الأيام الصعبة

الأيام الصعبة - علي المقري

ظننَّا الحياةَ سهلة،
إذْ رافقنا كارل ماركس لسنوات طويلة
كان يشدُّنا، منذ طلوع الفجر حتى هبوط النَّوم،
إلى ثورات وانتفاضاتٍ ومظاهراتٍ
تُزيح السِّتارَ عن بهجة الحياة
إلى أبدِ الأبد
كانت أيّاماً سهلة،
أن نصحو مع (مارسيل خليفة) نُغنِّي:
 (منتصب القامة أمشي
مرفوع الهامة أمشي
في كفّي قصفة زيتون
وعلى كتفي نعشي)
أو ننهضُ مع شمس (فيروز):
 (طلعت يا محلى نورها
شمس الشموسة)
كانت أيّاماً فقيرةً وسهلة،
فبالرغم أننا لم نكن نؤمنُ بوجود رب كريمٍ أو بخيل
كان يكفينا لنغالط الفقر أنْ نغنِّي (سيد درويش):
 (ياللي معك المال
برضه الفقير له رب كريم)
كانت أيّاماً سهلة،
حتى عندما تراكمت الخيبات،
وصرنا كثيراً ما نمسك الرفيق كارل ماركس بذقنه الكث،
ونعاتبه مثل أيِّ شيخ مسلم: (الله المستعان).
بعدها أيضاً،
كانت أيّاماً سهلة،
ونحن ننتقل إلى السكن مع جان بول سارتر
مجاورين سيمون وكامو
حيث لم نعد نقول، أبداً، صباح الخير
كانت أيّاماً متشحة بالسواد وسهلة،
أنتزع فيها ميلان كونديرا منّا الضحكَ
والتباهي بالنسيان
كان الندم يشدّنا من أوّل الصبح
حتى آخر النوم
ذبحنا سنوات العمر على عتبة الندم
ولم يتبقّ لنا أيُّ شيئ لنتباهى به
أو
نندم عليه،
صرنا بلا تباهٍ،
وبلا ندم،
بلا أيِّ شيء.
 
كم صارت الأيّام صعبة؟
 
صنعاء 2/8/1999م
من مجموعة «يحدث في النّسيان»