حكايا جرح إلى آخري

حكايا جرح إلى آخري

> سام أبو أصبع
ثمة خيط فاصل بينك وبين حاضرك المحاصر. بينك وبين حريتك زنزانة لا تتسع سوى لعبوديتك. وبينك وبين أشيائك حميمية مفقودة منك. في زواياك دهشة بأسباب حياة لا زالت هويتها في طور التكوين. بينك وبينك عالم اعتقدته كما شئت فحضر كما يشاء آخر غيرك يمتلك أسباباً للمشيئة وللاعتقاد. فهل عليك أن تتوقف كثيراً في محاولة مستحيلة لتوفيق بين عالمين وبين مشيئتين؟ وهل عليك أن تنفق مزيداً من حريتك في أسطبلات العبودية لكي تشرف على هدنة بين عالمين لا يمكن لها أن تدوم؟
ثمة غربة أصبحت في طورها الأخير نحو الاكتمال نحو تغليف حياتك بمنفى سيمتد من لحظته التي ستبدأ قريباً حتى نهايتك.
فثمة سقوط لأمنية تمنيتها ولم تدركها ولم تدركك لتظل خيبة السقوط شاهداً على فشل لم تستطع تجاوزه فظل يتتبع خطواتك في الفراغ الشاغر مكان الامنية، لتدرك أن بينك وبين أشيائك شيئاً لم تقله أنت ولا أشياؤك خوفاً من ألا يفهم أحدكما الآخر. ودون أن تعلم أن إحساسك وحده لا يكفي. تصر على سكوت ثمنه غربة تتأبد حد الضياع وعندك حدك الاخير هذا يدركك ما لم تتمناه وما لم تحلم به يوماً. ويصر على اصطحابك كسجان يمنع عنك الضوء كي لا تستطيع النظر أبعد من قدميك. قدماك اللتان لم تعد تعرف خطواتهما جيداً عندما تتحرك قدم نحو الامام أم تتراجع نحو الخلف، وفي كلا الحالتين تصطدم بجدارين للضياع وللفشل وبيأس نازل عليك كقدر تعقد ذراعيك إلى صدرك مستسلماً لموتك الذي يأتي قبل الأوان. دون أن تجعل له أي معنى. موتاً عادياً لحياة انتحرت بحماقات الانتظار.
بعدها ماذا سيكتب على شاهد قبرك؟ ومن سيحمل عنك نعشك في طريقك نحو النهاية؟ ومن تراه سيتذكر عنك أشياءك؟ من سيذكرها بما كنت تتمناه ولم تدركه وبما أدركك ولم تتمنه؟
من سيكمل عنك الطريق نحو مستقبل رتب مكانك فيه بين أمكنة كثيرة بعناية وبحرص؟ بين أن تعي أن ما تخطه ليس النهاية وبين أن تدرك قدرتك في العبور نحو المستقبل. تكمن حريتك التي يمكن لها أن تكتبك بشكل أفضل من عبوديتي التي حتماً لها رأي آخر. فاذهب باتجاه واحد كما الحياة وتعمد النسيان قد يكفي قليل منه للحظة من خلاص تصطادها في الخطى قدماك.
أشياؤك السماوية لم تعد تكفيك كي تؤمن بقدرك فاعتنق قلبك واعتذر له كي يغفر لك ويحدثك بآخر الاغنيات ويأخذك لفسحة من أمل لم يأت بعد تكمله ويكملك.
قدماك بالخطى مثقلتان، فتعجل بذهاب نحو غد تذهب إليه ولا يأتي اليك كيما يرتب فيه مستقبلك.