من أجل حماية الديمقراطية.. قضايا ما بعد الانتخابات على طاولة المعارضة والموالاة

من أجل حماية الديمقراطية.. قضايا ما بعد الانتخابات على طاولة المعارضة والموالاة - نبيل الصوفي

انتهى المشهد الانتخابي وعاد كل يمني إلى طاولة حياته اليومية.
لسنا في لوس أنجلوس أغلى ولايات الدنيا، ولا في شيكاجو حيث ترتبط الانتخابات بفساد يومي لولاية الصناع المهاجرين. كما أننا لسنا في لندن حيث يتولى الحزب إعلان نهاية زعمائه، حدث هذا مع زعيمة المحافظين "مارجريت تاتشر"، ويحدث اليوم على طاولة توني بلير العمالي.
بل ولا حتى في قرى الجنوب اللبناني أو مخيم جنين الفلسطيني، حيث تتولى البلديات إدارة يوميات الناس.
نحن في محافظات يمنية لماتكتمل في عواصمها بنية نقل المياه النظيفة، فضلا عن اكتمال سفلتة شوارع الأحياء الراقية فيها.
نحن في اليمن حيث دار الرئاسة أهم وأغلى، بل والوحيدة التي تهوي إليها أفئدة مصالح الناخبين والمنتخبين. علما بأن الدار التي ترتص على أحد جوانبها "دكاكين صغيرة" يراد تأجيرها!! هي دار رئاسة يمنية وليست تشبه دار الإمارة في الكويت فضلا عن أبو ظبي أو دار الملك في الرياض حيث مليارات الدولارات تجمع وتنفق في غمضة عين.
المعنى أننا بلد "ضعيف"، ليس فقط في قدراته المالية، بل وفي بنيته التحتية أيضا. ليست هذه هي المشكلة، فنحن نتحدث عن أكبر فاعلية سياسية في الإقليم. لكننا نتحدث عن بلد ليس للسياسة فيه أي علاقة بيوميات الناس. إلا إن كنا نعتبر أن توفير مادة نظرية لمقايل القات مهمة وطنية.
أسمع خطيبا مفوها يحذر من خلف شريط كاسيت عن مفاسد الغنى المبطر، فأعلم أنه جيء به مخفورا في ذلك الكاسيت إلى بلد مختلف عن بلده، ومع ذلك يجد له رواجا، حيث يستمتع فقراء القوم بالاستماع لتحذيرات لأغنياء ليس بينهم لهم مثيل. (ترى كيف يمكن مقارنة ممتلكات مجموعة هائل سعيد بين الحدود اليمنية مع إحدى شركات بن لادن السعودية أو فقط عمار الإماراتية. يمكنني القول أن أرباح عام لناتكو أو الشركة الوطنية للألبان يمكن مقارنتها بأرباح مثيلات لهما في شهر فقط في دول الجوار).
المقصود في الحالتين القول إن مشاكلنا أيضا مقطوعة الصلة بثقافتنا إنْ الدينية، أو الإدارية أو السياسات المالية.
إعادة ترتيب الوعي
من هنا فإن علينا وقد فاز لرئاستنا الشعار نحو "يمن جديد ومستقبل أفضلـ". أن نعيد بسط القضايا أمام أنفسنا، ووعينا.
وبداية فلنعترض على إصرار الرئيس الفائز، دون وجه حق القول إن اليمنيين صوتوا له خوفا من مصير يشبه العراق أو الصومال.
إن الديمقراطية هي مدخل للتنمية والاستقرار وليس للفوضى في أي بلد كان. سياد بري الصومال وصدام حسين العراق، هما من بذرا مايحدث الآن في بلديهما، هو نتيجة سياستهما التي حكما بها فلاحفظا تنمية ولا بذرا حرية.
وثانيا، لست أدري هل يحق لنا الطموح أم أننا سنجد أنفسنا بعد سبعة أعوام ونحن كما الآن؟ خطاب، ومهاترات. فيما ليس لليمني الحقيقي صاحب المصلحة -الذي هو فقير القوم وإن كان صاحب الصوت الانتخابي- سوى المزيد من المأساوية والكوارث.
شخصيا أنا متفائل. صدقني عزيزي القارئ إني كذلك. ليس بسبب "بيع ذمتي للرئيس"، ولا لسذاجتي. ولكن لأني أريد أن أكون كذلك. وأن أبقي للمستقبل مايمكنني أن أقوله. وأن لا أعتدي على الاستراتيجيين أو ضاربي الودع، فكلاهما متخصصان في الحديث عن ماوراء الغيب.
 
بين يدي المعارضة
بعيدا عن "تنجيم" الأعزاء في إعلام المؤتمر الشعبي العام، الذين أجد نفسي كإعلامي، بدون موقف حزبي أقرب لهم هذه الأيام إلا في هذه، بعيدا عن تنجيمهم في تناولاتهم للقاء المشترك و"انهيار اليدومي"، و"صدمة الآنسي"، وتفكك اللقاء المشترك، فإني أعتقد أن على الجميع مهمات يتوجب عليه الانشغال بها.
ذكرني الأستاذ عبدالملك الفهيدي نائب رئيس تحرير صحيفة 22 مايو، بمقترحات الدكتور عبدالكريم الإرياني في آخر عهده كأمين عام للمؤتمر الشعبي العام –عبر حوار في 26 سبتمبر-. المقترحات تضمنت نصيحة أحزاب المعارضة بالانشغال بقواعدها وأدائها الذاتي بدلا من الإنشداد وراء الحاكم والاعتياش من أخطائه. ويومها هاجمه بعضنا لأنه يتوجب عليه فقط البقاء عرضة للنصح لا أن ينصح أيضا.
وجاء الوقت لنقول للمعارضة ذات النصيحة. إن مصلحة اليمن معارضة قوية حتى لو لم يشأ الرئيس علي عبدالله صالح وحزبه الحاكم. المعارضة وحدها هي الجديد الذي لم تهتد إليه بلادنا منذ تولي الإمام يحيى الحكم أوائل القرن الماضي.
غير أننا نريد معارضة معنية بوزن رغيف الخبز، وطبقة الإسفلت في الشوارع الخلفية، ومشكلات الإيجارات، ومدير عام المديرية، ومدير الأمن والشرطة. معارضة يعرف قادتها مايحدث في أروقة المحاكم، ومايتعرض له صغار التجار، ومايعانيه الباعة المتجولون. يعرفون تفاصيل الحياة في قرى ريمة، وجبال حجة، ووديان تهامة. يساندون شباب التربة لتأسيس ناد رياضي، وشابات الصلو على جميعة اجتماعية، وساكني الخساف على جمعيات تعاونية.
ليس هذا عبر بيانات يكتبها من هو معني بالقضية، ولا عبر أوامر للصحف أن تتصدى للمشكلات لدرء اللوم والعتب. بل إدراك تحشد له يوميات اللقاء التنظيمي –أتحدث عن حزب التجمع اليمني للإصلاح كمثال.
ليس الأمر بحاجة لسيارات تنقل، ولا لإذن من السلطة. لقد سار الإصلاحيون على أرجلهم مسافات طويلة ليحضروا لقاء كانوا يجدون فيه ذواتهم. سار بعضهم وفي جيوبهم خبز جاف هو كل قوتهم.
القضية فقط في وجوب إعادة اللقاء لقضايا الناس الذين هم منهم. لايمكن للإصلاحي سواء كان طبيبا أم صحفيا أم موظفا في بنك أم مدرساً أم عاملاً في مصنع الاسمنت أن يحرص على لقاء لاينتمي لمايعيشه كل يومه، وتحتشد له كل أشواقه. لا نتحدث عن مهمات النقابات، بل عن مايهمهم كمواطنين من قضايا جامعة.
لتبقى الكتب والنظريات والمنشورات عن حياة الصحابة، واليمن في صدر الإسلام، وقواعد الدعوة، والوعظ المهم عن الإخلاص والتزكية واجبات ولكن مساندة لجهد أكبر في الميدان له نحتاج التذكير بها.
خلاصة القول: إن أمام الأحزاب واجبات كبرى، أعلم أن التوجه الرسمي لايساعد عليها، ولكن لايمكن أن ننتظر إذنا رسميا لمثل هذا الفعل، هو واجب وطني لنحقق توزنا شعبيا يمنع الحاكم من أي نوازع نحو الاستبداد.
 
إعادة بناء التحالفات
واعتقد أنه يمكن لنا أن نتناقش حول موضوع مهم، المعارضة هي من يمكنها المبادأة فيه، وهو إعادة بناء التحالفات. الأمر ليس تجاه التحالفات السياسية القائمة؛ مشترك مقابل المؤتمر، بل تحالفات غير انتخابية، تجاه القضايا ولإعادة التوازن في الشارع العام.
وقضايانا العامة التفصيلية هي الخاسر الأكبر من الاحتشاد الكلي. أتحدث عن قضايا كحرية التعبير، الصحة والدواء، إدارة احتياجات الحارات والقرى، حقوق السجناء، إدارة المنافذ الجمركية، حقوق الموظفين إداريا.
وباعتقادي أن مبادرة المعارضة تجاه هذه التفاصيل سيحميها من الاختناق بالحديث عن دار الرئاسة. وسيدعم أي توجهات إيجابية داخل المؤتمر تجاه هذه القضايا للصالح العام.
 
 وللحكم واجبات
أما الحكم بسلطاته الثلاث، فإننا بحاجة منه للكف عن الخطابات الفوقية، والتفكير في أسس المعضلات. وأن يتيح للمجتمع مناقشة هذه التحديات، كل ومايمثله.
سمعنا من رئيس الجمهورية عن تشكيل لجان حكومية وخارج الحكومة لتنفيذ برنامجه الانتخابي، والحقيقة أن مثل هذا قد يثير المخاوف من توجهين:
الأول، مضاعفة قوة رئاسة الجمهورية على غيرها من مراكز السلطة التنفيذية، وهو مايعني شل هذا المنصب عبر خنقه بمزيد من الصلاحيات والواجبات. والمضاعفة هذه تأتي من إلغاء الانتخابات النيابية ونتائجها وهي التي تقرر فعليا البرنامج الحكومي الذي تنال به حكومة حزب الأغلبية الثقة من السلطة التشريعية.
الثاني، إرباك المؤسسات الحكومية التي تعمل بخطط، سنوية أو خمسية، أو منحها مبررا للتخاذل عن الإنجاز بحجة التضارب في الأفكار والمشاريع.
باعتقادي –وأتمنى أن نرى نقاشا حقيقا حول حاجيات هذا البلد في كل مستوى واهتمام -أن الأهم هم تأكيد التوجه العام للدولة اليمنية. وهو التوجه، الذي كان برنامج مرشح المؤتمر الشعبي الذي نال به الثقة، يقول انه نحو يمن جديد، يمن بلافوضى، يمن محكومة بالقانون، يمن ضد الفساد، يمن متعاون مع العالم لصناعة السلام فيه وحوله، يمن الديمقراطية يمن المواطنة. يمن يحمي فقراءه، ويهيئ البيئة الاستثمارية للقطاع الخاص. يمن التعددية الحزبية، وليس الحزب الواحد. والتداول السلمي للسلطة وليس الحكم العضوض.
أما تفاصيل هذا التوجه فهو أمر يعني المجتمع، وهو لن يتحقق دونما مساندة يخلقها النقاش العام.
 
تفعيل الإدارة المحلية.. أولوية ملحة
قبل أن أكتب هذه الفقرة بحثت طويلا عن مكان وموضع الوحدة التنموية الأهم في أي مجتمع، وهي المؤسسة الوسيطة بين المستويات الفوقية والدنيا. وبظني أنها في بلادنا مجالس أو مكاتب المحافظات. لقد كان واضحا مدى فاعلية هذه الوحدة في المعارك الانتخابية. إن المحافظين وحتى إن استتروا وراء مسؤول مؤقت هو رئيس الحملة الانتخابية للمؤتمر، كانوا هم أداة النصر الفنية.
وقد بحثت عن آخر اجتماع لهم كمجلس حكم، سواء برئاسة الرئيس علي عبدالله صالح باعتبارهم مملثين له ومعينين منه، أو رئيس حكومته عبدالقادر باجمال باعتبارهم مدراء الأداء اليومي على المستوى المحلي. وكانت الصدمة أني لم أجد أي اجتماع معلن لهم كمجلس، وليس فرادى، خلال العامين والنصف الأخيرين. هي الفترة التي بحثت في أرشيفها.
وباعتقادي، والأمر للنقاش، أن أداة التنمية الحقيقية هي هذه الوحدات، التي يجب أن يضاعف انتماؤها لمجتمعها المحلي.
إن هناك من المحافظين من لاعلاقة له بأي من مناشط مجتمعه، لايعرف شيئا عن القطاع الوظيفي الأكبر، عن الميزة الأهم، عن الحاجة الكبرى، عن التقسيمات الاجتماعية والتنظيمية والسياسية.
حضرت اجتماعين بين معنيين بـ"الصيد والكهرباء" من محافظة حضرموت ووزراء، بترتيب من محافظ المحافظة الأستاذ عبدالقادر هلال هنا في صنعاء، وللأسف أن اللقاءين ومادار فيهما على أهميته ومايعنيه لتفعيل العلاقة والاهتمام بين المجتمعات المحلية وقضاياها ليسا مماتهتم بنقله وسائل الإعلام. ولكني سألت: ترى هل لدى كل محافظ إدراك عن قوة محافظته الأولى: هل المعلمون أم الجنود أم الصيادون أم اليد العاملة أم سائقو السيارات؟ هل له علاقة بفروع الأحزاب، أيُّ محافظ هذا الذي رأيناه في مقر فرع حزب ما يناقش مع الحزب دوره في الحياة العامة في التوعية في الحملات الوطنية؟
لذلك فباعتقادي أن اليمن بحاجة للاهتمام، إن بمجلس المحافظين، أو بتوعيتهم أو بمتابعة علاقتهم بحاجيات مجتمعهم المحلي.
وبالتأكيد إن هذا لايعني أن الحكومة في حال حسن، إذ أن ثمة وزراء لايفكرون أنهم يتولون وزارات بلا استراتيجيات عمل، وبوضع إداري مزر. ولكن لهذا حكاية أخرى. وباعتقادي أنه لو أتيح لرئيسهم الحالي الأستاذ عبدالقادر باجمال مزيد من الصلاحيات فسيحقق معهم مايرضي.
مع الأمنية أن نرى تعديلا وزاريا يخفف من على طاولة الحكومة وجوها هي بكل معنى الكلمة ضد التوجه الجديد إن كان ثمة توجه.
 
مكافحة الفساد ومخاوف لابد منها
مع أن الحديث عن مكافحة الفساد في اليمن صار مطلبا دوليا، فإن القضية ليست تكرارا للتجارب العربية التي يكون مكافحة الفساد فيها إتيان على ماتبقى من عرق المؤسسية. وبناء قوة جديدة مهمتها بناء استبداد بحجة التنمية. باختصار هل يمكن تذكر إنجازات الأحزاب الشمولية التي تكافح الفساد بأدوات للصراع السياسي.
الفساد في اليمن ليس مجرد شخصيات فاسدة وخطاب أخلاقي. ولذا فإنه لولا عدم أخذ التصريحات بجدية، لكانت مثار قلق من قرارات تدفع البعض ثمن غياب المؤسسات وعطل الآليات.
مكافحة الفساد في اليمن هو فقط بناء مؤسسات معنية، مؤسسات تدير المناقصات والماليات، وتحمي الواجبات القانونية. علما بأن أي انتقاء تحت أي تأثيرات سيؤدي إلى الفشل، بل وبمضاعفات مسيئة نجت منها محطاتنا السياسية. وقد مرت بنا تجارب وإن كانت قليلة لكنها كشفت إمكانية أن تصبح المناطقية هي الحامي الأول للمتهمين بالفاسدين. إذ المجتمع المحلي حين لايرى أداءً مؤسسيا عاما وهادئا وحتى وهو يشكو من تأثيرات الفساد سيجد نفسه مضطرا للدفاع عن فاسديه.
 
استدراكات
من حيث لا أقصد ضمنت مقالي الأسبوع الماضي إشارة إلى مرافقتي للرئيس في مهرجاناته الانتخابية. ومع أن قصدي بتلك الإشارة كان للتأكيد أني أكتب كمصدر موثوق مطلع، فقد جنت تلك الإشارة علي وعلى المقال. إذ أن القراء التقطوها وحدها واعتبروا مقالي كتب لها ومن أجلها. وذهب بعضهم يبني على أن العبد لله صار من أركان الحكم!، وبالطبع فأركان الحكم هم أركان الفساد والذمة الفاسدة وهلم جرا. هكذا هي العقائدية السياسية التي لاتبني معارضة ولن تصلح حكما.
لا أريد أن أجادل في أني أقف –مؤخرا- في منطقة وسطى بين مواقف الحكم والمعارضة، وأن تجربتي في الكتابة ضد ما رأيتها أخطاء لشخصيات السلطة والرئيس منهم، أوصلتني لقناعة مختلفة متحررة قليلا من الإطلاق، بل لأعترف للقارئ أنها أقل يقينية من ذي قبل. ثمة كثير من السلوكيات ننقدها على السلطة وجذرها محمول في ثقافتنا جميعا. وحين يكون مطلوبا مني عدم الإفصاح عن هذا القول، فإني أجد دعوة صريحة من ذات الأخلاق لمنح السلطة ذات الظروف والشروط التي يتوجب علي منحها لي ولك أيها القارئ.
حين أمنع من نقد شيخ ما، ويسخر مني حين أتحدث عن فلان، وأعاقب لأني كشفت معلومة ضد سلوك علان، وكل هؤلاء من المعارضة –مثلا-، فإن الواجب أن نعطي أطراف السلطة ذات القاعدة. فالحق إما أن يكون ملزما بإطلاقه، وإما أن تصبح الانتقائية حقاً شخصياً للمنتقد ليمنح هذا وذاك المبررات بغض النظر عن موقفهم من السلطة أو المعارضة. هو حق شخصي حينها ولايحق لأحد حرمانه منه، خاصة حين يكون أقرب للاستقلال منه للتعبير عن موقف حزب أو مؤسسة سياسية كما حال العبد لله.
ولكن كل هذا لا علاقة له بمرافقتي للرئيس، فهي تفاعلات لها عمر مختلف. ثم، وللتوضيح، فأنا رافقته كصحفي وصحفي فقط. لم أكن ضمن فريقه الإعلامي. وقد أخبرني زملاء أنه كان يطلب منهم أفكار ما بعد أو قبل المهرجانات وهو مالم يحدث معي. فقد كان الأمر بالنسبة لي فرصة لخدمة القارئ بمعلومات ميدانية.
هل يعني هذا الشعور بالذنب؟، قطعا لا، فقد كانت رفقة ممتازة أفادتني كثيرا. اقلها أني أدركت كم الصحافة في هذه البلاد هشة! وكم هي محتاجة لتعيد ترتيب أوراقها وأحكامها. دون شعور بالنقص ولا بالتابعية!
واشعر بالتقدير لموقف إيجابي جدا من الرئيس علي عبدالله صالح الذي كان المهتم الأول والثاني والثالث –ولمن تبقى البقية إن كان- بالصحافة والصحفيين. هل هذا عائد لأهمية الصحافة بالنسبة له؟، فليكن فمشكلتنا هي من لايقدرون الوظائف التي يحتاجون إليها. ولنا أمل كبير أن لايكون اهتمام الرئيس مجرد عهدة انتخابية، فهو أيضا من قاد اهتمامه بالصحافة، قبل سنوات القطيعة الأخيرة تطورا لهذه المهنة. وليس في هذا مقايضة فستظل الصحافة مهنة تبحث عن كل ما هو عام، الاهتمام أو الانشغال أو التصدي.
غير أنه وسط شتائم اتجهت نحوي وليس نقدا لرأيي الذي ضمنته مقالي الأسبوع الماضي، فثمة ملاحظات جوهرية أفادتني وعدلت بعض معطيات كنت ملتزما لها، وأهمها ملاحظة تلقيتها من الأستاذ محمد العلواني مدير تحرير "الصحوة نت" خلاصتها دعوتي لمراجعة الحكم على الخطاب الإعلامي المعارض أثناء الانتخابات؛ باعتبار أن الظروف قد تكون منعتني من متابعة كل تفاصيله. وهي ملاحظة جديرة بالاحترام فلعل الكثير من الإيجابيات في هذا الإعلام تستحق التقدير. واقر له بذلك.
nbil