أدركتهم الفاقة.. نهضوا واستنهضوا الهمم.. وقلبوا الأنظار.. فما وجدوا سوى جبال جرداء.. اتجهوا إليها..
فطوعوها.. ودانت لهم..
أحالوها مدرجات بأشكال هندسية تخطف الأبصار.. ولاحقًا تحولت إلى بساط أخضر.. حدائق غناء.. وحقول تفيض بالعطاء.. وتجود بالخيرات والبركات..
بعد أن استزرعوها بما لذ وطاب..
يومها كان التاريخ حاضرًا.. ولحظة بلحظة، وثق بعدسته اللاقطة، ودوّن يوميات استفراغ الجهد المبذول، وثبتها على هيئة لوحة طبيعية..
متموجة الظلال والأنداء..
ستظل شاهد عيان على تقادم الدهور ومر الأزمان..
وعلى مدى العصور ستظل
مروية ملهمة،
وسردية كفاح تتناقلها الأجيال..
لم يتقاعسوا.. لم يستكينوا ويكسلوا ولم يستسلموا، حينها، للفاقة.. ولم تهزمهم المساغب ولا المتاعب..
ولم يركنوا، كذلك، للخنوع والدعة..
لكنهم، من فورهم، حركوا آليات ماكيناتهم الذاتية.. واستنفروا طاقتهم الشخصية.. ونهضوابجدارة ممكناتهم،
وبعزم لا يلين..
دانت لهم الأطواد الشامخة..
نقشوها من صميم الصخر بلوحة بديعة منمنمة.. لا أجمل ولا أروع..
وزينوها بذكريات ستبقى خالدة لا تبلى..
وبعد أن خلدوا مآثرهم الماثلة، واستكملوها كمنجزات.. معلقة بين الأرض والسماء.. على هيئة معجزات.. كسبوا أمنهم الغذائي..
وحققوا الوفرة الوفيرة..
فسدوا رمقهم..
وشبعوا وأشبعوا..
كما عاشوا مطمئنين ومكتفين..
ثم..
وبعد أن تركوا بصماتهم الخيّرة..
في ذمة الله ذهبوا..
وهكذا.. بلسان الحال يقال:
من هنا مروا..
وهذا الأثر..