مأساة سببها التهاون في حمل السلاح.. إبن ال(13) عاماً جُن بعد قتله اخته خطأً

مأساة سببها التهاون في حمل السلاح.. إبن ال(13) عاماً جُن بعد قتله اخته خطأً

-  منال النقيب
كانت هدى (6 سنوات) تلعب مع أختها في المنزل لعبة الحياة والموت. وكانت تقوم بدور الميتة و أختها تحملها وتدفنها. مرت الأيام وهما تلعبان هذه اللعبة فطلبت منهما الأم تغييرها فبادرتها هدى بالسؤال: أمي إذا مت هل ستعملين لي مولداً؟ (والمولد عادة يمنية تقام في مراسم الموت بقراءة بعض سور القرآن لروح الميت) فقالت الأم: إنطقي خيراً ياهدى، المهم لا تلعبي هذه اللعبة. وفي اليوم التالي وعند أذان صلاة الظهر عاد الأب إلى المنزل مع ابنه (13 عاماً) ودخل غرفته ليغير ملابسه وكان آنذاك يحمل السلاح (المسدس) فلم ينتبه أنه نسيه على السرير ودخل ليتوضأ فتذكر أنه نسي المسدس فنادى زوجته لتبعده عن متناول الأولاد، ولكن الزوجة كانت تصلي ولم تسمع مناداته، وسمعه ابنه فأحب أن يبعده هو عن متناول أخوته، وبينما كان المسدس في يده دفعه الفضول إلى معرفة كيفية استخدامه فانطلقت منه إحدى الرصاصات الموجودة بداخله وأصابت أخته هدى التي كانت واقفة بجانبه فوقعت على الأرض والدماء تنزف منها.
الرصاصة أصابت هدى في رأسها ففارقت الحياة في ذات اللحظة. ولم يستطع أحد من الأسرة أن ينقلها إلى المستشفى من هول الموقف، فبادر أحد الجيران بالدخول إلى المنزل الكائن في أحد أحياء مديرية شعوب أمانة العاصمة وأخذها إلى المستشفى، ولكن للأسف كانت قد فارقت الحياة في ذات اللحظة التي دخلت الرصاصة رأسها، وفقدت الأسرة طفلتها، في حين فقد الابن عقله من شدة الصدمة.
والدة الضحية تحدثنا بإسهاب عن أسرتها بعد أن انعزلت عن العالم الخارجي تماماً فلم تعد كما كانت بحسب قول بعض صديقاتها من الجيران، لم تعد تكلم أحداً ولا تزور أحداً ولا تجتمع مع أحد منذ الحادثة المفجعة، وبصعوبة تحدثت إلينا قائلة: "كنا أسرة سعيدة جداً قبل الحادث والذي حدث قبل ثلاثة شهور بالتحديد وكان لدي بنتان و ولد وكانت هُدى أحب أبنائي إلى قلبي. وزوجي رجل طيب ومتفاهم. كنا سعيدين جداً والحمد لله.."، فقطعت حديثها هنيهة لتبكي وتقول: "آه..آه الحمد لله على كل شيء، الحمد لله الذي لا يحمد على مكروه سواه، فنحن ناس نعرف الله ونعرف أن ما حصل لنا قضاء وقدر وأنا الآن لم أعد حزينة على ابنتي فقد ماتت وارتاحت، أنا الآن أتحسر على ولدي الذي أصبح لا يعقل ما حوله فقد أصبح مجنون بعد الموقف المهول الذي رآه وأصبح لا يذكر منا إلا هدى التي أصبح يناديها ليل نهار أن تعود لتسامحه على ما فعل بها وصدق المثل الشعبي: "لا تزعل على من مات ازعل على من خف عقله ".
والدة هدى تقول: "لم يعد لدي الآن سوى بنت واحدة نسأل الله أن يحفظها من كل شر. وأتمنى من كل من عرف بهذه القصة ومن كل أم أن تحرص على أبنائها وأن تحرص على إبعاد السلاح من متناول أيديهم وأرجو من الله أن لا تتكرر مآساتنا لأحد أبداً ".
فاطمة (أم لأربعة أطفال) ترجع سبب هذه الظاهرة التي تكررت أكثر من مرة إلى كثرة السلاح في أيدي من لا يعرفون قيمته وكذلك عدم الإحساس بالروح العامة والمسؤولية والإهمال والمفترض أن يوضع السلاح بعيداً عن متناول الأطفال حتى لا يندم حامل السلاح حيث لا ينفع الندم وترجع السبب أيضاً إلى عدة أسباب نفسية أخرى منها محاولة إثبات الذات وحب لفت الانتباه.
و يوافقها الرأي محمد السنحاني (أحد المواطنين) الذي قال إن السلاح هذه الأيام لا يستخدم الاستخدام الصحيح، بل يستخدم لإثبات الذات وخصوصاً عند بعض الناس الذين يحبون لفت أنظار الآخرين إليهم والبعض يعتبر السلاح رمز الرجولة.
ومن جانبه يقول المحامي عبدالكريم الانسي إن القانون اليمني لا يحرم حيازة الأسلحة النارية والاتجار بها من قبل المواطنين بل يعتبره حقا لهم وتنص المادة (9) من قانون تنظيم حمل الأسلحة على ما يلي: "يحق لمواطني الجمهورية حيازة البنادق والبنادق الآلية والمسدسات وبنادق الصيد اللازمة لاستعمالهم الشخصي مع قدر من الذخيرة لها لغرض الدفاع الشرعي".
مواجهة ظاهرة انتشار السلاح في اليمن والمرتبطة بالتجارة غير المنظمة بحاجة إلى قانون ينظم ذلك وقرار سياسي واضح قبل أن تمر بقنوات قانونية وتشريعية غير فاعلة.

- عن «سبأنت»