خلفية منشورات انتقد فيها أداء السلطة المحلية في حضرموت.
الوقفة، التي دعا إليها مرصد الحريات الصحفية والإعلامية، شارك فيها عدد من الصحفيين والنشطاء والإعلاميين اليمنيين، ورفعت خلالها لافتات تطالب بالإفراج الفوري عن الزميل باجابر، أمام مبنى المجمع القضائي بمدينة المكلا. وجاءت هذه الفعالية امتدادًا لحملة تضامن واسعة النطاق أطلقتها نقابة الصحفيين اليمنيين، وشاركت فيها منظمات حقوقية وصحف مستقلة، من بينها صحيفة "النداء"، في موقف موحد أدان استمرار احتجاز الصحفي ورفض الأساليب التعسفية التي يتعرض لها.
وبحسب تقارير حقوقية، فقد اعتُقل باجابر في 18 يونيو 2025 بأمر من قوات الأمن التابعة للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بناءً على مذكرة صادرة عن المحكمة الجزائية المتخصصة، في خطوة أثارت قلق المنظمات المعنية بحرية التعبير. ووصفت لجنة حماية الصحفيين، ومقرها واشنطن، هذه الخطوة بأنها انتهاك صريح للمادة (13) من قانون الصحافة والمطبوعات اليمني، والتي تحظر سجن الصحفيين بسبب آرائهم أو ما ينشرونه في إطار عملهم المهني.
وفي بيان أصدرته اللجنة بتاريخ 3 يوليو، طالبت بالإفراج الفوري عن باجابر، مؤكدة أن اعتقاله يمثل انتهاكًا لحقوق الصحفيين، ويعكس نزعة سلطوية تسعى إلى إسكات الأصوات الناقدة وتكميم حرية التعبير.
ورغم تزايد المطالبات الحقوقية، لم يصدر عن السلطات أي توضيح رسمي بشأن أسباب الاحتجاز سوى بعد أيام، حيث أشارت مصادر حقوقية إلى أن نيابة أمن الدولة في حضرموت أصدرت مذكرة توقيفه على خلفية منشورات تتناول اتهامات بالفساد ضد قيادة المحافظة، دون تقديم أي اتهام جنائي واضح، وفقاً لما ذكرته منظمة "مراسلون بلا حدود".
وفي ظل استمرار التجاهل الرسمي، يُطرح التساؤل مجددًا حول جدوى بيانات الإدانة وحدها، في بلد تتعدد فيه السلطات وتغيب فيه الضمانات الأساسية لحماية الصحفيين، سواء في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين أو في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.
ويبقى صوت التضامن مهمًا، لكنه وحده لا يكفي لكسر القيود أو فتح أبواب السجون. فالكلمة الحرة التي تُطلق دفاعًا عن زميل معتقل، هي جوهر الفعل الإنساني وأعلى أشكال المقاومة السلمية، في وطن تخنقه أدوات القمع وتحاصر فيه الحياة بالقوانين المؤجلة والخوف الدائم.
وهي دعوة إلى كافة الصحفيين والناشطين والمدافعين عن الحريات في مختلف المدن اليمنية لمواصلة الضغط من أجل الإفراج عن الصحفي مزاحم باجابر، ورفض كل أشكال الاستهداف الممنهج للصحفيين. كما هي دعوة إلى تحرك نقابي وحقوقي واسع النطاق، يضع حدًا للاعتقالات التعسفية، ويعيد الاعتبار لقيمة الكلمة الحرة.