محنة الفقر

محنة الفقر

> محمد الغباري
انتهى رمضان، وجاء العيد، لكن الوضع الاقتصادي المتردي لم يرحم الصغار ولا الكبار، ولا الحكومة رأفت بمواطنيها لا بصرف الإكرامية السنوية، ولا حتى بصرف مرتب شهر سبتمبر قبل العيد، لعل وعسى أن يخفف ذلك من وطأة الالتزامات والحالة المعيشية للغالبية العظمى من الناس.
أظهر تقرير التنمية العربي أن اليمن أكثر البلدان العربية فقرا، فيما كانت لبنان وسوريا الأقل في أعداد الفقراء، ومع كل ما ذكر عن تراجع عائدات النفط واتساع رقعة البطالة والفقر، إلا أن أي إجراء لم يتخذ للتخفيف من الآثار الناجمة عن ذلك، خصوصا وأن استمرار الأوضاع على هذه الحالة سيزيد من فرص الجماعات المتطرفة في استقطاب الشباب المحبط الفاقد الأمل في المستقبل، كما أن من شأنها أن ترفع معدلات العنف والجريمة، وتضاعف حالة الانقسام الاجتماعي.
في بلد كاليمن نحن بأمس الحاجة للأصدقاء وللداعمين لنا، ولسنا بحاجة لعداوات، ولم يعد بإمكاننا توظيف جماعات العنف والتطرف في أي صراع سياسي. انعدام حالة الثقة بين صناع القرار السياسي والدول الرئيسية المانحة يضاعف من المشكلة الاقتصادية، وغياب الفاعلية في محاربة الفساد ينهك الوضع الاقتصادي المتردي أصلا، ويعمق حالة التذمر الشعبي إزاء أداء أجهزة الدولة.
بالأمس، أعلنت هيئة مكافحة الفساد عن إحالة ملف فساد في قطاع الاتصالات إلى النائب العام، وقالت إن الصفقة كبدت الخزينة العامة 40 مليون دولار أمريكي. وهذه خطوة ممتازة تحسب للجنة التي نعلق عليها آمالاً كبيرة. كما أن هذا الإعلان جاء بعد أيام من إحالة الهيئة ملف الإعفاءات الضريبية التي حصلت عليها شركتا إم تي إن وسبأ فون إلى القضاء، وإذا تعامل القضاء بإيجابية مع هاتين القضيتين، فإنه سيعيد جزءاً كبيراً من الثقة المفقودة في النظام السياسي بأكمله.
أبلغتني الدكتورة بلقيس أبو أصبع نائبة رئيس هيئة مكافحة الفساد، أن الهيئة أنجزت قضايا كثيرة، وأنها تعمل بجد في مواجهة قضايا الفساد، وهو أمر مازال غائبا عن الرأي العام، ولهذا فإن الهيئة بحاجة لتفعيل أدائها الإعلامي، وللمزيد من الشفافية في تقاريرها، لأن هذه التقارير اذا لم تصل للرأي العام فلا معنى لها، وإذا لم يكن أداء الهيئة قائماً على المهنية وبعيداً عن أية شبهة سياسية، فإنه سيقضي عليها، وعلى الفكرة التي وجدت من أجلها.
اليمن بلد فقير ومحدود الموارد، ولهذا فإن صناع القرار مطالبون بتوظيف كل الإمكانات في برامج التنمية وبناء الفرد، وأي إخلال بهذه القاعدة سينعكس على الأوضاع السياسية والاقتصادية بشكل عام.