البيعة

البيعة - محمد الغباري

بالأمس القريب اتقفت الحكومة والتجار على صفقة جديدة ضحيتها المواطنون. حيث رضخت الأولى لضغوط الأخيرة وأجلت العمل بقانون الضريبة على المبيعات للعام الثالث على التوالي.
الاتفاق، الذي كان ثمنه مليار ريال جمعت للحملة الانتخابية التي أراد بها التجار كسب الرئيس إلى صفهم كي لا ينكشف مستور الحسابات والتهرب الضريبي والجمركي، ما زال ينتظر مصادقة الرئيس عليه حتى يصبح نافذاً وهو إجراء إن تم فسيؤكد أن الرجل قد بلع الطعم وضحى بناخبيه من أجل شريحة التجار.
تأجيل العمل بقانون ضريبة المبيعات للسنة الثالثة لا يمثل جريمة في اليمن لأن لدينا عشرات القوانين التي لا تطبق ومثلها لا تحترم، لكن المعيب في القضية أن مجلس الوزراء يستغفل الناس عند إعلانه الموافقة على استمرار التهرب الضريبي والجمركي بالقول إنه قرر خفض اسعار السلع إلى ما كانت عليه في سبتمبر الماضي.
الحكومة التي تتعمد الكذب على مواطنيها لا تستحق الاحترام وينبغي ان تحاسب إذا ما وجد هناك برلمان يمثل إرادة الناس ومعاناتهم.. فالإعلان الحكومي لا يستند إلى أية معايير قانونية أو أخلاقية، لأنه ليس من حق الحكومة أن تحدد سعر السلع او تعاقب من يبيع خلافاً لما تريد؛ فاقتصاد السوق المعمول به حالياً يقوم أساساً على قاعدة العرض والطلب.
اتذكر أنه ومع بداية ازمة الاسعار الطاحنة خلال شهر رمضان المبارك شكلت الحكومة غرفة عمليات في وزارة التجارة والصناعة انفقت عليها ملايين الريالات على شكل مكافاءات للموظفين ولكنها عجزت عن محاكمة بائع واحد لأن النيابة اضطرت إلى الافراج عن المقبوض عليهم لعدم وجود نص قانوني يجرمهم، حتى قانون منع الاحتكار لم يصدر بعد وبالتالي فإن «البيعة» التي تمت بين الحكومة والتجار ما كان ينبغي ان تخرج بصورة عمل بطولي كاذب.
لا اجد مبرراً لهذه الانتفاضة التي يقودها اتحاد الغرف التجارية لمواجهة قانون الضريبة على المبيعات سوى انه الخوف من الامساك بسجلات محاسبية ومن ثم الكشف عن حجم مبيعاتهم ومقدار التهرب الضريبي لأن الحديث عن ارتفاع الاسعار إذا ما طبق القانون تنقصه الحجة الواضحة، اذ أن اسعار السلع والمواد الغذائية قد ارتفعت منذ سبتمبر الماضي بنسبة تجاوزت الخمسين في المائة، في حين أن القيمة المقترحة للضريبة لن تتجاوز الخمسة في المائة.
صحيح أن أدوات تحصيل الضرائب تشوبها الكثير من العيوب وانعدام الكفاءة, لكن الحقيقة أيضاً انه وفي ظل عدم وجود نظام محاسبي واضح وشفاف لدى التجار هو الذي يجعلهم عرضة للابتزاز ومن بعدها الخوف من تطبيق قانون الضريبة على المبيعات.
malghobariMail