يبقى الشاعر الكبير حسين أبو بكر المحضار رمزًا متجددًا في سماء الشعر العربي الشعبي، وأيقونة لا يغيب بريقها مهما تعاقبت الأزمان وتبدلت الأماكن، فهو واحد من القلائل الذين نقشوا كلماتهم في وجدان الناس بحروف من إحساس صادق وصور شعرية تنساب كالماء العذب في قلوب العشاق، فقصائده ليست مجرد كلمات تُقال، بل ألحان تنبعث من صميم الوجدان لتلامس الأرواح في كل مكان وزمان.
والمحضار في إبداعه الشعري نسج من الكلمة جسورًا تتجاوز حدود اللهجات، وتخترق اختلاف الألسن، فمهما تباينت نبرات البلدان العربية، إلا أن الجميع يتسلطن عند سماع أشعاره التي تحمل في طياتها نكهة حضرمية أصيلة ممزوجة برقة المعاني ونعومة الانسياب، فلا عجب أن تجد كلماته تتردد في المجالس، وتصدح بها الأصوات في الحفلات، ويتسابق كبار فناني الخليج والعالم العربي إلى التغني بروائعه، لأنها ببساطة تخاطب القلب قبل الأذن، وتخترق الشعور قبل التفكير.
لقد صنع المحضار مدرسة فنية متكاملة جمعت بين البساطة والعمق، وبين الأصالة والحداثة، وبين جمال التعبير وصدق الإحساس، حتى أصبحت قصائده جزءًا من ذاكرة الفن العربي الأصيل، وجسرًا يربط الأجيال ويجمع الذائقة الفنية في قالب واحد يتغنى به الكبير والصغير، ويستلذ به كل من يملك ذوقًا فنيًا راقيًا وأذنًا تستمع للجمال بحس مرهف.
ورغم مرور السنين يظل شعر المحضار حاضرًا متألقًا في كل ركن من أركان الوطن العربي، تتردد أبياته في السهرات، ويتغنى بها الفنانون في كل المنصات، وتصدح بها المسارح من عدن إلى الخليج ومن حضرموت إلى كل المدن العربية التي عشقت هذا اللون الأصيل من الشعر والفن الذي أهداه لنا شاعر كل الأزمنة حسين أبو بكر المحضار.
سلام على روحك الطاهرة أيها المبدع الخالد، ورحمة تظلك حيثما كنت، وبقاء دائم في ذاكرة الفن العربي وفي قلوب كل من أحب الشعر العذب والكلمة الصادقة.