Police

Police - حسن عبدالوارث

قبل بضع سنوات، شكا احد زملائنا– وهو يملك إحدى الصحف الصادرة في صنعاء– من سوء توزيع صحيفته، أو بالأصح عدم إقبال القراء عليها. فنصحه زميل آخر بأن يلصق في كل نسخة من الجريدة ورقة نقدية فئة المائة ريال!! والحكاية واقعية وصحيحة بنسبة مائة في المائة.
والحق إن مشاكل الصحافة اليمنية كثيرة، لبعضها جامع مشترك مع مشاكل الصحافة في أي بلد في العالم، فيما لبعضها الآخر خصوصية يمانية خالصة.
من بين هذه المشاكل ما هو ذو طابع تقني أو مهني، أو ماله مسلك مالي، أو ما يتصف بسوء الإدارة وهو يكاد يكون السائد.. عدا المشاكل ذات الشق التشريعي، لاسيما في ظل سريان عقوبة حبس الصحافي في قضايا الرأي (ولا اقصد قضايا النشر) أو في ظل حظر الملكية الخاصة لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة، بالرغم من أن القاعدة –في هذا المضمار– هي الإباحة في ظل عدم توافر نص قانوني بات يؤكد الحظر!
ومن مشاكل الصحافة في اليمن اختلاط الحابل بالنابل في مزاولة المهنة، حتى نكاد نكون المنطقة الوحيدة في العالم التي يستطيع فيها الحاصل على شهادة التحرر من الأمية أن يشغل منصب رئيس التحرير، وربما رئيس مجلس إدارة مؤسسة صحافية أو إعلامية أيضاً!
ونقابة الصحافيين في هذا البلد لا سلطة قانونية لها على المهنة وماهنيها، و الناس ينضمون إلى النقابة إثر مزاولتهم المهنة، وليس العكس. وينحصر دور النقابة –تبعاً لذلك– في إصدار بيانات الإدانة والنعي، وعقد جلسات النقاش عن قضايا الحرية في موزمبيق، ومؤتمرات التضامن مع الصحافيين في بور كينافاسو!
وإذا صدرت صحيفة تنتهك عرض السياسات القائمة في دولة شقيقة أو صديقة، تهتز الأرض تحت أقدامنا حتى تخرج أثقالها. أما إذا صدرت صحيفة تنتهك عرض إحدى الزميلات المحصنات، فالأمر مجرد وجهة نظر!!
وفي معظم بلاد الدنيا، ثمة "بوليس" للآداب، يقوم بضبط إيقاع الحشمة في المجتمع، وقمع كل قول أو فعل خادش للحياء العام، وهو ينشط –كثر ما ينشط– في المواخير والملاهي وفي أوساط بنات الهوى.
في بلادنا، نحن في حاجة ماسَّة إلى هكذا "بوليس" ير أن وظيفته –في حالنا– ستكون مغايرة، نشاطه الحقيقي سيكون محصوراً في بعض الأوساط الصحافية التي يصدر عنها– في غير حين وحال ماهو أقبح مما يصدر عن عُلَب الليل في البلاد الأخرى!!
إما هذا، وإما أن تُحال مهام وزارة الإعلام إلى وزارة الداخلية، فيما تُحال وظائف نقابة الصحافيين إلى جهاز الأمن السياسي أو جهاز الأمن القومي!!
وأستغفر الله لي وللقارئ الكريم، ولأُمَّة محمد وعيسى وموسى أجمعين!!
wareth