طريق الخمور!

طريق الخمور! - حسن عبدالوارث

كانت لليمن، في سالف الدهور وغابر العصور، طرق تجارية عديدة، كطريق اللبان أو البهار أو الحرير أو البخور.. باد جميعها، وبقيتْ طريق واحدة –بحرية– هي: طريق الخمور!
وجاء في أخبار البائدين من أهل اليمن البائدة.. أن هذه الطريق كانت بتجارة القوارير سائدة.. فيما المخدرات راحلة عنها وعائدة.. وكانت سواحل المخا وذباب بذلك شاهدة!
وتحكي النقوش أن هذه الطريق قُطعتْ، ذات زمن، بأيدي الدناكل.. وحينها انشق القلزم عن حنش ينفث سموم المشاكل.. ومنذها لم تَطبْ لليمانين مشارب ولم تَلذّْ مآكل!
وأوردت الأَضابير العتيقة أن ذلك الزَمان واليمان شهدا بوار تجارة الويسكي المغشوش.. ورواج صناعة البلدي الفاشوش.. وقد صار السكارى حيارى، ينعتون أفورقي بقراقوش!
وأفادت دراسة علمية، لباحث وأستاذ جامعي من أهل ذاك البلد وذلك الأمد، يدعى الكتور حمود العودي، بأن المجتمع شهد خلال تلك الحقبة، مُنْكَرا ً تهتزُّ له الصافية وترتج له الحصبة!
فقالت الدراسة ان ذاك المجتمع شهد حينها "انتشار تعاطي الخمور بشكل جنوني ومَرَضي، حيث تفيد التقارير الدولية ان اليمن في الآونة الأخيرة تعتبر من الدول ذات الأرقام القياسية في تعاطي الكحول، المهرب اليها عن طريق جيبوتي وغيرها، بالاضافة الى تفشي السبرتو والكولونيا وأنواع الصناعات المحلية الملوثة"!
وقد عثر الآثاريون على نقوش تحكي عن تلك المدة.. في بعض ضواحي باب اليمن وعصِر وحَدَّة.. حملت نصوصاً، من ذلك الوقت، شعرية.. تصف أحوَال البلاد والعباد إبان الطفرة الخمرية.. كتبها شاعر موصوم بالشطرية!
ففي إحدى القصائد.. نقرأ هذه الشواهد:
"إِرْث ُ اليماني ذو جذور
أجدادنا شادوا السدود
آباؤنا ألغوا الحدود
ونحن ُ..هَرَّبْنا الخمور"!
وفي قصيدة أخرى.. تبدو الحالة أَطْيَنَ وأَخْزى:
"وطني غَنيٌّ بالوباء
مُستوردٌ مَدَدَ الخمور
ومُصدِّرٌ شَطَطَ النمور
ومُنْتِجٌ... للكُتَباء"!
وفي قصيدة ثالثة.. ندنو من هول الكارثة:
"مجدُ اليماني... تَعرِفُوه
في الليل: (زُطْ).. في الصبحِ: (طُزْ)
في الظهر ِ زينوبٌ
و... رُزْ
في العصر: قاتٌ
... فُضَّ فُوه"!
وقد ترجم الآثاريون الألفاظ الغريبة، الواردة في العجز والصدر.. فبدأ أن: "زُطْ"، هو فعل الاحتساء للخمر المقبلة من البحر.. وان: "طُزْ" هو فعل الإستهتار الذي كاد يُضيع الأرخبيل في البحر.. اما القات فانه نبات شيطاني ألقى بذلك الشعب الى البحر!
wareth