عمى أديان لا ألوان!!

عمى أديان لا ألوان!! - حسن عبدالوارث

* في أواخر العام 2002م وجّه الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش خطاباً إلى أمة الإسلام، في العالم عموماً وداخل الولايات المتحدة بالذات، بمناسبة عيد الفطر المبارك، وذلك خلال زيارته للمركز الإسلامي في واشنطن.
يومها، اعتقدنا أن الإدارة الأميركية قد أدركت -ولو متأخراً- مدى الهوة الشاسعة والفجوة الواسعة بينها والعالم الإسلامي، وأنها -بالتالي- أدركت أسباب حدوث هذه الهوة والعوامل التي أدت إلى توسيعها وتعميقها، طوال عقود وعهود.. أي أنها أدركت أن سياستها العرجاء وديبلوماسيتها العوجاء في منطقة الشرق الأوسط وفي غيرها من بلاد العرب والمسلمين،قد أضرّت بمصالح الشعب الأميركي نفسه، وإنما بالقدر ذاته الذي أضر بمصالح العرب والمسلمين جميعاً، وإنها تتصادم مع رغبات وطموحات الأميركان قبل تصادمها مع رغبات وطموحات غيرهم من الشعوب، والعرب والمسلمين بالذات.
إن الممارسات العنجهية التي تقترفها هذه الإدارة في فلسطين والعراق وغيرها،باتت تصب الزيت على نار المشاعر التي ما انفكت تتأجج في صدور أبناء الأمة العربية والإسلامية، بل وتتعاظم يوماً إثر يوم، حتى غدت كتلة هائلة من الحقد على كل ما هو أميركي، بعد أن صارت صورة أميركا في الوعي والوجدان العربي والإسلامي مرادفة للكيان الصهيوني.
كما أن التصريحات التي أطلقتها مصادر سياسية مسؤولة، أو قريبة من «البيت الأسود» وحملت عداء سافراً ضد الإسلام والمسلمين، أدت إلى استشراء حالة السخط الجارف لدى نطاق واسع من المسلمين، ومسلمي أميركا خصوصاً، تجاه الإدارة الأميركية وحلفائها في العالم.. وهو ما يهدد المصالح الأميركية - شعباً وإدارة - في جزء واسع من البيضة الأرضية التي يرغب الأميركان في «عولمتها» على الطريقة الأميركية الخاصة، التي تعني -بقدر كبير من الدقة- «أمركة» العالم. فكيف يمكن أن يتسنى لهم تحقيق هذه الاستراتيجية الشائكة في حقل ألغام هائل، وهي ألغام لا يحتويها التراب فقط، إنما تضمها القلوب والعقول وتتداولها جيلاً إثر جيل، كما تداولت القرآن والإنجيل؟!
لذا، ليس أمام أميركا سوى طريق واحدة لتحوز رضى الملايين الغفيرة من أمة «لا إله إلا الله».. وهي طريق معروفة تماماً لديها وواضحة جداً أمامها، لكنها.. لا تعمى الأبصار!!
إن البصر قد يصاب بعمى ألوان.. غير أن البصيرة الأميركية قد أصيبت بعمى أديان..! وهو، لعمري، أخطر أنواع العمى، لأنه يفقد المصاب به أية قدرة على رؤية الله.. وهنا ذروة المأساة!!..
wareth