البنك الدولي يتوقع مستقبلاً اقتصادياً قاتماً لليمن

البنك الدولي يتوقع مستقبلاً اقتصادياً قاتماً لليمن

أكاديميون: تنظيم القاعدة هو البديل لغياب التنمية
> استطلاع: ياسر المياسي
كل المؤشرات تنذر بمستقبل قاتم في اليمن. وبحسب تقارير دولية ومحلية فإن الاقتصاد اليمني يتدهور بخطوات متسارعة.
أحدث تقرير للبنك الدولي، توقع هبوط النمو الحقيقي في مجموعة من الدولة ومنها اليمن من متوسط 5.6٪_ في 2008. إلى 2.7٪_ و35٪_ خلال 2009 و2010، محذراً من انحدار حاد في أرصدة ماليتها العامة وأرصدتها الخارجية.
ما من بشائر في التقارير الدولية والمحلية؛ جميعها ترسم مشهداً للفوضى في الاقتصاد اليمني تصب في ضرورة إيجاد سياسات اقتصادية ناجحة تستوعب الانفجار السكاني الذي تعتبر معدلات الخصوبة الإجمالية فيه من بين أعلى المعدلات في العالم، وبهذه الوتيرة يتوقع وصوله إلى 50 مليون نسمة عام 2035، وكذا شحة الموارد التي توكد المؤشرات أنها في نضوب مستمر خصوصاً النفط الذي يشكل 92٪_ من إجمالي الصادرات.
حاولنا في هذا الاستطلاع تتبع آراء عدد من المختصين والأكاديميين لمعرفة بعض الأسباب المسارعة في التدهور، حيث يرى الدكتور محمد أحمد الأفندي أن ارتفاع نسبة مساهمة الصادرات النفطية في إجمالي الصادرات يكشف الاختلال البنيوي الذي يعاني منه الاقتصاد اليمني، والذي يتسم بمحدودية قاعدته الإنتاجية، وهو الأمر الذي انعكس على ضيق ومحدودية هيكل الصادرات اليمنية، والتي تشمل بالإضافة إلى النفط، بعض السلع الأولية الزراعية، والاستهلاكية، حيث تشكل الإيرادات النفطية نحو 70٪_ في المتوسط من إجمالي الإيرادات العامة للدولة، أي أن الإيرادات غير النفطية (الضريبة وغيرها) تشكل نحو 30٪_ في المتوسط.
ويؤكد الأفندي أن ارتفاع أسعار النفط العالمية، قد عوض النقص في الكميات المنتجة من النفط، وهو الأمر الذي أدى إلى ارتفاع مساهمة الإنتاج النفطي في الناتج المحلي الإجمالي، وقد وفر ذلك موارد كبيرة للموازنة، حيث شجع على مزيد من الإنفاق العام المبرر وغير المبرر. إلا أن هذا الوضع غير قابل للاستمرار كون هذا المصدر ليس قابلاً للاستدامة وذلك في حالة انخفاض احتياطي النفط أو انخفاض الأسعار العالمية للنفط، وهو الأمر الذي يتطلب التأهب وأخذ البدائل المستقبلية. علماً أن الاحتياطي النفطي المتبقي يقدر بحوالي 101 مليار برميل.
يتفق مع الدكتور الأفندي أستاذ الاقتصاد علي الوافي الذي يؤكد أنه يجب النظر بعمق لحجم المشكلة التي ستواجه اليمن، حيث يرى أن الانهيار المالي قادم في ظل نضوب النفط وعدم وجود سياسات ناجحة لاستغلال الموارد غير النفطية التي هي شبه غائبة. كما يؤكد أن الإصلاحات الاقتصادية لم تنجح بسبب غياب الخطط والاستراتيجيات الناجحة، كما أن الفساد سبب كبير لضياع معظم المنح والقروض التي تحصل عليها اليمن، ويمكن تشخيص الوضع في اليمن (بتحديات دون حلول)، وأصبحت تلك التحديات تزداد كل يوم، وأرجع وجود التطرف إلى غياب عملية التنمية حيث إنه في ظل الفقر واتساع البطالة يتواجد الإرهاب والتطرف.
وقال الوافي إن المعوق السياسي في اليمن هو الذي يحول دون إيجاد تنمية حقيقية، ويرى أن التقارير الدولية التي تشخص الوضع الاقتصادي ليست بعيدة عن الحقيقة، حيث إن الإصلاحات الاقتصادية لم تهتم بتنمية حقيقة للإنسان والموارد، بل اهتمت تلك الإصلاحات بالأرقام للوصول إلى نتائج دون معرفة على حساب ماذا تحققت.
وطالب الدولة بأن توجه مواردها واهتمامها إلى عملية التنمية لا إلى إدارة الصراعات والحروب. كما طالب بالتوجه إلى بناء مدن جديدة من شأنها التخفيف عن المدن التي باتت مزدحمة ومكتظة، كما ستعمل على إيجاد فرص عمل تخفف من البطالة التي تعتبر أكبر مشكلة تعاني منها اليمن، حيث تزداد يوماً بعد يوم بسبب المخرجات الدراسية التي لا تواكب سوق العمل الذي أصبح أهم مقوماته التدريب والتأهيل.
وانتقد الوافي سياسات الإصلاحات الاقتصادية حيث إن المبالغ التي رفعتها الحكومة عن دعم المواد الأساسية للمواطن تذهب إلى جيوب الفساد والمفسدين، مشيراً إلى أن الإيرادات والدخول لا توزع بشكل عادل بين أبناء الشعب.
 ومع أن التقارير الدولية ترى أن هناك عدداً من القوانين والتشريعات لا تواكب إيجاد مناخ استثماري جاذب للمستثمرين، كما ترى أن الموارد يتم استغلالها بطريقة عشوائية لا تحقق أي هدف من شأنه يحقق أي حافز للاقتصاد، طالب علي قائد أستاذ الاقتصاد بجامعة صنعاء، بإجراء تعديلات في عدد من القوانين الحالية ومنها قانون الاستثمار حتى يتيح مرونة كبيرة للمستثمرين ويحقق لهم عدداً من المزايا بما يهيئ المناخ الاستثماري المناسب، فعدم توجه الدولة لإجراء تعديلات حقيقية يتناقض مع توجهها ودعوتها للترويج لجذب المشاريع الاستثمارية.
وأشار قائد إلى أن المناخات الاستثمارية في بلادنا لا تزال مفقودة، ولا يزال الاستثمار يواجه عدداً من المشاكل يجب على الحكومة أن تعمل على حلها. وقال إن الحكومة لديها توجه نحو الاستثمار في البلاد، وفي نفس الوقت تناقض هذا التوجه من خلال ممارستها أفعالاً تعمل على انكماش الاستثمار، مثل ممارسة نشاط أذون الخزانة التي تعمل على تثبيط المشاريع الاستثمارية وستتحمل الأجيال القادمة عواقبها.
وأضاف أن اليمن تمتلك موارد طبيعية متعددة لكنها مهدورة ومهددة بسبب انتشار الفساد في أجهزة الدولة.
وانتقد أستاذ الاقتصاد سوق العمل الحالي الذي يعتبر غائباً تماماً، وقال إنه لا يوجد سوق عمل حقيقي، فالسوق الموجود مشوه ويفتقر لمقومات السوق الحقيقي من قطاعات بارزة.
وأوضح أن رأس المال هاجر إلى الخارج، وما يستثمر في اليمن من قبل بعض رجال الأعمال عبارة عن مصروفات بسيطة لا تصنع تنمية حقيقية.