أزمة العرس والمأتم.. !!

أزمة العرس والمأتم..!! - عبدالله الصعفاني

سأبدأ من حيث انتهى زميلي سامي غالب في العدد الماضي من «النداء»:
«تريد السلطة عرساً، وتريد المعارضة مأتماً.» ولكن هل يقتصر هذا الاستنتاج على ماراثون السباق إلى كرسي الرئاسة؟.
كلا، وإلا قفزنا في بهلوانية فوق ما يعتمل في أذهان الناس من أحكام تدور في الظاهر وخفاء تحت الجلد.
الأزمة القائمة بين فريق يحكم وآخر يعارض، لم تكن لتأخذ هذا المنحى لو لم يقبل أرباب الكلمة في أن يكونوا وقودها..
وإلى أن يتوازن الحال وأرى في صحف المعارضة ومناصريها من يكتب بالعدل ويمر على الأبيض ولو مرور البخلاء، سأتمترس بعض الشيء في الإشارة إلى مولد إحتشاء بعض المعارضة في مزاد تلوين كل فضاء بالأسود بدوافع القفز إلى سلطة الحكم العام والحكم المحلي وبدون أي تفكير في اعتبار وطني أو اجتماعي.
هل يستطيع قارئ حكيم أن يفسر لي لماذا يتسيد النَفَس المعارض تماماً حتى على صحف ليست ناطقاً رسمياً باسم المعارضة ومع ذلك تبدو كذلك..؟
الحكاية في اعتقادي تتصل بثقافة القبول بأن تكون الصحافة السيارة شديدة الشبه بشارع السيارات: خصوصي، اجرة، مؤقت، وإدخال جمركي.. أو أنه استسلام لحاجز وهمي يحتاج لمن يحطمه.
من يتحمل مسؤولية ضعف التعاطي الصحفي مع الحقيقة.. الأبيض والأسود، الانجاز والإخفاق.. وإدراك الراهن مع الصعب.. دونما إغفال لضرورات التفاعل مع المستقبل.. على الأقل من باب إحترام القاعدة الاعلامية «الخبر مقدس والتأويل حر».
هل يستطيع كائن من كان أن ينفي ظاهرة المدح بأجر والشتم بمقابل على حساب الحقيقة وعلى حساب «الحكمة ضالة المؤمن»؟
كيف يمكن لعاقل أن يقبل بأقلام تروج للفتن تصفق لأي فكرة تهز سكينة المجتمع وتشده وحدته وترى في أي حديث عن ثوابت الوطن كلاماً فارغاً..؟
ما جدوى المعارضة إن فقد من يكتب بوصلة الاهتداء إلى روح المعارضة وجوهرها؟!
وأين احترام الضرورة الوطنية والاعتبار الاجتماعي إن خيم الاعتقاد بأن الكتابة بالاسنان والحديث بالاضافر هو طريق الكاتب التائه إلى معارضة تلتقطه أو حكومة تسترضيه؟
وهل صار هذا النوع من غرق التشاؤم وتسفيه كل إنجاز وكل تحول هو إجابة لسؤال كيف تكون معارضاً في خمس دقائق وبدون معلم؟
لقد حاول زملاء أن يتمثلوا روح المسؤولية في مواقفهم، ولأسباب تتصل ببطاقة الحزب المعارض او حتى روح الاعتراض على الأخطاء فوجدوا زملاء لهم يرهبون فكرياً قائلين: لقد التقى فلان بمسؤول في الدولة، والتقى في احد المواقف مع السلطة ولهذا لا نراه إلا قد باع القضية..!!
كل هذا ومن يرهب زميلاً له يمضغ القات حتى الفجر وينام حتى الظهر في شهادة على أنه بدون قضية أصلاً.
وأشهد أن رؤساء تحرير من وزن سامي غالب وجمال عامر وحميد شحرة قرروا منذ فترة فتح نوافذ ولو صغيرة للرأي الذي لا يأخذ موقعه بالضرورة في زامل لطم الخدود وشق الجيوب.
غير أن فتح هذه النوافذ امام الرأي الآخر بقدر ما فيه من تخصيب للأفكار إلا أنه لن يلغي الحاجة لأن يشير خالد سلمان إلى انجاز حكومي في صحيفة «الميثاق» فلا يتردد اسكندر الاصبحي في الحديث عن إخفاق حكومي بمقال يرسله إلى «الثوري».
هل تنفيذ الفكرة ممكن؟ أم تراني طالبت بالمستحيل الرابع؟