واجهة.. قالوا عن باموق

واجهة.. قالوا عن باموق

التركي أورهان باموق بجائزة نوبل للآداب نهار أمس، بمثابة مفاجأة، إلا إذ استثنينا عمره الصغير، لأن الجائزة عودتنا أن تذهب إلى من هم أكبر سنا. لكن لنتذكر العام الماضي حين كان مرشحا بقوة لنيلها، إلا أنها ذهبت إلى المسرحي الكبير هارولد بنتر، حيث علّل البعض عدم فوز باموق بها، بأن سنه لا تزال تسمح له بالانتظار قليلا. لكنه انتظار لم يدم طويلا. سنة واحدة فقط، وها هو اليوم يصبح من الخالدين، إذا اعتبرنا بالطبع أن جائزة نوبل للآداب، تخلد أسماء من فازوا بها.
اسكندر حبش - «السفير»
أورهان باموق... أيقونة الأدب التركي الحديث وفتاه غير المنازع. هو الأكثر شهرة والأكثر مبيعا والأغزر انتاجا في السنوات الخمس عشرة الأخيرة. حمل الرواية التركية الى العالم، فحمل معها الثقافة التركية وصورة تركيا المتنازَع عليها. لكنه مع ذلك يبقى ذاك الذي قال بالإبادة الأرمنية، ولا يمكن لأحد ألاّ يربط بين موقفه هذا ونيله جازة نوبل، فقط بعد ساعات وربما دقائق قليلة من سنّ البرلمان الفرنسي امس الخميس قانونا يجرّم منكر الإبادة بالسجن سنة مع غرامة 45 الف يورو.
محمد نور الدين - «السفير»
"الكتابة عزاؤنا الأوحد"، يقول باموق، الذي كانت بداياته في الواقعية الكلاسيكية، لكن تجربته الروائية تطورت في ايقاع سريع ومكثف منذ كتابه الثاني "منزل الصمت" (1983)، لتدخل في لعبة الترميز والمرايا، وهي لعبة مألوفة لدى كتّاب الفانتازيا الكبار من أمثال ايتالو كالفينو ووليم غاس وخورخي لويس بورخيس، فضلاً عن الحضور الواضح لتأثيرات فوكنر في كتابته. هكذا نشهد في جملة، طبقات متراصة ومتشابكة من المعاني والأسرار، كما لو ان تحت كل حقيقة تكمن حقيقة اخرى على نحو متراكب يذكّر بالدمى الروسية. كتابة صعبة، مجازية، معقّدة، "مذنبة" بامتياز في ذهنيتها، إذ لا شيء من العفوية فيها، بل يمكن القول انها جولة مصارعة مع الكلمات، وإن بدت للوهلة الأولى "بسيطة" وتلقائية. انها لغة تخاطب القارئ وتمنحه امتياز "وجهة النظر" وتحمّله وزر هذا التدخل على حد سواء. ولطالما ردّد باموق في حواراته انه يرغب في ابتكار كتابة تعكس نسيج الحياة في مدينة اسطنبول. ويمكن القول انه نجح في ذلك على نحو بارع، لأن كتابته، مثل مدينته، تتأرجح في توازن دقيق بين الشكل والفوضى، بين التخطيط وانعدام التناسق، بين سحر الماضي وغزو الاسمنت، وايضاً، وخصوصاً، بين وجهيها الشرقي والغربي.
جمانة حداد - «النهار»
أورهان باموق صديقي، ولا شك في أني سعيد جدا وفخور للغاية لأنه نال جائزة نوبل للآداب. وأعتبر أن هذه المبادرة تكافىء الأدب التركي المعاصر ككل، وهو أدب شديد الغنى والتنوّع لكنه غير معروف بما يكفي وكما يستحق أن يُعرف في الخارج. آمل أن تلفت هذه الجائزة الأنظار، لا الى أدب باموق فحسب، بل الى الأدب التركي عموماً.
لكن، كالعادة هناك غصّة. لقد سمعتُ للتو على احدى شاشات التلفزيون الفرنسية تعليقاً مفاده ان باموق نال الجائزة لسبب أساسي هو موقفه من المجزرة الأرمنية، ودعوته الحكومة التركية الى الاعتراف بها. وهذا في رأيي ظلم كبير، لأنهم يختصرون الأديب بموقف سياسي هو اساسا موضع جدل بالنسبة الى عدد كبير من المؤرخين. يجب ألا يوضع الأدب في الدرجة الثانية بعد السياسة.
لا أعرف إذا كانت الأكاديمية الأسوجية قد أخذت فعلا هذا العامل في الاعتبار أثناء اتخاذها قرارها، لكنه أمر غير مستبعد كونها غالباً ما تمنح الجائزة لكتّاب ذوي مواقف سياسية جدلية.
ليس هذا الموقف السياسي أمرا سيئا ومكروها في ذاته، لكن يؤسفني أن يتم ربط الجائزة بالبعد الأرمني حصراً. أما بالنسبة الى باموق كاتباً، فهو صاحب موهبة كبيرة من دون شك، لكنه يشكو كذلك من نواقص عديدة في رأيي، اهمها متعلق بطريقة استخدامه اللغة التركية وبلجوئه الى بنى تركيبية مميزة وفريدة من نوعها، لكنها غالبا غير مفهومة.
لا أعرف ما اذا كان سيتم الاحتفاء بنيل باموق نوبل الآداب في مسقطنا تركيا، كونه واجه صدامات عدة مع السلطة، لكني أعرف أن غالبية الصحافيين الأتراك سيكررون أنه نال نوبل لسبب واحد لا غير: موقفه من المجزرة الأرمنية.
نديم غورسيل - كاتب كردي «النهار»