هل نتفاءل؟

هل نتفاءل؟

> محمد الغباري
قبل ما يزيد على شهر أعلن عن إنشاء مكتب تنفيذي برئاسة رئيس الوزراء مهمته الأساسية تنفيذ جملة من الإصلاحات التي نعتقد جازمين أن الحكومة عجزت عن تنفيذها، والهدف الأساس هو مواجهة التحديات التي تعصف بالبلاد ووضعتها في قائمة البلدان الفاشلة.
شخصيا لست مع البطولات ولا مع التنطع بادعاء أن المشكلة ليست في الوزراء أو المسؤولين، وأنه لا ينبغي إيجاد حكومة بديلة عن الحكومة وأن الصلاحيات هي المشكلة في إعاقة تنفيذ مشروع الإصلاح المنتظر، لكني على يقين مطلق أن فساد وعجز العديد من المسؤولين هو سبب أساسي للحالة التي وصلنا إليها، وأن المشكلة تكمن في أن الشخص الذي توكل إليه مسؤولية عامة يتعامل مع المسألة وكأنها فرصة مواتية للثراء قبل أن يغادر موقعه، والأمثال لدينا كثيرة.
المشكلة في تقديري ليست في أن يوجد مكتب تنفيذي صغير يديره رئيس الحكومة، لكنها تتحدد بالإرادة السياسية لتنفيذ المهام التي اتفق على إنجازها خلال العامين المقبلين، وشهد على ذلك الالتزام سفراء الدول المانحة الرئيسية المعتمدين في اليمن، لأن غياب الإرادة السياسية لن يساعد على وقف الاحتكار الحاصل في قطاع النفط سواء من حيث الاستئثار بتقديم الخدمات النفطية للشركات أو بالحصول على توجيهات خطية بامتيازات القطاعات النفطية، ووصولا إلى المبالغ المهولة التي تقتطع تحت مسمى نفط الكلفة وغيرها.
فإذا كانت مهمة المكتب التنفيذي هي اقتراح البرامج الهادفة مثلا إلى خفض فاتورة دعم المشتقات النفطية بالاعتماد على توليد الطاقة بالغاز، فإن الأمر يتطلب من الحكومة أن تقول لنا وللعالم هل هناك احتياطات كافية من الغاز لإنجاز هذه الأمنية، وهي مطالبة أيضا بأن تقول لنا لماذا تقوم المصافي بإبرام عقود استيراد النفط الخام والديزل بأسعار أعلى مما هي عليه في الأسواق العالمية، وهي مطالبة أيضا بأن توضح لنا حجم الاستهلاك لدى المؤسسات الحكومية والمسؤولين، لأن المعلومات تشير إلى أن ما يستهلكه المواطنون لا يتجاوز نسبة 25% من تلك الكميات المهولة التي يتحدثون عنها.
صحيح أن سفراء الدول المانحة سيطلعون بشكل مستمر على نتائج أعمال هذا المكتب، وأن شركة عالمية معروفة ستشرف على أداء منتسبي هذا المكتب، لكن الأهم هو كيف سيعمل المكتب على حل قضية الأراضي في المحافظات الجنوبية، وكيف سيعالج الآثار الكارثية لعملية الخصخصة التي اتبعت هناك، ومن ثم فكيف سيتمكن المكتب من ضبط ظاهرة حمل السلاح ومواجهة الاختطافات والتقطعات اذا كانت أجهزة الدولة هي ذاتها التي لم تفعل شيئا منذ عقدين من الزمن..؟
وإذا ما علمنا أن مهمة هذا المكتب هو تنفيذ معالجات سريعة لضمان تأمين مصادر المياه، فإن ما يحيرنا كيف سيتم ذلك اذا كان وكيل وزارة المياه الدكتور محمد الحمدي قد استقال من منصبه بهدوء وقبلت الاستقالة بعد أن منع من فعل أي شيء تجاه الاستنزاف المتواصل للمياه الجوفية، وهي ممارسات يقف وراءها المتنفذون الذين يحظون بالدعم والرعاية من كبار المسؤولين في الدولة.
اليمن أمام منعطف خطير، والدول المانحة تعبت معنا، وفشلت كل البرامج التي تم الرهان عليها في تجاوز هذا الواقع. ومع ذلك لم نسمع عن محاسبة مسؤول واحد عن هذا الفشل. هل قالت الحكومة لماذا فشل مشروع البصمة والبطاقة الوظيفية؟ وهل استاء رئيس الجمهورية من فشل مشروع البطاقة الشخصية في ضبط الهويات ومنع التزوير والتلاعب؟ وهل علم أن نواب وزراء ومدراء عموم يجمعون بين مناصبهم ومشاريع تمول من الجهات الدولية، ويتقاضون مرتبات عالية جدا نظير ذلك..؟
أظن أننا بحاجة ماسة لإجراءات عملية بسيطة تعيد الثقة للناس بعد أن فقدوا الأمل بإمكانية حدوث إصلاحات حقيقية.