الوشاح الجديد!

الوشاح الجديد! - حسن عبدالوارث

جَزَّ " الوشاح" بسيفه النضَّاح المئات من الأعناق، بينها أعناق عدد من خيرة أبناء هذا الشعب، من مناضليه ومثقفيه وطلائعه الثورية الذين نقشوا أولى بشارات الفجر على جدار الليل.
غير أن هذا " الوشاح" (سيَّاف الإمام أحمد الأشهر من فرس الإمام شخصيا!) لم يكن ليتصوَّر يوماً أن نهايته المأساوية ستكون بسيف يجز عنقه، وفي الساحة ذاتها التي شهدت سيفه يبتر رؤوس الثوار الأحرار والعلماء الأبرار والفقهاء الأطهار.
إن َّالسيوفَ على أشكالها تقعُ....
وفي اللحظة التي تدحرج فيها رأس" الوشاح" بسيف أحد زملائه، في ذلك اليوم من العام 1956م، كانت الإشارة واضحة إلى نهاية من يملك سيف "الوشاح" ويوجهه لضرب أعناق أنبل ما في هذه الأُمة.
وببزوغ شمس 26 سبتمبر 1962م شَبَّ العنق اليماني عن السيف الوشاحي والحيف الإمامي وبات لازما ً محتماً أن الرؤوس النَّيِّرة لا تكون وجبة للسيوف ولا هدفاً للقطوف؛ إنما – وبالحق – تُقطع أعناق الطغاة وتقطف رؤوس الجبابرة.
وإذا كان عهد قطع الرؤوس قد ولى؛ فإن عهد نبش الرؤوس – بل والقلوب والضمائر – ما زال قائما ً بيننا، ولعمري أن سيوف التكفير والتخوين والإرهاب (الفكري والجسدي) أشدّ شحذاً وأمضى حدَّاً من سيف " الوشاح" بألف ألف مرة.
إنَّ اللسان سيف، و إنَّ البنان سيف، وإنَّ البيان سيف، وإن الفتوى، من جاهل أو حاقد أو أفَّاق، لَهيَ أسفك السيوف على الإطلاق!
فيفا.. بابلو
"كثيرون قد نَسيوا..
كثيرون قد ماتوا..
أما أنا...
فَلَمْ أَنْسَ،
ولم أَمُتْ".
بهذه الأبيات صَدَحَ " بابلو نيرودا" في وجه الجبروت الأعظم. وبمثل هذه الأبيات بنى "بابلو" مجده الشعري وخلوده الإنساني، برغم مرور آلاف الويلات والحروب والعاهات والفاقات على سِكَّة قطار الزمن ودروب الشعوب في كل بقاع العالم.
واليوم.. ثمة كثيرون يُطالبون برقبة " بينوشيه" قصاصاً حقاً. غير أن طَلَبة " نيرودا" لا يبتغون سوى نُسَخ ٍإِضافية من دواوينه أو مذكراته..
وإذا ما جاء ذِكْر "سلفادور الليندي" فإنَّ علاقته الحميمة بالشاعر العظيم، تُحيله من خانة الرؤساء المُغتالين، إلى حالة الأحلام الجميلة المقتولة أو المشاريع العظمى الموؤودة!
كم من الشعراء العظماء – تُرى – يطبخون خبز مجدهم ويرصفون شوارع خلودهم بأبيات ترسم طريق الأمل والعزيمة لشعوب بأكملها، وتنفحها اكسير الاصرار على أن تملك ذاكرة تفوق حجم العالم وتتجاوز محنة الكون وتبلغ ذروة الخلود؟!.
wareth