يا رب ماذا فعلنا؟
وماذا ارتكبنا من جرم حتى أصبحنا هكذا في حال يرثى لها؟
كل الأبواب المؤدية للفرج والمخارج الآمنة انغلقت.
كل الطرق أمامنا أصبحت شائكة وخطره للغاية.
أحوالنا لم تكن بأحسن حال، بل إنها تزداد سوءًا وتعاسة وألمًا.
حديث الناس عند سماعك له لا يحسسك بشيء من الفرح وانبلاج هذه الغمة الداكنة التي ملأت صدرونا ضيقًا وقهرًا.
حديثهم عن البلاوي والمشاكل التي تحصل بين كل ساعة وساعة.
قتل هنا واختطاف هناك.
فحتى المطر الذي كان يأتينا بالدمار والخراب، لم يأتِ، مع أن أغلب الناس يتمنونه لكي تخضر الأرض بالزراعة، وتترطب الأجواء بالبرودة.
لا تسمع في هذا الوقت إلا من مثل هذا القول.
مريض لا يقدر أهله على توفير حتى أبسط وأرخص الأدوية له.
وحتمًا ستسمع وتمر عليك من هذه الأشياء المخيفة والمفزعة عمن يرتادون المستشفيات حكومية كانت أو خاصة لغرض التعالج بهذه المستشفيات.
وقد تسمع القصص والروايات الغريبة في هذه المستشفيات.
الأخطاء الطبية المؤدية للموت لا غيره، وليس كما يتوقعه من يذهبون وهم على أمل كبير في العودة بمرضاهم وهم أصحاء.
ومن قصص هذه المستشفيات، قرأت ما أفزعني وجعل الخوف يتسرب إلى كل جسمي، وهذه قصة حقيقية يحكيها أحد مرتادي هذه المستشفيات.
إذ إنه كما يقول دخل بوالده المريض لغرض علاجه، وياريت لم يدخل، فتم التلاعب وعدم الاهتمام بمريضه، ولم يقدموا له أي علاج إلا الترقيد.
وهذا يظهر أن همهم الوحيد هو كسب المال من هذا المريض وغيره من المرضى عبر الترقيد دون تقديم العلاج.
حتى إنهم عاملوهم معاملة غير إنسانية، ولم يكتفوا بذلك، فما إن رأوا وتأكدوا أن المريض شارف على الموت الذي هم السبب فيه بعد الله، فتم إخراج المريض ومرافقه من المستشفى، ظانين ومعتقدين أنهم بريئون، وليس لهم يد في ذلك.
هذه واقعة حقيقية جرت في أحد المستشفيات الخاصة كما رواها من تأذى وذاق العويل والعذاب في ذلك المستشفى.
نعود ونقول اليوم لم يصبح للتعجب والدهشة مكان ونحن نسمع يوميًا أسرًا تناشد بحرقة وألم شديد من ينقذ أولادهم من الجوع.
اليوم ما كان في الستر ولا أحد يسمع به، أصبح مباحًا، والسبب حاجة الناس لذلك بحكم الوضع الاقتصادي الخطير الذي نمر به.
الكثير يحدث نفسه عن تغير كبير في سلوكه وفي نفسيته المتغيرة مع المتغيرات المأساوية التي عصفت بالبلاد والعباد، وأنهم أصبحوا أكثر هذيانًا وهلوسة.
الكثير لا يرغبون في الاختلاط مع الناس مثلما كانوا من قبل.
الرجاء لا أحد يعتب أو يلوم أحدًا إن رآه متغير الطباع ومنكسر العزيمة، فالأوضاع الحالية هي من جعلتنا هكذا.
حكايات وقصص كثيرة غريبة وعجيبة تحدث في هذا البلد الذي أصبح مواطنوه فريسة سهلة لمن أراد بهم الأذى والعذاب.
الفرح وأيامه التي نحلم بعودتها للآن محتجبة عنا، ولم نرَ لها وجودًا في الواقع، إلا ما تم شرحه على عجل وفي نطاق ضيق، فلم نتوسع أكثر في ما هو حاصل ويحصل يوميًا من القصص والروايات التي أحالت حياتنا إلى جحيم.
والله المستعان.