دور القضاء في تطبيق القوانين البيئية

دور القضاء في تطبيق القوانين البيئية - بشرى العنسي

إنشاء نيابة ومحكمة نوعية متخصصة للمياه والبيئة، وإضافة قوانين التشريعات البيئية إلى مناهج المعهد العالي للقضاء وكليات الحقوق في الجامعات اليمنية، كانت أهم التوصيات التي خرجت بها الندوة الحوارية الأولى حول قانون البيئة اليمنية، وهو ما اعتبره القاضي محمد حمود الأبيض، رئيس محكمة المخالفات بالأمانة، غير ممكن، واصفاً إياه بالصعب، موضحاً ذلك لـ«النداء» بقوله: «صعب أن ندرس كل القوانين وتفصيلاتها؛ فنحن مثلاً لا ندرس قانون الأحداث ولا المبيدات وغيرها من القوانين الأخرى، ولكننا ندرس قواعد عامة وتفصيلية ونقوم بتطبيقها على بقية القوانين».
ويعتقد رئيس محكمة المخالفات بأن كل ما تحتاجه البيئة اليمنية هو الإهتمام بالنظافة وكذلك تدابير احترازية فقط، لأن اليمن ليست من الدول المصنعة، والملوثات الموجودة ليست بتلك الخطورة التي تعاني منها الدول الصناعية كالولايات التي امتنعت عن التوقيع على كثير من الاتفاقيات البيئية وأهمها إتفاقية المحافظة على طبقة الأوزون، بينما نحن نوقع عليها رغم أننا لسنا دولة مصنعة.
قانون حماية البيئة رقم (26) لسنة 1995م ولائحته التنفيذية رقم (148) لسنة 2000م في نظر القاضي لم تكن غايتهما العقوبة وإنما التخفيف أو التقليل من الأضرار البيئية عند حدوثها وبالتالي فهو قانون إجرائي. كما أنه لا توجد مادة في القانون يمكن تطبيق العقوبة عليها والمنصوص بالمادة (85)من قانون حماية البيئة النافذ والتي تنص: «مع عدم الإخلال بأي عقوبة أشد منصوص عليها في الشريعة الإسلامية والقوانين النافذة واللوائح التنفيذية لأحكام هذا القانون والقوانين الاخرى فإن كل شخص طبيعي أو اعتباري قام أو تسبب بتصريف أي مادة ملوثة عمداً في المياه أو التربة أو الهواء في الجمهورية اليمنية فأحدث ضرراً بالبيئة يعاقب بالسجن مدة لا تزيد عن عشرات سنوات مع الحكم بالتعويضات المادية المناسبة».
وعندما سألته «النداء» عمَّا إذا كان قد اطلع على مشروع القانون الجديد وطرح ملاحظاته ليتم استيعابها، أجاب بأنه قد اطلع عليه ولكن المشكلة بأن القانون يعاقب من يخالف المواد المنصوص بها وترك فراغاً ولم يحدد العقوبة «ولا أدري على ماذا سيكون تلك العقوبة»، مؤكداً بأن قانوناً كهذا لا يمكن أن يخرج بهذه السهولة وسوف يتم تعديله والتدقيق فيه عندما يعرض على مجلس النواب لمناقشته.
وعن القضايا التي تصل إلى محكمة المخالفات أوضح رئيس محكمة المخالفات بأن اكثرها مخالفات صحية ومخالفات نظافة وكذلك مخالفات بناء وهي من جرائم الخطر وليست من جرائم الضرر، كما أن المحكمة قد أصدرت حكمين قضائيين بإغلاق مصنع للأغذية ومصنع اسفلت للضرر الناتج عنهما.
إجراءات الضبط القضائي للمخالفات
تعتبر محكمة المخالفات في الأمانة محكمة حديثة، حيث تم استحداثها قبل خمس سنوات وهي محكمة مختصة بالمخالفات المتعددة ومنها المخالفات البيئية، حيث تبدأ اجراءات الضبط بشأن المخالفات المبينة في القوانين الخاصة بالتشريعات البيئية المختلفة عن طريق مأموري الضبط الإداري أو القضائي المعنيين بالرقابة والإشراف في الجهات الحكومية. وحددت اجراءات الضبط للمكلفين وذلك بتحرير محاضر ضبط يدون فيها نوع المخالفة أو الجريمة ومرتكبوها وتاريخ مكان الضبط. وأجاز القانون في بعض الحالات للجهات الإدارية اتخاذ الجزاءات الإدارية ضد المخالفين وفقاً للشروط والاجراءات اللازمة قانوناً أو إحالة محاضر الضبط. مع الأوليات التي تثبت ارتكاب المخالفة ونسبتها للتشخيص الطبيعي أو المعنوي وذلك إلى النيابة العامة التي تقوم باتخاذ الاجراءات القانونية، إما بإصدار أمر جزائي إذا كان القانون سمح لها بذلك أو تحريك الدعوى الجزائية امام المحكمة لمعاقبته وفقاً للقانون.
وتتمثل العقوبات التي يمكن إتخاذها ضد مرتكبي المخالفات بثلاثة انواع من الجزاءات:
الجزاءات الإدارية التي تصدرها الجهات الإدارية، الأوامر الجزائية التي تصدرها النيابة العامة وفقاً للقانون، العقوبات التي تصدرها المحاكم بناءً على الدعوى العامة.
وحسب تفصيل القاضي محمد الأبيض لتلك الحالات في ورقته التي قدمها في الندوة الحوارية حول قانون البيئة الاسبوع الماضي، بعنوان «القضاء في تطبيق وتنفيذ القوانين البيئية» ففي الحالة الأولى منح المشرع للمخالف حق الطعن ضد الجزاء الإداري أمام المحكمة المختصة، وفي الحالة الثانية أجاز القانون للمخالف الاعتراض امام المحكمة المختصة على الأمر الجزائي الصادر من النيابة العامة، وفي حالة حضور المعترض الجلسة المحددة لنظر الاعتراض تسير المحكمة بالإجراءات المعتادة لنظر الدعوى. ومن ناحية أخرى فإن اللازم على الجهة الإدارية عند تطبيق الجزاءات الإدارية على المخالف أن تتبع إجراءات جوهرية قبل اتخاذها للجزاءات الادارية، ومنها إحاطة صاحب الشأن أو المخالف علماً بما تنوي الجهة الإدارية اتخاذه من جزاءات ليتمكن المخالف من تصحيح وضعه وإزالة أسباب المخالفة مع إفساح المجال له لإبداء دفاعه بشأن المخالفة المنسوبة اليه، ثم بعد ذلك تصدر الجهة الإدارية الجزاء المناسب إذا لم تقتنع بدفاع المخالفة المنسوبة إليه سبب الجزاء ومحله، وبشرط ان يصدر الجزاء الإداري من شخص مختص أصلاً بإصداره وفقاً للقانون حتى لا يكون القرار مشوباً بعيب عدم الاختصاص الذي يعد من النظام العام وبشرط أن يكون الجزاء الإداري هو المنصوص عليه قانوناً أوبناءً عليه مع تسبب الجزاء إذا نص القانون على ذلك. والأصل أن يقوم المخالف بتنفيذ الجزاء الإداري طواعية أما إذا رفض المخالف الامتثال للجزاء الإداري وكان القانون يعاقب على المخالفة التي صدر بشأنها الجزاء ففي هذه الحالة لا يكون أمام الجهة الإدارية إلا اتباع الطريق الجنائي وإحالة المتهم بالمخالفة إلى النيابة العامة تمهيداً لرفع الدعوى الجزائية ضده أمام المحكمة المختصة أو القاضي الجزائي ما لم يوجد في القانون عقوبة جزائية على تلك المخالفة، ولا يبقى امام المخالف أو صاحب الشأن الذي صدر بحقه الجزاء الإداري إلا الطعن بالإلغاء ضد الجزاء الإداري المذكور أو رفع دعوى للتعويض أمام المحكمة المختصة فيما إذا كانت الجهة الإدارية قد قامت بتنفيذ الجزاء الإداري مباشرة.
boshrasalehaliMail