لا لحرية القول والبول.. نعم لحرية «الجول»!!

لا لحرية القول والبول.. نعم لحرية «الجول»!! - حسن عبدالوارث *

<< لعبت كرة القدم ثلاث مرات حتى الآن...
في المرة الأولى لم تَمْسَسْ قدماي الكرة قطْ.. وفي الثانية خرجتُ من الملعب، جرَّاء الإصابة، إثر ثلاث دقائق على بدء المبارأة... أما في المرة الثالثة فقد سجلتُ هدفاً تاريخياً.. في مرمى فريقي!
ما علينا... فليس تاريخي الكروي ناصع البياض هو موضوعنا...
موضوعنا هو المونديال المقبل بعد شهر وأيام...وجميعنا - من قيادة البلاد والعباد إلى قيادة أصغر فريق كرة قدم في أنأى قرية أو حارة- ندرك جيداً أن الشارع الشعبي اليمني بات في أَمَسِّ الحاجة إلى قتل الوقت والجهد والذهن والأعصاب، في حدث غير الحدث السياسي، أو في حادث غير الحادث الانتخابي، أو في أحاديث غير أحاديث السلطة والمعارضة - على السواء- في شأن الحياة الحزبية وشؤون العملية الانتخابية وشجون اللغز الغامض عن هوية رئيس الجمهورية المقبل!
ولا يوجد أحد من بني آدم يموت عشقاً وحرقاً وغرقاً في السياسة بقدر «أبو يمن».. وقد سأل مواطن عربي - في برنامج «السياسة بين السائل والمجيب» الشهير في إذاعة «B.B.C» البريطانية قبل عدة عقود- عن أقرب وأبسط وأفضل الوسائل لتعليم أبجديات السياسة، فأجابوه: إذهب إلى أقرب مقهى شعبي في اليمن!!
غير أن المماحكات والمناكفات والمخابطات والمداكمات التي باتت تكتنف الحياة السياسية اليمنية -لاسيما هذه الأيام- دفعت «أبويمن» إلى البحث عن عشق آخر والوَلَه بمعشوقة أخرى.. ولا أظنه سيلقى عن السياسة بديلاً أفضل من الرياضة، برغم أن هذه الثانية صارت -هي الأخرى- وجهاً آخر للسياسة، في دوامة العبث والعنت.. والانتخابات الأخيرة لاتحاد كرة القدم واللجنة الاولمبية تشهد على ذلك، إذْ سمعنا وقرأنا الويل بهذا الصدد.. والعلم عند الله وحده!
فالسياسة -في هذه البلاد- لم تعد من جدوى فيها ولها وعنها غير حرية القول، مجرد القول، والقول فقط.. أي مجرد الكلام الفارغ والهدرة الفاضية مثل كرة القدم من الداخل، ويوم اعتقلتْ الأجهزة «إيَّاها» -في مصر عبدالناصر- استاذ الجيل احمد محمد نعمان ورهطاً من رفاقه، وزجَّت بهم في أحد معتقلات قاهرة المعز وصلاح نصر..كان النعمان يطالب سجَّانه بالسماح له بالذهاب إلى المرحاض- عزَّ الله قدر القارئ والكاتب والناشر- غير أن مطلبه كان يذهب سُدى.. ويومها أطلق «أبو محمد» صرخته الاشهر من «إيَّارة» محمد المساح، قائلاً: كنا نطالب بحرية القول.. واليوم صرنا نطالب بحرية البول!!
أيضاً، ما علينا من حرية القول والبول.. المهم يا حبايب حرية «الجول»... فهو القائد والملهم والموجِّه للإرادة الشعبية الحرة والحماسة الجماهيرية المتفجرة خلال يونيو المقبل... وبعدها يَحُلّها ألف مليون حلاَّل!... وبالطبع، المُطَّلعون على أنصع الصفحات في تاريخ النضال القومي والتحرري الباسل و البطولي للشعب العربي الأبي يعرفون من هو البطل «جول جمال»؟!
وقد سمعنا أن المحافظ الرياضي -كما يحلو لبعض الزملاء تسميته- الدكتور يحيى الشعبي وَعَدَ الجماهير الرياضية الغفيرة في العاصمة الباسلة بثلاث شاشات عملاقة تنقل لهم عن كثب وعلى الهواء مباشرة مجريات الأحداث الكروية القائمة في ساحة مونديال 2006 على الأرض الألمانية التي ستهتز هذه المرة تحت أقدام اللاعبين والمشجعين والمشاهدين بصورة أكثر بكثير مما اهتزت في الحرب الكونية الثانية تحت أقدام الجنود وجنازير الدبابات وقذائف الطائرات والمدافع!!
أما الشاشة الرابعة فسيُقيمها صديقي وزميلي عبدالله الصعفاني - في مكتبه المجاور لمكتبي- كي أُشاهد معه آخر مبارأة في نهائي المونديال، والتي ستُقام بين منتخبي اليمن وبوركينا فاسو!!

*  رئيس تحرير صحيفة «الوحدة»