صنعاء 19C امطار خفيفة

عيون أسرتها على المستقبل

عبدالباري طاهر في رسالة حب إلى النداء: العزيز سامي غالب رئيس تحرير النداء

عبدالباري طاهر في رسالة حب إلى النداء: العزيز سامي غالب رئيس تحرير النداء

 الأعزاء هيئة التحرير تحية كأخلاقكم الراقية..

 أجدني عاجزًا عن التعبير عن مدى امتناني لصنيعكم الزاكي، وجميلكم الذي يفوق التَّصوُّر، وإحسانكم الذي لا أحسنَ مِنْه.

أيُّها الأعزاء لقد عملت في عشرات الصحف والمجلات لسنوات، ولم أذكرْ مَا صنعت، ولم يذكرني أحد. ومنذ العدد الأول من «النداء» وجدتُنِي مشدودًا إلى خِطَابها، وتناولها للخبر، وتعليقها، والمقالات المختلفة، وطريقة التناول، والدقة في قراءة الأحداث، والنزاهة والموضوعية. والأهم عدم الانجرار إلى «هوشلية» الصراع القائم حينها، والإدراك لطبيعة الصراع المميت مِنْ حَول تركة الرجل المريض (السلطة).

 
لقد نأت «النداء» بنفسها عن متاريس الاقتتال، وبُؤَر التكالب والتآمر، وليل ظلام العصبيات القاتلة، ودفعت الثمن بَاهضًا.
 
وجدتني أكتب مع فريقها المتسم بالذكاء والصبر وحسن تقدير الأمور والتبصر في الأمور وقراءة الأحداث المجنونة قبل الربيع العربي وبعده.
 
أذكر اختطاف بعض كُتَّابها: عبد الكريم الخيواني، وسرقة أدواتها الفقيرة والمحدودة، والتهديد لطاقمها، والإساءات المتكررة لنهجها ومحرريها.
 
كان الدكتور أبو بكر السَقَّاف شديد العناية في اختيار أين يكتب، وكانت «التجمع» و«النداء» هما الصحيفتان اللتان منحهما ثقته وقلمه، وردت «النداء» الجميل للقامة العلمية الشامخة.
 
أمَّا محسوبكم كصحفي، فأنا أكتب في أيِّ صحيفة، ولا يهمني اتجاهها؛ لأنَّ مسئوليتي حدود ما أكتب، ولا علاقة لي بسياسة أو نهج الصحيفة التي أكتب فيها.
 
لكن الأمر مع النداء والارتباط بها والكتابة لها كان مختلفًا تمامًا. لقد كانت الكتابة لها مسئولية أدبية وأخلاقية؛ وهو ارتباط عاطفي وعقلي. فهي بالنسبة لي المثل الأعلى، لِمَا ينبغي أن تكون عليه الصحيفة في واقع يمني متصارع ومأزوم ومحكوم بقوى أعمتها مصالحها الذاتية والأنانية في بلد يتفكك ويتقاتل وَيُدَمِّر بأيدي حُكَّامِه وُمعَارضِيهِم.
 
لقد كان للنداء -ولايزال- نهجٌ مغايرٌ ومختلف. ربما أنَّ لهيئة التحرير عيونًا على المستقبل، ورؤيةً للواقع، وتبصرًا في مدى القدرة على المعالجة؛ وتواضعهم، وحرصهم على خطاب عقلاني ومتزن يعزز هاته الرؤية.
 
الأعزاء هيئة تحرير النداء غمرتموني بصنيع لا يُنسَى، وجميل لا يبلى أعجز عن رَدِّه. عندما أمر الشهيد إبراهيم الحمدي بمِنْحَةً علاجية لعيون الشاعر الكبير عبد الله عبد الوهاب الفضول رد عليه:
 
أقِلني من الدَّين الذي هُوَ مُثقِلي
بِهَمٍّ وأقسى الدَّينِ ما ليسَ يَرجِعُ
 
ولكم أعزائي في رقبتي دينٌ لا أستطيع سداده، ولا أقدر على رَدِّه.
 
أمَّا أنت أيُّها السامي دومًا فمقدمتكم اعتبرها عِظَة وتعليمًا بما يجب أن أكون عليه، وأحتذيه في مسلكي؛ متمنيًّا القدرة على تَمَثُّلِهِ، وأن أكونَ عند حسن ظن سامي غالب الإنسان الرائع الذي أتعلم منه ومن سلوكه أكثر من قراءة عشرات الكتب..
 
وَمعَ النِّداء دومًا! وَشَرفٌ لي أن أكون من مُستجيبي النداء.

الكلمات الدلالية

إقرأ أيضاً