في خطوة نعدها خطوة جيدة وجبارة، تهدف كما في الترتيب والتنسيق لها، إلى حفظ التراث الشعبي والفنون الموسيقية الكويتية.
إذ إنه الإخوة القائمين على التراث والفنون في دولة الكويت الشقيقة، اتفقوا مبدئيًا، بل تم الاتفاق مع المايسترو الشاب الخلوق محمد القحوم، لكي يقدم بعض الأعمال الفنية الكويتية بقالب أوركسترالي جميل، ومتى ما تمت هذه الأعمال المنتظرين لها بفارغ الصبر، فنجزم القول إن هذه الأعمال ستعاد للواجهة من جديد، وهي قد لبست الثوب الجديد.
كذلك ظهور هذه الأعمال بالتجديد الأوركسترالي المرغوب للمتلقي، وكل محب للفنون، هو دليل قاطع على حرص الإخوة في دولة الكويت في مسألة المحافظة على تراثهم وفنونهم واستمرارها لتعرفها الأجيال القادمة أنها من صلب أرضهم، وأنها هويتهم، وهي دون غيرها من وجب الاعتناء والاهتمام بها.
محمد القحوم كما عرفناه في كل أعماله الفنية السابقة، رجل مجتهد ومخلص لعمله، وهذا الاجتهاد والإخلاص دائمًا ما نراه يعود بالفائدة ليس لمحمد القحوم وحده، بل لنا جميعًا ممن نتتبع أعمال هذا المبدع في زمن قل فيه المبدعون الحقيقيون، وظهر فيه من يدعون الإبداع وهو بريء منهم.
المايسترو محمد القحوم ربي يبارك بما يحتفنا به من وقت لآخر، فهو لا يكل ولا يمل من الغوص العميق في التراث الشعبي والفنون الموسيقية، وكل هذا لأجل إظهار شيء من ذلك التراث ومن تلك الفنون التي نرى أنها تستحق الظهور في مساحات واسعة وأوقات متواصلة.
دولة الكويت كما هي معروفة لنا على أنها من الدول العريقة في فنونها وتراثها الكبير، كيف لا وهذا البلد أنجب بحارة وربابنة ونواخيذ كبارًا، وبما أنه لنا نحن هنا في اليمن تراث بحري نتفاخر به، فهم بالمثل لهم تراث بحري غزير، فربابنة البحر ونواخيذ السواعي الكويتية طافوا في ما مضى من وقت وزمن بعيد، بالمحيطات والبحار، وكان مؤنسهم في رحلاتهم البحرية الأصوات الغنائية التي تتوالد في تلك الرحلات، ومن خلالها يخففون على أنفسهم مشاق الرحلة التي تأخذ منهم الوقت الطويل، قبل ظهور وسائل النقل البحري الحديثة، على خلاف تلك الوسائل القديمة التي عاشوها بحلوها ومرها أيام السفر بالشراع.
وهنا يحضرني بيت الشاعر الكبير الراحل المحضار في ذكره للشراع وأهميته، إذ يقول:
سافرت وشراعك ملان
ومعاك بحرية زيان
كلين واقف عند زامه
إن راهنوا كسبوا الرهان
وانته رزوحك والمتاريس
قايس وعادك في النفس
ماشي في الغبة مقاييس
وبالعودة للتراث والفنون الموسيقية الكويتية، فالتراث الكويتي في مجمله كما هو بادٍ لنا أنه قادم على نقلة نوعية، نقلة ستظهره للجميع من خلال الأعمال الفنية القادمة التي بعون الله سنراها قريبًا.
ما يعجبني كثيرًا، بل ما يعجبني لحد جعلي في فرحة لا توصف، هو اشتراكنا نحن سكان المناطق الساحلية هنا، مع الإخوة في دولة الكويت في أشياء كثيرة، لكن اشتراكنا في الفنون البحرية الجميلة هو الأكثر إعجابًا وفرحًا، وهو ما يقربنا ببعض، ويقصر المسافات مهما كانت بيننا طويلة، فمن سبقونا قربوا تلك المسافات على طولها، وتآلفت قلوبهم بالمحبة والتآخي.
وما بقى من قول هو أننا سنظل في انتظار متواصل حتى ظهور تلك الأعمال القادمة، مع دعواتنا للمايسترو محمد القحوم وفرقته الموسيقية بالنجاح والتوفيق في تقديم فنون الكويت في أجمل وأحلى صورة.