صنعاء 19C امطار خفيفة

عن إشكالية أنصار الله مع المجتمع

أنصار الله ليسوا شياطين، كما أنهم ليسوا ملائكة. فهم، كسلطة أمر واقع، لديهم اجتهاداتهم وتقديراتهم السياسية، وفيها ما هو صواب، وفيها ما هو خطأ، بل وقد تتضمن أحيانًا أخطاء وخطايا متعمّدة، تتسق مع طبيعة أي سلطة غلبة نشأت في ظروف الحرب والصراع.

 
وعليه، فإن إشكاليتهم كسلطة، من حيث الأداء السياسي والإداري، يمكن تفهّمها ضمن السياق العام، ومقاربتها بعين النقد والتحليل نحو الإصلاح. لكن الإشكالية الأخطر، التي يصعب على غالبية الشعب تقبّلها، وتبدو – حتى الآن – غائبة عن وعيهم النقدي وتقييمهم الذاتي، هي سعيهم لفرض معتقداتهم ورؤاهم الفكرية والعقدية بالإكراه، مستغلّين في ذلك أدوات السلطة ومختلف وسائل الضغط.
 
الأكثر خطورة هو الدمج المتعمد بين فكرة “الدفاع عن الوطن” وبين رؤيتهم الأيديولوجية، بحيث يُختزل مفهوم الوطنية في الولاء لفكر الجماعة، وتُعد معارضتهم خيانة، بل قد يصل الأمر في بعض الأحيان إلى نزع صفة الإيمان عن المخالف، ووصمه بأنه “منافق” أو “مرجف”، لا مجرد “ضد الوطن” أو “مرتزق”.
 
وهذا النهج يُنتج صدامات متكررة مع المجتمع، تستنزف رصيد الجماعة الإيجابي، وتُكرّس فكرة الصراع ليس فقط بين القوى السياسية، بل على مستوى المجتمع نفسه، ليأخذ شكل صراع عقائدي بصيغة حاسمة: “إما نحن أو أنتم”.
 
وإذا تمعّنا في التجارب التاريخية، سنجد أن المنطق البسيط يقول: يمكنك أن تحكم الناس بالإكراه، لكن من المستحيل أن تغيّر أفكارهم ومعتقداتهم بالقوة. وهنا تحديدًا يكمن جوهر الإشكال، وهنا يتجلّى الفارق الجوهري بينهم وبين بقية سلطات الأمر الواقع، التي تمارس الإكراه بدورها في الحكم، لكنها لا تسعى لفرض أيديولوجيات شمولية على المجتمع.
 

ملاحظة:

 
نحن لا ننتقد أنصار الله بمنطق الإقصاء أو الاجتثاث، كما يطرحه بعض المتطرفين، بل من منطلق الحرص على الإصلاح والمصالحة، والحفاظ على التنوع، وخلق شراكة وطنية تنقذ البلاد وتُخرجها من أزماتها المتراكمة. فهم جزء أساسي ومهم من المشهد اليمني، ومن المهم أن تتسع رؤيتهم للقبول بالآخر كما هو، وأن يُعاد النظر في استخدام الإكراه فيما يخص الفكر والمعتقد.
فالوطن يتسع للجميع… وبالتنوع والتعدد يصبح اكثر اتساعاً واستقلالاً وازدهاراً .
 
والله من وراء القصد.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً