تعددت المواجهة والمرمى واحدُ.. شائعات المطبخ المؤتمري قصمت ظهر بعير المشترك وحرمته سنده النسائي

تعددت المواجهة والمرمى واحدُ.. شائعات المطبخ المؤتمري قصمت ظهر بعير المشترك وحرمته سنده النسائي

- رشاد الشرعبي
قبل أقل من 24 ساعة على إنتهاء عملية الإقتراع التي تزامنت مع متعارضين في آن واحد أعلنتهما اللجنة العليا للإنتخابات بدء الفرز وحصول مرشح المؤتمر الشعبي على 82% , اتصلت رقية من محافظة تعز بزوجها محمد في العاصمة صنعاء تسأله قلقةً عن صحة فرار مرشح المشترك إلى سلطنة عمان القريبة من حضرموت التي ينتمي إليها المهندس فيصل بن شملان.
لم تكن هذه سوى واحدة من آخر الشائعات التي تلقفتها الألسن اليمنية خاصة في الوسط النسائي حيث تعددت وسائل حرب المؤتمر الشعبي الحاكم التي استخدمها في مواجهته الانتخابية الأقوى يمنياً وعربياً ضد خصمه اللدود اللقاء المشترك, فيما كان الهدف من كل ذلك واحداً، يتمثل في إعادة إنتاج رئيس وحزب عربيان لسبع سنوات قادمة.
الشائعات -يؤكد كثير من المهتمين بالشأن السياسي اليمني- أن تأثيرها كان أقوى من كل الوسائل المستخدمة في المعركة خاصة بين النساء اللاتي كن السند الرئيسي للمعارضة، خاصة حزب الإصلاح وتم الترويج لها بصورة ذكية تتناسب مع وضع كل متلقي وحسب الشرائح والفئات المتلقية لها. وتتهم المعارضة أجهزة رسمية كالمخابرات بخوض غمارها وخلقها وبثها للتخويف والترهيب لمن كان يفترض بهم أن يكونوا أنصاراً للمشترك ومرشحه بن شملان.
فرار بن شملان المزعوم المتزامن مع تصريح اللجنة العليا الذي أعتبرته المعارضة غير قانوني وإشارة واضحة للميدان بمنع المعارضة من تجاوز النسبة التي حددت لها 16%, سبقه الكثير من الشائعات وصلت حد نقله إلى العناية المركزة حينما سافر إلى الحديدة، لحضور مهرجانه الانتخابي حيث قيل ان السيارة التي تقله أنقلبت في طريق صنعاء – الحديدة رغم انه وصل الأخيرة على متن طيران اليمنية مع قيادات المشترك ولم تتوقف على هاتفي الجوال إتصالات أنصاره اللاهثة بحثاً عن حقيقة مصير رئيسهم القادم الذي فجعتهم به تلك الشائعة.
الوسط النسائي كان مرتعاً خصباً للشائعات المؤتمرية؛ ما أصاب المشترك بضربة كبيرة خاصة في المدن التي كانت تذهب أكثر النساء فيها لصالحه كالعاصمة وتعز وإب وعدن وذمار. ففي وسط النساء الأكثر تديناً قيل إن بن شملان إشتراكياً وسيعمل على خروج النساء بقوة السلطة التي سيمسكها في حال فوزه “سافرات ومتبرجات”, في حين قُدم إصلاحياً متشدداً في اوساط النساء المنفتحات: سيمنع النساء من التعليم والعمل وسيجبرهن على إرتداء ماأرتدته نساء أفغانستان في عهد حكومة طالبان.
رجلاً بدا في عقده الرابع فجعني وهو يقسم الأيمان المغلظة ويحلف بأطفاله الستة ان بن شملان عمل في عهد حكم الحزب الاشتراكي للجنوب مديراً لمصنع صيرة للخمور, فقط سائق التاكسي الذي قال انه يعمل في معسكر الحرس الجمهوري الذي يقوده نجل مرشح المؤتمر الرئيس صالح بدا متشككاً مما وصله وهو يحدثني عن بن شملان الذي “لايصلي ولايصوم”, ليعود من ذاته ليسألني باستغراب: “بس كيف عاد يكون هكذا وهو مرشح للإصلاحيين وهم يصلون ويصومون ومايعجبهمش اللي مايصلوا!” وأجاب على نفسه: “ماعد درينا من هو الصدق؟”.
بائع القات في السوق الواقع في آخر شارع هائل كان يحدث زبائنه (الموالعة) بقلق الخائف على مستقبل نفسه وإياهم في حال فوز بن شملان الذي لايخزن ويقولوا انه “سيمنع زراعة وبيع القات”, وأضاف مستدركاً: “لكن بيقولوا انه عد يسمح ببيع القات الخميس والجمعة مثلما كانوا يعملوا ايام الاشتراكي في عدن”. إلا ان سائق الباص المتجه إلى الحصبة كان قلقه من نوع آخر يبدو اكبر حيث تحدث لأحد الركاب عن المصيبة التي ستحل باليمن لوفاز بن شملان على منافسه الذي يحكم اليمن منذ 28 عاماً, مبرراً قلقه ذلك بالقول: “خمسة أحزاب ما “شعرفش” كيف يرضيهم ويحلها بينهم و”شيصارعوا” على رؤوسنا”.
بجوار عمارتنا وقفت إمرأة تبدو أنها تلج عقدها الخامس من العمر وكانت تقنع إحدى القاطنات بخطورة فوز بن شملان الإصلاحي وبقية الإصلاحيين في المحليات لأنهم “سيسهلون للرجال الزواج فوق زوجاتهم من مرتين وثلاث”, عرفت فيما بعد انها زوجة عاقل الحارة المرشح للمحليات باسم المؤتمر الشعبي وحاولت سحب البطاقات الانتخابية من النساء بوسائل ترغيب وترهيب ولما وجدتهن ذوات ميول غير مؤتمرية رمت إليهن بإشاعة عن تعدد الزوجات الحاضرة في اليمن كثيراً خاصة لدى الميسورين في حزب الاصلاح، اكبر أحزاب المشترك.
في سوق مذبح مدت المتسولة المنتمية لشريحة المهمشين (الأخدام) يدها لمن كان معنا في السيارة فسألها أحدهم إن كانت صوتت لصالح ام بن شملان فردت بثقة: “ماهي إلا لعلي”, فقال لها ان علي هو سبب وضعها المتردي وتحولها إلى متسولة فقالت بثقة أكبر: “مابيننا الزبادي بأربعين واللحمة نأكلها يومية.بس (مانشتيش) نوقع (سع العراق)”.
لمايقارب الشهرين منذ إعلان المشترك أن مرشحه لخوض غمار المنافسة على منصب رئيس الجمهورية هو المهندس فيصل بن شملان ظل أنصاره كلما أفتقدوا مياه شملان المعدنية من الدكاكين والبقالات كان لنظرية المؤامرة المشهورة عربياً حضوراً لديهم فيتداولون شائعات عن إغلاق مصنع شملان للمياه المعدنية ولم توقف شائعاتهم القلقة القبعات التي وزعها المؤتمر الشعبي وعليها صورة الرئيس صالح واسم مياه شملان كممول لها, وفي المقابل كان الموظفين مدنيين وعسكريين خاصة المحسوبين للمؤتمر إسم “مرتب بن شملان” والدعاء له بعد أن علموا بتوجيهات من الرئيس المرشح بصرف مرتب في منتصف شعبان تحت لافتة “إكرامية رمضان”وهو مالم يألفوه من حيث الإكرامية أو السرعة خاصة في أكبر قطاعات الموظفين في اليمن، القوات المسلحة والامن والتربية والتعليم, إلى جانب أن مشاريع نفذت بسرعة قياسية قبل الانتخابات بأيام تحولت إلى موضع فكاهة باعتبارها “مشاريع بن شملان”, الذي لولا منافسته القوية ماكانت تلك المشاريع انجزت بتلك السرعة ولا صدرت توجيهات من الرئيس ولانفذت بتلك السرعة فيما يخص إكرامية رمضان الذي أعتبرته المعارضة على لسان الناطق الرسمي للمشترك: “مرتب رشوة”.
رجل الاعمال والقيادي الاصلاحي “حميد الأحمر” الذي لم توقفه عن مساندته القوية تصريحات والده التي أعتبرها إستجداء مؤتمري للشخصيات بدلاً عن الناخبين, لم يسلم هو الآخر من مطبخ الشائعات المؤتمري الذي عمل بنشاط فقد تداول أبناء صنعاء القديمة وأمانة العاصمة، عموماً، إشاعة نسبت إليه بأنه قال إنهم ليسوا قبائل وحط من مكانتهم, في حين كانت شائعات مكتوبة وزعت على هيئة منشورات تنسب تصريحات للقيادي الإصلاحي الشيخ عبدالمجيد الزنداني أنه خالف قرار حزبه وأختار صالح مرشحاً له ويحث الآخرين على ذلك ما دفع الزنداني إلى إعداد شريط يؤكد فيه انه إصلاحي وقراره لايخرج عن قرار حزبه فيما يخص المرشح للانتخابات الرئاسية.