الولد الخرافي

الولد الخرافي

> منصور هايل
سيكون هناك
براميل
وسلاطين
وكراتين
أمراءٌ
وشيوخ
وزعامات
عاهات
دول واماراتٌُ حاراتٌُ
من برميل تنشأ سلطنة
من أخر تطلع مشيخة
تسطع، تطفح مزبلة
والكل زعيمُ
>>>
ذلك مقطع من «سيرة الولد الخرافي» وهو طفل مستمر ولا يكبر بقدر ما يتكاثر كطفل في مشتل الادهاش.
هو طفل مذ كان بلا وطن ولا أمل وحتى يوم الناس هذا، وطفل كما كان في غبش الرحيل من قريته المزروعة فوق الغيوم إلى «عدن» وإلى فرن في جحمي الصيف.
في عدن كان «جبلي» وفي صنعاء «لغلغي». في الأولى «شمالي»، والثانية «جنوبي»، وتشطر بين الشطرين، وعاش غريباً، مشكوكاً فيه، وأقام في شطر الرعب، وفر من «زمن الغليان الثوري» والفرن والبحر والدرس في «عدن» إلى صنعاء حيث تشكل وعرف الجوع، الخوف، الرعب، القمع، السجن، الحرب. واكتنز الحزن، وتعشق الوحدة، الحلم، الهم، الهيام وغواية الجرجرة إلى السجن وغرف التأديب والتعذيب، واعتقل في «سجن القلعة» يوم كان شقيقه يرزح في «المنصوره».
الطفل الذي كانت الوحدة بالنسبة له حاجة وكانت أم إبداعه من داخل براميل التنكيل والتشطير، كما كانت تطلعه وحلمه الذي لم يفارقه حتى أثناء التحقيق وتحت التعذيب، وكان محموماً بها وبمن اخترعوا البراميل وأجهزة القمع، المعتقلات، آلات القتل، الحرب، الموت.
الطفل الذي انمسخ في السجن إلى ذئب، وأستأجر قبواً وتأبط مطراً، وحلاً ونساء سمراوات وشقراوات وفتاة مطر حشرته ذات يوم في مخنق سؤال «الهوية القاتلة».
واستأنس الكون وسامح «خميساً» وكافة الجلادين والجلاوزه ونام يوم «الوحدة» بلا كوابيس وفرح بجنينها المعلن، وفجع بالحرب الملعونة وقال:
إن الوحدة بالعدل وليست بالحرب تدوم.
                وقال: بعيد الحرب الملعونة
 ضاق الوطن الحلم
 واتسع النهب الوطني
 للنهب حدود
           نهابون بدون حدود
         نهبوا وطنا في عز الظهر
 والرب كريم.
>>>
ذلك الطفل الكبير والكثير يشبهني بإفراط واقعي صارخ، وليس ثمة ما يردعني عن الادعاء أنه أنا بكامل انطوائي على كنز الأحزان، وكما أنا عليه مكتوب بالسيرة الشعرية المذهلة للرائع عبدالكريم الرازحي صاحب النص الخلاب «فصل من سيرة الولد الخرافي».
... التحية لهذا المبدع الخرافي والأخاذ في تضفير «نفاس الوطن المؤجل، وتسويغ فكرة أن تكون الحياة محتملة وإنْ في حلق الكابوس».