صنعاء 19C امطار خفيفة

لِمَا قبل كتبت.. لِمَا بعد سأكتب..

ولأن لكل مقام مقالًا.. ولأن الأمس غير اليوم.. غير الغد.. لكن.. يظل الإنسان قاسمًا مشتركًا للزمان وللمكان.. وكونه كائنًا يتغير.. تتبدل معه أداءاته.. وتفضيلاته واختياراته وخياراته.. تتبدل نظرته للكون وللحياة.. وهو في كل مرة يسعى ليدخل التعديلات ويكيف مساراته.. ويعبد طرقه.. ويعيد برمجة وخطط حياته.. وقد يستحدث مكنزمات لتحديث رؤاه ونظراته للكون والحياة..

 

انطلاقًا مِن: مَن لم يتجدد يتجمد أو يتبدد.. كتبت في هذا الشأن لما كان.. وحالًا أكتب لما هو كائن.. ويحدوني الأمل لأن أكتب لما سيكون..

تمدك المعايشة اليومية بما تزخر به من معارف وذخائر.. وشتى العلوم والفنون.. وتجود إليك بمادتك الخام للكتابة..
مشاهد الواقع، هي الأخرى، تسعفك بما تحتاجه، بما هي أشبه بكتاب مفتوح، توفر لك وتهيئ الجو المناسب لأن تترجم اعتمالات الواقع بوصف الوقائع..
غير أن الإشكالية تكمن في من لم يحسن الاحتشاد، من لا يجيد استغلال خزائن مواهبه، وتفعيل حواسه، من لا يستحث ذخائر فكره، وممكنات ملكاته، وكل ذلك عندما تروم الحديث عن الآتي البعيد أو القريب.. تشوّف المستقبل واستشرافه والتخطيط والإعداد له.
لا بد أنه فن يتوسل بعد الخيال، واتقاد الفكر، وقاعدة معلومات، واستجماع قوة الملاحظات، والتنقيب عن مفعّلات النبوغ.. إلى غير ذلك مما يتطلب من تراكم الخبرة التاريخية، والقدرات المكتسبة.. والأخذ في الاعتبار التوجيه الصحيح لجهود التنفيذ وتسديد الهدف..
والحديث عن المستقبل ذو شجون، وإن كانت بيئاتنا لا تحسن التعاطي معه، ولا تجيد الخوض فيه.
لم تعلمنا المدارس، ولا الجامعات، حتى، نحن، في الغالب، تظل نظراتنا قيد الماضي، وفي أسر اللحظة العابرة والمعيشة، على أحسن تقدير، نفتقد البوصلة المشيرة نحو المستقبل.. نعده رجمًا بالغيب..
في الوقت الذي يرجموننا عن قوس واحدة بنتائج استشرافاتهم ودراساتهم وأبحاثهم المستقبلية.. ينتجون لنا المفيد النافع.. وأحيانًا،
أحيانًا، يضمنون منتوجاتهم شيئًا من الأضرار..
الأضرار التي لا نجيد التعامل معها، ولا نفقه آثارها السالبة والتداعيات..
نقعد، نحن، نندب الحظ.. ونولول، وما باليد حيلة من أن نعفي أنفسنا عن الخنوع، وتوجيه اللوم للآخر..
ننطوي على خيباتنا، ونرتكن إلى تقاعسنا وخمول أذهاننا والكسل..
وفي هذا الجو المريح.. نشير بأصابع الاتهام.. نستعيذ.. وليس أكثر..
وإلى هنا.. فالحديث لم يبدأ..

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً