لا تكن عبداً.. قافلة صخر الوجيه!!

لا تكن عبداً.. قافلة صخر الوجيه!! - علي الجرادي

ينصرف استخدام مصطلح «الفساد» في الوسط السياسي باتجاه المؤتمر الشعبي العام وحكومته، ويصبح اكثر تحديداً في الخيال الشعبي إلتصاقه بنهب المال العام. والمقاربة الاصطلاحية تعني إساءة استخدام الوظيفة العامة. ومقتضى الإنصاف يدفعنا للتدقيق، فليس كل مؤتمري فاسد معني بنهب المال العام؛ إذ أن قواعده وأنصاره لا يصلهم سوى حديث الصحافة عن الفساد وثرائهم وبذخ أبنائهم والقصور والمسابح وعدد الخادمات.. إذ يحتفظ احدهم بعشر خادمات من جنسيات وأشكال وأعمار مختلفة، وهو يمثل فقط متطفلاً على الحاشية، بخلاف الشركات التجارية المتعددة التي يديرها ابناؤه. وذات يوم زاره عضو أمانة عامة للمؤتمر الشعبي، فخرج مذهولاً رغم ثرائه هو شخصياً، واتصل بي معاتباً: لماذا تسكت الصحافة عن هذا الثراء الفاحش الذي يعتقد عضو الأمانة العامة أنه من الخزينة العامة؟ فعاتبته بأن انتماءه لحزب يوفر الحماية والغطاء للفاسدين هو المشاركة في الجريمة وهذا عين الفساد الأخلاقي والسياسي والشرعي. وهنا ندلف إلى صلب هذا الموضوع، فكثير من المسؤولين التنفيذيين وقيادات المؤتمر الشعبي العام، إذا ما ضمنا مقيل خاص، تحدثوا عن النهب الواسع لثروة البلاد وسيطرة الأبناء السياسية والعسكرية والمالية، وأن البقية موظفون ليس إلا. بل إن معظمهم يشتمون المعارضة علناً وينتهزون اقرب فرصة للاعتذار، معللين قلة الأدب بأنها أوامر صدرت إليهم، وهي أيضاً نفس الحجة التي يسوقها بعض زملائنا الصحفيين، وذلك مسلك جد خطير بالنظر إلى مضاعفاته الإنسانية بالتسويق لنفسية المقهور والمستعبد، وممارسة التطهير الذاتي بلحظة طهر لا تسمع من خلف الجدران. فما الذي يجبر هؤلاء على الصمت كجريمة؟ بل من ذا الذي يجبرهم على مسلك العبيد؟! وأخص بالذكر كل من اعرفه شاكياً من الفساد والاستئثار بالثروة والسلطة واستخدامهم كادوات، ثم إذا وقفوا علناً تحدثوا عن المعجزات والمنجزات وألقوا مقطوعات المديح وأطالوا الانحناء.
أرجوكم، كفوا عن التطهر الانفرادي! لا جدوى من ممارسة النفاق، فذلك قطعاً لن يريح ضمائرهم، ولن يعفيكم من المسؤولية الأخلاقية. لقد فضح سوءاتكم صخر الوجيه. حاولوا الاغتسال من درن العبودية المختارة التي تمارسونها وتستمرئون وضع أنفسكم في خدمة الطغيان وتتقربون لسيدكم باقتراف التزيين والمباركة لجوع الفقير وانين المريض ودموع الاطفال.
ذات يوم سألني مؤتمري درجة رابعة كبقية أبناء الشعب قائلا: فلان (وذكر اسم قيادي مقرب من المؤتمر) يشتري النجفة الواحدة للـ«فيللا» الجديدة بآلاف الدولارات، وراتبي لا يكفيني أياماً معدودة. فقلت له: يكفي انك من تسنده ببقائك نصيراً في هذا التجمع المصالحي، فنحن نشاركهم الوزر ولا نقاسمهم النعمة، ثم نشكو من الفساد، ونتألم لحال اطفالنا، وتقهرنا أمراضنا، ويذلنا فقرنا، ونتغافل عن مساهمتنا في الجريمة، وننتظر المخلص، ولا مخلص لنا سوى أن نتحرر أولاً من العبودية المعششة في دواخلنا، فمن كان منكم حراً فليلحق بصخر الوجيه أو يختار طريق الانحناء بصمت؛ فلا سعة لدينا للتعاطف مع العبيد.