غزو حضارة البوب.. كرة القدم.. بين أسهم رجال المال والصفقات الخيالية للنجوم

لم تدر في أذهان الكثير من عشاق رياضة كرة القدم، أن تصبح اللعبة الأكثر شعبية علي مستوى العالم، بين مفترق طرق السباق المحموم على شراء الأندية، والصفقات الخيالية في عقود النجوم الكرويين الأكثر شهرة في الملاعب العالمية.
مطلع الثمانينات، كتب الأديب المصري الراحل «توفيق الحكيم» في مجلة أخر ساعة مقالاً بعنوان «انتهاء دولة القلم وبداية دولة القدم» والتي بشر من خلالها ببروز ظاهرة ثراء نجوم الملاعب المصرية مقابل ضآلة مقدار ما يحصل عليه العاملون في حقل الإبداع المعرفي، على الرغم من أن نجوم مصر الكرويين في تلك الحقبة كانت تتجاوز مرتباتهم الشهرية من الأندية ما بين 600 - 3000 آلاف جنيه مصري على مستوى بعض المشاهير كالخطيب وشحاته وأبو رجيله وإكرامي، فيما تتجاوز حالياً مرتبات أبو تريكة ومتعب وبركات وعبدالحليم حاجز ال200 ألف جنيه، مع النظربكل تأكيد إلي فوارق الزمن الاقتصادية، والتي جعلت اللاعب المصري يعتلي قائمة الأعلى دخلاً يليهم اللاعبون التونسييون على مستوى القارة السمراء التي ترزح بين عوامل الفقر والصراعات المستمرة على نقيض جارتها الصفراء الآسيوية والتي بدأت فيها الجهة الأقصى شرقاً بالاهتمام باللعبة منذ العقدين الماضيين، مستندة عليها باقتصاد غني خلق أندية مؤسساتيه تهتم بشؤون لاعبيها كمحترفين اساسيين على عكس الجزء المتوسط والغربي للقارة والتي برزت فيه مؤخراً الكرة القطرية في عملية تجنيس واستقطاب محترفين اجانب منتهيين الصلاحية، في مجاراة جارتها الكبرى المملكة العربية السعودية والتي يقود فيها رجل الأعمال «منصور البلوي» رئيس نادي الاتحاد ثورة جزئية في هذا المجال الذي جعل هذين الدولتين إلى جانب الإمارات على رأس القائمة الأغنى كروياً على المستوى العربي.
مراسم فيكتوريا
سارت لعبة كرة القدم بشكل روتيني بطيء الحركة منذ الثلاثينيات حتى نهاية السبعينيات كرياضة تخضع للمراسم التقليدية للأنجليز. أصحاب الفضل في تعريف العالم لهذه الرياضة المخضوعة وهماً باسبقية اكتشافها في نطاق حضارات الصين والفراعنة وفي دلالة واضحة تهكمياً على تواضع وفقر البريطانيين في إحراز الألقاب الدولية في المضمار الكروي والتي اقتصرت قارياً فقط على بعض أنديتها العريقة والمساهمة بشكل كبير في العقدين الأخيرين بعملية ثراء نجوم اللعبة إلى جانب الكاليشيو الإيطالي والليغا الأسباني الذي افتتح مبكراً عجلة الصفقات عبر نادي برشلونة الذي وقع في 1982م صفقة خيالية مع النجم الأرجنتيني «مارادونا» بلغت خمسة ملايين دولار أمريكي، ليقفز بعد ذلك الغريم الملكي بتسليط اضواء صفقاته مع البرازيلي روبرتوكارلوس والفرنسي زين الدين زيدان والانجليزي ديفيد بيكهام الذي شكل تجاوزاً منقطع النظير في ارتفاع اسعار اللاعبين بعد توقيعه لعقد احترافي مع فريق لوس انجلوس جالاكسي الأمريكي وصلت فيه الصفقة إلى مبلغ يقدر ب250 مليون دولار للاحتراف في بلد لايهتم كثيراً بهذه اللعبة وشغفه بألعاب اخرى كالبيسبول والسلة والملاكمة والهوكي على الجليد والفوتبول الأمريكية.
أقدام السوكر
يطلق الأمريكان على لعبة كرة القدم المعروفة هكذا في اصقاع الأرض بالسوكر، وهم الذين يكونون خليط أوروبي أنجلو سكسوني وأفارقة ولا تينيون أكثر شغفاً بهذه الرياضة التي مارسها الأمريكيون منذ العام 1894، إلى جانب مساهمتهم في النشأة الأولى لبطولة كأس العالم في كرة القدم والتي شكل فيها هذا المحفل العالمي غياب العم سام لأكثر من ثلاثة عقود عاد بعدها النسر الأمريكي للحضور المتواضع حتى الدورة الأخيرة وهو الذي كان قد سبق وأن حاول إبراز اللعبة لمواطنيه من خلال استجلاب البرازيلي «بيليه» والألماني «بكنباور» الذين يعدون أساطير لامعة كروياً عبر أبواب فريق كوزموس الأمريكي في مطلع السبعينيات، لتشكل القوة الأمريكية مجدداً اتجاهاً نحو اللعبة عبر مليارديراتها الذين اقتحموا ميادين الكرة بصفقات شراء أعرق الفرق الانجليزية بدءاً من مانشستر يونايتد الذي أصبح في عهده مالكه الأمريكي غليزر مابكوم وانتهاءً بصفقة ليفربول التي رجحت لرجلي الأعمال الأمريكيين جورج جيلليت وتوم هيكس لتفقد مسقط الكرة الحديثة أهم معاقلها الكروية نتيجة سيطرة أمريكية على نصف دسته من أنديتها، سبقتها صفقة 2003 التي ذهبت نحو فريق شلسي اللندني الذي أصبح بحوزة الملياردير الروسي رومان إبراموفيتش، وسبقتها قبل كل ذلك صفقة شراء نادي فولهام لصالح المصري محمد الفايد الذي سبق وأن قام بشراء محلات هارودز التجارية الضخمة والواقعة في قلب عاصمة الضباب التي تهاطلت عليها رذاذ العولمة برحيل أسماء: روفر وجاكوار وبورش وبنك HSBC إلى جهات مختلفة في العالم وبشكل سريع بدأ يزحف على القارة العجوز وبدأ يدشن في بلاد الغال «فرنسا» التي باعت معقلها الكروي فريق مرسيليا للمليونير جاك كراتشكر الكندي الجنسية الأرمني الأصل والمولود لأب سوري.