عن إرادة الناخبين

محمد الغباري يكتب عن إرادة الناخبين

أقل من ثلاثة اسابيع تفصلنا عن موعد الاقتراع لاختيار رئيس جديد للبلاد. وهي المرة الأولى التي يتاح فيها للناس أن يختاروا من يحكمهم، بعد عقود تولى احتكار هذا الأمر فيها نخبة سياسية أو جماعة عسكرية أو حتى مجلس نيابي.
بعد ستة عشر عاماً على قيام الجمهورية اليمنية تبين أن هناك تشوهات كثيرة في النظام السياسي بكامله، وان قيوداً عديدة ما تزال تحول دون إنفاذ ارادة الناخبين في اختيار حكامهم لتمثيلهم بدون مصادرة أو وصاية. ونحن على مسافة ايام من الموعد المقرر لاختيار رئيس جديد، نسجل اولى الخطوات الممهدة للاصلاح والمانعة للوسائل الناقلة لإرادة الناس..
خلال العقود الماضية اختلف الناس مع حكامهم وارتفعت الشكوى من التمييز الذي يمارس عليهم، وزاد الحديث عن غياب المواطنة المتساوية وعن الرأسمالية الطفيلية التي تشكلت في رحم السلطة، وحوالات صرف المساحات الشاسعة من الأراضي والوكالات التجارية والمقاولات. كما زاد الحديث عن استئثار عدد محدود من الناس بالثروة والسلطة في مقابل اتساع نسبة الفقر والبطالة والحرمان من المشاركة السياسية.
 بعد العشرين من سبتمبر الجاري، لا يجوز لنا لوم أي حاكم وصل إلى كرسي السلطة بإرادة الناخبين، وليس من المنطق أن يعود الناس للحديث عن ظلم أو فساد أو تمييز ضد منطقة جغرافية أو لهجة بعينها، بل علينا احترام رأي الأغلبية التي قدرت ان من اختارته هو من يمثل تطلعاتها.
هذا التفاؤل الذي جاء انعكاساً للحملات الانتخابية والتنافس الذي لم نعرف مثله من قبل، لا تلغيه حقيقة ان هناك اجراءات قمع ونوع من الارهاب يتعرض له الناخبون بسبب افصاحهم عن قناعاتهم السياسية، خصوصاً تجاه مرشح المعارضة فيصل بن شملان. وقد لمست شخصياً كيف ان عدداً من اصحاب المحلات التجارية او السيارات اضطروا إلى وضع صور الرئيس علي عبدالله صالح خوفاً من المضايقات والتهديد الذي يتعرضون له.
ما زال هناك من يعتقد ان وضع العامة صور الرئيس على واجهات المحال او على السيارات هو تعبير عن قناعتهم بسياسته؛ مع ان الحالة العربية تؤكد عكس ذلك. وتجربة العراق وسوريا وتونس وغيرها من البلدان شاهد حي على قدرة الناس على إخفاء حقيقة مشاعرهم تجاه حكامهم وإلى حين. ومع ذلك لم يستطع بعض (بعض ولا أعمم) المتحمسين للرئيس الاقتناع بأن هناك ورقة اقتراع سرية سيحدد من خلالها الناخب خياره ولن يكون بمقدور اي كان مراقبته أو معرفة من اختار.
لو يعلم القائمون على الحملة الانتخابية للمؤتمر الشعبي ان اجواء الحرية والانفتاح ستساعدهم على استبيان مؤيدي مرشحهم ومعارضيه، لما اقدموا على هذه الممارسات، والتي وصلت حد التهديد للقليل ممن اختاروا تحمل عناء المواجهة على خيار الصمت إلى يوم الاقتراع.
خلال الانتخابات الرئاسية في ايران كان الرئيس الحالي، احمدي نجاد، اقل المرشحين حضوراً في استطلاعات الرأي وفي الحملات الانتخابية التي انفق عليها الرئيس الاسبق هاشمي رفسنجاني المليارات. ومع هذا جاءت نتائج تلك الانتخابات وفقاً لإرادة الغالبية الصامتة.
الأمر ذاته في الانتخابات الفلسطينية. حيث اظهرت مراكز استطلاع الرأي ان حركة حماس لن تحصل على اكثر من 35 ٪_ من المقاعد. وحتى عشية انتهاء عملية الاقتراع كانت وسائل الاعلام تؤكد ان حزب الرئيس محمود عباس حصل على 60 ٪_ من المقاعد، وبعد نحو ست ساعات كانت ارادة المواطنين تقلب المعادلة.
malghobariMail