حركة سلمية جديدة تطالب بتعويض متضرري «جولة كنتاكي» ب14 مليار ريال

يقاوم متضررو جسر «جولة كنتاكي» كابوس الإغلاق الذي جثم على أرزاقهم وشلّ حركة محلاتهم
منذ أكثر من 4 أشهر دون طائل. ولأنهم قرروا مطالبة الدولة بتعويضهم وفقاً للقانون لم يستسلموا كغيرهم من متضرري الجسور الأخرى. قد تكون حالتهم وحالة متضرري جسر «جولة سبأ» استثنائيتين، ربما لضيق المساحات الجانبية للجسرين؛ فقد قرروا تشكيل لجنة منهم لمتابعة التويضات من الدولة. وتم اختيار نصر ناصر الفرزعي رئيساً لها.
وأعدّ نصر الفرزعي كشفاً تفصيلياً بإجمالي الأضرار والخسائر التي لحقت بالمتضررين جراء إغلاق الجولة وتحويل المشروع من نفق إلى جسر، وهو ما يضاعف الأضرار المستقبلية. قدّر حجم خسائر المبيعات والإيجارات ل102 محلا ومركزا تجارياً المتضرر المباشر من إغلاق الشارع لمدة سنة، فترة التنفيذ 11 شهراً ب3 مليارات ونصف ريال.
وقال إنه استشار عددا من المهتمين والعاملين في بيع وشراء العقارات بشأن الأضرار المستقبلية التي ستلحق بقيمة العقارات وأفادوه بأن الخسائر تقدر بنحو 14 مليار ريال ل40 عقاراً.
وأكد أنه طالب مسؤولي أمانة العاصمة بتعويض المتضررين، لكنهم لم يتجاوبوا معه «رغم قانونية مطلبنا». وأضاف: «المسؤولين معترفين ومقرين بالأضرار، لكنهم يقولون إنهم يرفضون تعويضنا بسبب عدم سنّه كمطلب لجميع المتضررين من مشاريع الجسور». ناصحاً إياهم بالتعويض، «ما لم فسنقوم بكل الأساليب للضغط عليهم: إقامة خيمة أمام رئاسة الجمهورية ورئاسة الوزراء ومجلس النواب وفي مقر المشروع». واعتبر مطالبتهم «مسألة مصيرية، ولن نتهاون في الحصول على حقنا».
وتوعد الفرزعي أمانة العاصمة بتصعيد الاحتجاجات والاعتصامات في حال لم يتم التجاوب معهم، «وسنحاول الالتقاء بمتضرري الجسور الأخرى لنتحالف لانتزاع حقوقنا القانونية من أمانة العاصمة».

***
منذ الآن سيعيد معظم التجار حساباتهم لمواقع جديدة وأكثر ضمانة لعرض سلعهم، وسيجبر أصحاب العقارات على إعادة النظر في تسعيرة إيجارات محلاتهم، فيما ستظل الحكومة تتجاهل مطالبهم بالتعويضات وتكرر أخطاءها في مخططات الشوارع.
شهرة ماضية ومضرب مثل مستقبلي
 
> هلال الجمرة
 أهم التقاطعات في أمانة العاصمة من الآن فصاعداً لن تكون مواقع لجذب أنظار التجار والمؤسسات التجارية الكبرى كما كانت قبل تنفيذ الجسور عليها. كما ستعمل على توجيه أنظار التجار إلى أماكن أخرى بعيدة عن التقاطعات قد تكون أطراف العاصمة بالنسبة لشركات وبنوك تجارية كبيرة. من كان يتوقع أن تصبح «جولة كنتاكي» أو «جولة سبأ» منطقة طاردة للتجار؟ لا أحد!
إلى وقت قريب، كان التجار يحلمون بموضع قدم يستأجرونه في شارع الزبيري. ولأن المحلات الواقعة فيه تتمتع بشهرة واسعة ومواقع تجارية مغرية، فقد كان من المستحيل أن يظفر التجار بمساحة على هذا الشارع.
لكن يافطات غريبة بدأت تحتل واجهات أقرب المحلات إلى «جولة كنتاكي» تبحث عن رجل تجاري يعقد عليها (المحلات للإيجار).
تجربة السنوات الخالية تبدو على النقيض لما يحدث، إذ تقول قاعدة الخروج الكانت سارية إن مغادرة المستأجرين لأي محل في شارع الزبيري أو شوارع أخرى هامة تشترط على المستأجر الجديد دفع مبلغ مالي للمستأجر السابق يعرف بما يسمى «نقل قدم» يصل لمئات الآلاف وملايين الريالات، مقابل الموقع التجاري.
عند انتشار خبر البدء بإنشاء نفق تقاطع شارعي الزبيري والدائري (جولة كنتاكي) قبل 6 أشهر، انتقل اثنان من المستأجرين في عمارة الحاج علي الفرزعي (وكالة سفريات وسياحة ومحل تجاري آخر)، وبقيت لديه فتحتان: صيدلية وبقالة يمتلكهما هو وابنه. انتظر الفرزعي قدوم مستأجرين جدد لمحليه مدة شهر، شهرين... لم يطرق بابه أحد. بعد 3 أشهر، حاول الرجل إشعار الناس بأن المحلات فارغة ومعروضة للإيجار، فعلق لافتة قماشية مكتوب عليها «المحلات للإيجار، للاستفسار...». لم يستفسر أحد عن هذه المحلات حتى الآن بعد مضي 4 أشهر من تعليقها.
ليست إيجارات المحلات فقط هي ما يخيف التجار، ففؤاد علي الفرزعي، الصيدلاني، مكروب أيضاً ويتملكه اليأس، مع أنه لا يدفع إيجار المحل، لكنه متضرر جداً ويشكو كأي صاحب محل في شارع الزبيري: «ما عد فيش فايدة». وأضاف أن المستأجرين الذين نقلوا محلاتهم «عندهم حق؛ هل يستأجر مدة 9 أشهر بدون فايدة؟» (يقصد مدة إنجاز مشروع جسر كنتاكي)، مقدراً نسبة الخسائر بنحو %60. وفضلاً على خسارة الفرزعي (الأب) بضياع الإيجارات خلال هذه الفترة يقول إن خسارتهم أبدية، فعقارهم متضرر من إنشاء الجسر. «راجعنا على تعويضات لكن بلا فائدة»، منتقداً السير ببطء في تنفيذ المشروع، خلافاً لما اتفق عليه.

***
محلات تعتمد %100 على السيارات
محلات مفتوحة بدون إمكانية وصول السيارات إليها مؤكد أنها ستبقى خالية من الزبائن. تختلف في محتواها: معدات ثقيلة، سيارات، بنشر السيارات، أثاث، قطع غيار سيارات, علاوة على مراكز تجارية ستتأثر بأي شكل. وتتفاوت نسبة الضرر من محل إلى آخر.
في المحلات التي انشلت حركة البيع فيها كلياً فضّل بعض ملاكها الانتقال إلى أماكن تنبض بالحياة. مثلاً أدار مالك معرضي «الأخوين» للسيارات محركات عشرات السيارات المتنوعة الى واجهة أخرى بعد أن صدم بلوحات الزنك تقفل شارع القيادة لإنشاء جسر «جولة سبأ» ما أدى إلى عزل معرضيه عن الزبائن، فأصبحا مساحات يسكنها الفراغ.
وعلى مقربة منهما عجز صاحب مركز اتصالات عن سداد ايجار الموقع في الشهر الأول من إغلاق الشارع. ويقول جاره غانم, صاحب المحل المجاور: «لقد عزّل من المحل بعد توقف العمل تماما»، فيما صاحب العقار لم يقبل تخفيض الايجار. لكن المكان لم يبق خاليا، إذ استأجره أحد بائعي القات.
 «الشارع يحتضر وينتهي، وبعد أيام سيصبح جثة هامدة»، قال جميل الحمادي، أحد العاملين في ثلاجة الحمادي. وأضاف: «انشلت الحركة وقّل الدخل اليومي الى الربع». وأفاد بأن العمل في ثلاجة الحمادي كان يعتمد بنسبة %95 على بيع الماء للبائعين المتجولين الذين يبيعون الماء في الجولة، وهو يخشى من أن تستمر الخسائر لمدة أطول وأن ترهقهم المقاومة بشكل كبير: «نريد من الدولة أن تعوضنا ولو بنصف الخسائر».
لا يرى عصام صالح الباكري مخرجاً من محنة إنشاء الجسر الذي يضغط على خاصرته سوى أحد خيارين: إما الاقتراض لدفع ايجارات المحل والاستمرار في العمل حتى انجاز تنفيذ جسر كنتاكي، وإما مغادرة المحل ثم اليمن أيضاً الى إحدى دول الخليج.
عصام، وهو صاحب محل لطبع المفاتيح، يشكو من العديد من المشاكل التي حدثت بعد إغلاق الشارع: لا يجني من عمله اليومي إلا ما يكفي لمصروفه الشخصي، إيجار المحل 20 ألف ريال، وقد رفض المالك أن يخفضه، المحل يقع في مساحة 120 سم، انقطاع الكهرباء المستمر فيما عمله معتمد على الكهرباء، قلّل من إقبال الزبائن... هذه الأسباب كفيلة بأن يغادر المحل حالاً، كما يقول. وينتقد تجاهل أمانة العاصمة لتعويضهم. كثيرون يرون الحل بمغادرة محلاتهم الى أماكن اكثر حيوية، فهم يتقون، إلى بوار بضائعهم، تراب الكسارات ومعدات الحفر، الذي صار زبونهم الأوحد.
محلات مفتوحة بدون إمكانية وصول السيارات إليها مؤكد أنها ستبقى خالية من الزبائن. تختلف في محتواها: معدات ثقيلة، سيارات، بنشر السيارات، أثاث، قطع غيار سيارات, علاوة على مراكز تجارية ستتأثر بأي شكل. وتتفاوت نسبة الضرر من محل إلى آخر.في المحلات التي انشلت حركة البيع فيها كلياً فضّل بعض ملاكها الانتقال إلى أماكن تنبض بالحياة. مثلاً أدار مالك معرضي «الأخوين» للسيارات محركات عشرات السيارات المتنوعة الى واجهة أخرى بعد أن صدم بلوحات الزنك تقفل شارع القيادة لإنشاء جسر «جولة سبأ» ما أدى إلى عزل معرضيه عن الزبائن، فأصبحا مساحات يسكنها الفراغ. وعلى مقربة منهما عجز صاحب مركز اتصالات عن سداد ايجار الموقع في الشهر الأول من إغلاق الشارع. ويقول جاره غانم, صاحب المحل المجاور: «لقد عزّل من المحل بعد توقف العمل تماما»، فيما صاحب العقار لم يقبل تخفيض الايجار. لكن المكان لم يبق خاليا، إذ استأجره أحد بائعي القات. «الشارع يحتضر وينتهي، وبعد أيام سيصبح جثة هامدة»، قال جميل الحمادي، أحد العاملين في ثلاجة الحمادي. وأضاف: «انشلت الحركة وقّل الدخل اليومي الى الربع». وأفاد بأن العمل في ثلاجة الحمادي كان يعتمد بنسبة %95 على بيع الماء للبائعين المتجولين الذين يبيعون الماء في الجولة، وهو يخشى من أن تستمر الخسائر لمدة أطول وأن ترهقهم المقاومة بشكل كبير: «نريد من الدولة أن تعوضنا ولو بنصف الخسائر».لا يرى عصام صالح الباكري مخرجاً من محنة إنشاء الجسر الذي يضغط على خاصرته سوى أحد خيارين: إما الاقتراض لدفع ايجارات المحل والاستمرار في العمل حتى انجاز تنفيذ جسر كنتاكي، وإما مغادرة المحل ثم اليمن أيضاً الى إحدى دول الخليج.عصام، وهو صاحب محل لطبع المفاتيح، يشكو من العديد من المشاكل التي حدثت بعد إغلاق الشارع: لا يجني من عمله اليومي إلا ما يكفي لمصروفه الشخصي، إيجار المحل 20 ألف ريال، وقد رفض المالك أن يخفضه، المحل يقع في مساحة 120 سم، انقطاع الكهرباء المستمر فيما عمله معتمد على الكهرباء، قلّل من إقبال الزبائن... هذه الأسباب كفيلة بأن يغادر المحل حالاً، كما يقول. وينتقد تجاهل أمانة العاصمة لتعويضهم. كثيرون يرون الحل بمغادرة محلاتهم الى أماكن اكثر حيوية، فهم يتقون، إلى بوار بضائعهم، تراب الكسارات ومعدات الحفر، الذي صار زبونهم الأوحد.

***
خسارة أبدية
الأضرار اللاحقة هي أكثر ما يخشاه التجار وملاك العقارات. فالتاجر قد يجازف بخسارة 11 شهراً إذا اطمئن إلى أن ديناميكية العمل ستعود كما كانت في زمن ما قبل الجسر. وما يقض مضاجع التجار هو إيمانهم بأن أضرار عصر ما بعد الجسر ستكون أعلى كلفة.
تتفاوت نسبة الخسارات الأبدية من جسر لآخر. لكن مواصفات مخطط الجسر تقول إن مالكي العقارات، كما التجار، في تقاطع كنتاكي، هم الفئة الأشد ضرراً. لماذا؟ في تقاطع شارع الزبيري مع الدائري تشير مواصفات الجسر إلى أن الحارات الجانبية للجسر ستكون بعرض مترين إجباري الحركة ومحظور التوقف فيها. أي مساحة لا تكفي إلا لمرور سيارة واحدة.
الأضرار المتوقعة على صاحب العقار هنا أن قيمة عقاره ستنخفض بنسة قدرها متخصصون في العقارت ب40%، أضرار مباشرة على المباني خاصة القديمة منها، مغادرة المستأجرين، وتراجع سمعة وأهمية الموقع.
وفي ما يتعلق بأضرار التاجر المستأجر: عدم توفر مواقف للسيارات، سواء بالنسبة للزبائن أم للتاجر، ما يعني أن مشكلة معظم المحلات والمراكز التجارية ستظل باقية حتى بعد إنجاز الجسر، وسيضطر إلى تخفيض الموظفين العاملين لديه.
بمساعدة ابتسام باحشوانالأضرار اللاحقة هي أكثر ما يخشاه التجار وملاك العقارات. فالتاجر قد يجازف بخسارة 11 شهراً إذا اطمئن إلى أن ديناميكية العمل ستعود كما كانت في زمن ما قبل الجسر. وما يقض مضاجع التجار هو إيمانهم بأن أضرار عصر ما بعد الجسر ستكون أعلى كلفة.تتفاوت نسبة الخسارات الأبدية من جسر لآخر. لكن مواصفات مخطط الجسر تقول إن مالكي العقارات، كما التجار، في تقاطع كنتاكي، هم الفئة الأشد ضرراً. لماذا؟ في تقاطع شارع الزبيري مع الدائري تشير مواصفات الجسر إلى أن الحارات الجانبية للجسر ستكون بعرض مترين إجباري الحركة ومحظور التوقف فيها. أي مساحة لا تكفي إلا لمرور سيارة واحدة.الأضرار المتوقعة على صاحب العقار هنا أن قيمة عقاره ستنخفض بنسة قدرها متخصصون في العقارت ب40%، أضرار مباشرة على المباني خاصة القديمة منها، مغادرة المستأجرين، وتراجع سمعة وأهمية الموقع.وفي ما يتعلق بأضرار التاجر المستأجر: عدم توفر مواقف للسيارات، سواء بالنسبة للزبائن أم للتاجر، ما يعني أن مشكلة معظم المحلات والمراكز التجارية ستظل باقية حتى بعد إنجاز الجسر، وسيضطر إلى تخفيض الموظفين العاملين لديه.بمساعدة ابتسام باحشوان
***
تجريب التحرف في الفراغ الإجباري

 فاتورة التلفون لم تعد تؤرق مالك مركز الاتصالات القريب من «جولة كنتاكي»! لم يعد يدفع الكثير لقاء نشاطه الاتصالي، وهذا لا يعني انخفاض كلفة الاتصال في اليمن، وإنما يشير إلى الانحسار المروّع في هذا الرقم الصغير، ليس بتخفيض من وزارة الاتصالات، بل بسبب انحسار نسبة الزبائن، نتيجة إغلاق طريق السيارات الذي يمر أمامه.
أصبح لدى منير قاسم متسع من الوقت للترفيه عن ذاته بمتابعة برامج الفضائيات عبر شاشة تلفزيون 14 بوصة اشترط على مالك المحل أن يوفرها له، بعد أن توقفت حركة العمل.
قبل شهرين, كانت مشاهدة التلفزيون شيئاً مستحيلاً. وعلى الدوام كانت خطوط التلفونات مشغولة، كما منير الذي يعمل محاسباً لمكالمات المتصلين منها. ويقول منير إنه في أوقات كثيرة كان يأمل أن تفرُغ الكبائن من المتصلين ولو دقائق يستريح خلالها ويرتشف كأساً من الشاي بعيداً عن زحمة الشغل. لكن هذا لم يكن ليحدث، فالزبائن كُثر وينتظرون على أبواب الكبائن حتى يطبق أحدهم السماعة ليعقبه الثاني وهكذا، لاسيما خلال فترة العصر والمساء، والآن لم يعد يزوره سوى الفراغ والغبار.
يعمل منير محاسباً للمركز. وكان مالك المركز يساعده في الماضي، حينما كان الدخل اليومي للمحل يتراوح بين 10 و15 ألف ريال. أما اليوم فالدخل لم يعد يتجاوز 4 آلاف ريال. وبانخفاض الزبائن قلّ الطلب على كروت التعبئة التي كانت تمثل مصدراً أساسياً يعود بفائدة جيدة على صاحب المحل.
وينقل منير قصة جاره، صاحب محل قطع غيار المعدات الثقيلة، الذي اضطر إلى نقل محله إلى منطقة أخرى بعد أن وجد نفسه مخنوقاً بحواجز الزنك التي نصبت في واجهة دكانه، ما يمنع وصول السيارات إليه. «مسكين! والله انه نقل وقلبه شايقرح، لكنه ابصر ما بش معه فايدة ولا عاد أحد بدا عليه»، يصور منير حالة جاره. ويرى أن أضرار الأخير أعلى من الضرر الذي لحق بمركز الاتصالات.
وأشار إلى أن تخفيض الإيجار من مالك المنزل لم يخفف كثيرا من حجم الخسائر التي جثمت عليهم.
 
***

أكثر المعوقات التي تشكو منها الشركات المنفذة للجسور: شبكة الكهرباء معقدة ولا تمتك الوزارة
 
خارطة لها، وتستعين بالمهندسين القدامى لمعرفة أماكن تواجدها..غياب البصيرة يخنق العاصمة في أركانها الخمسة
لم يكن سائقو الباصات والسيارات يعلمون ما تعنيه اللوحات التي استحدثت على طول شارع الزبيري مرسوم عليها سهم ومكتوب عليها «تحويلة». لكنهم فوجئوا صباح ال15 من فبراير الفائت بإغلاق الشارع، وجوار الحاجز رجال مرور يرشدونهم إلى السير طبق تلك الإشارات التي انتشرت قبل قطع الطريق بنحو شهر، للخروج إلى وراء الجسر، وفقاً لأحد سائقي الحافلات. في هذا التاريخ كان اليوم الأول للتنفيذ، و15 يناير المقبل هو موعد تسليم العمل (جسر كنتاكي). لكن خليل الصلوي، مدير العمل في المشروع الذي تنفذه شركتا «ناجرجونا» و«هوك»، يبشّر المواطنين، كما أمانة العاصمة، بأن موعد التسليم سيكون قبل ذلك الموعد المضروب بشهرين تقريباً. وأوضح لـ«النداء» أن إمكانات الشركتين ضخمة «وعملنا يسير بخطوات حثيثة وسريعة على الرغم من العراقيل التي أعاقت العمل لأيام», لافتاً الى أن «الشركة كانت تلجأ لمنح الجهات الحكومية مثل الكهرباء والاتصالات والمياه، أموال أجرة كي يقوموا بعملهم بإزاحة شبكة الخدمات من الموقع لتبدأ التنفيذ». موضحاً أن أكثر الجهات عشوائية في خدمتها هي الكهرباء: «الشبكات الكهربائية متشابكة وخطرة جداً واستمرت إزاحتها مدة شهر».
ولئن فاخر بالتزامات الشركة بالعقود وسرعة إنجازها للمشاريع، أكد أن «الدولة تحرص على تسليم المشاريع للشركة بسبب سمعتها الجيدة في إنجاز المقاولات التي تكلّف بها من الدولة». مستشهداً بجسر المالية «الذي نفذناه خلال الفترة المحددة (سنة) بدأنا في 5 يونيو 2008 واليوم (الأحد 28 يونيو) سلّمنا المشروع جاهزاً».
مدير المشروع الفخور لم يضرب مثلاً بمشروع نفق وجسر تقاطع عمران الذي نفذته شركته وتأخرت في تسليمه 4 أشهر عن الموعد المحدد في العقد الذي أبرمته مع أمانة العاصمة. ورداً على «النداء» التي ذكرته بذلك التأخير،عزا الأمر إلى «تأخر الجهات الخدمية في الدولة في إزاحة شبكاتها ووضع حل لها كي تتمكن الشركة من بدء العمل هناك». وإستطرد قائلاً إن الشركة كانت تُشعر أمانة العاصمة: الجهة الإشرافية، بكل العراقيل التي استجدت، مما أعفى الشركة من أي غرامات مالية تضمنها العقد»، وأن العمل الفعلي فيها لم يبدأ الا بعد 4 أشهر من التسليم.

***
 مدير الجسور في أمانة العاصمة: شبكات كهربائية في ذاكرة مهندسيها القدامى فقط للتأخير
 
أوضح أحمد عبد الرحيم، مدير مشروع التقاطعات والجسور بأمانة العاصمة، لـ«النداء» أن التنسيق بين الجهات «معدوم، ما يجعل التأخير وعدم الالتزام بالمواعيد سبباً ومبررا طبيعياً للشركات المنفذة». وبررّ، أيضاً، التأخير بغياب التنسيق بين وزارات المياه والكهرباء والاتصالات، حيث تطلب خلال عملية الحفر منحها فرصة لتتمكن من معرفة أماكن تواجد شبكاتها. ولم يحمّل الشركات المنفذة مسؤولية عدم وضعها خططا وقائية مسبقة كان يجب عليها أن تحسبها مع الوزارات بالتنسيق معها، إلى جانب وضع جدول زمني للتنفيذ يستند إلى دراسة موضوعية هندسية متكاملة.
وأشار إلى أن وزارة الكهرباء لا تمتلك مخططا واضحاً لشبكتها الأرضية، بل تعتمد على قدرة ذاكرات مهندسيها في تحديد مواقع الشبكات في الشوارع. فيما تأخذ وزارة المياه والبيئة نصيبها من عرقلة السير في إنجاز الجسور بالحفاظ المفرط على سلامة «المواسير من الكسور. ناهيك عن اعتبارات توفير طرق وممرات للمشاة، وأيضاً تلجأ الشركة لفك الطريق لوايتات المياه لإدخال المياه إلى جوار المنازل».
يعمل في مشروع كنتاكي نحو 300 عامل، ويتم العمل في فترة دوام واحدة تمتد من السابعة صباحاً حتى السابعة مساءً. لكن «النداء» لاحظت في أحد النهارات وجود نحو 30 عاملا فقط. يتقاضى العامل أجرا يوميا بواقع 1100 ريال. أما الحارس الذي يعمل على منع المواطنين الذين يدخلون إلى موقع العمل ويحمي الأدوات من السرقة فلا يحصل إلا على مبلغ زهيد (870 ريالا) قد يفقد نصفه لو غفا عن شخص تسلل إلى الموقع. ويقول إنه يُرجع نحو ألف شخص يومياً لا يرون الطريق المجاور لباب الدخول إلى مكان العمل.
المشروع الذي يربط شارع الزبيري مع تقاطع الدائري يبدو أكثر الجسور التي يجري تنفيذها ضيقاً، ويمتد جسر علوي بطول 800 متر يتكون من حارتين ذهاباً وحارتين إياباً بعرض مترين، وقواعد خوازيق بطول عشرين متراً، ينفذ خلال فترة حددها العقد ب11 شهراً، وتنفذه «ناجرجونا» و«هوك» بتكلفة 12.710.000$ ) بتمويل من الصندوق العربي بنسبة %80 وتمويل حكومي %20.
وعلى الرغم من أن أمانة العاصمة هي الجهة المشرفة، إلا أن مصادر في المشروع أكدت أن هذه الجهة لم تأت إلى مكان المشروع إلا مرتين منذ بداية تنفيذ المشروع في فبراير الماضي، في أوقات ليست خارج الدوام الرسمي، ما يجعل وتيرة العمل بطيئة ومواصفات التنفيذ غير دقيقة.
منذ مطلع فبراير الفائت، أدت مشاريع الأنفاق والجسور في أهم التقاطعات داخل أمانة العاصمة إلى إعاقة حركة السير والتوقف لساعات في عدة أماكن حيوية في قلب العاصمة. إقفال الطرق جاء بعد صدور قرارات حكومية بإنشاء 4 جسور وأنفاق لخمسة تقاطعات رئيسية، هي: «جولة العمري»، تقاطع «شارع الدائري» مع «شارع خولان»، «جولة كنتاكي» الأكثر حيوية، «جولة جامعة الدول العربية»، «جولة سبأ»، «جولة الساعة»، وجسر «المالية» الذي كان مقفلا لمدة عام وتم تسليمه قبل يومين فقط.
مسؤول بإدارة الجسور في أمانة العاصمة قال إن ما يحدث «طبيعي جداً»، وأن ضرورة إنشاء الجسور جعلتهم يتصرفون ويفكرون ببنائها كلها مرة واحدة.

***

اركب موتور أو امشي رجل!
«اركب مُوتُر». معظم من يمرون في نهاية الجسور ينصحونك بذلك، أو بقطع المسافة إلى المكان الذي تسأل عنه على قدميك.
كيف أصل إلى البنك أو المركز الفلاني؟ وما هي الوسيلة التي تمر من جواره أو قريباً منه؟ الطريق مقطوع ولا توجد وسيلة نقل سوى أن تأخذ «موتر» (دراجة نارية) توصلك إليه.
هذا بالنسبة للذكور. أما الإناث فلا شك ستكون الإجابة وحيدة: أقطعي هذه المسافة على قدميك. ويحاول كلا الجنسين التكيف مع الوضع ومجاراة الواقع بكل معاناته. كما تفعل «منال أحمد»، الموظفة في إحدى الشركات في شارع القيادة، الذي توقفت الحركة في جزء منه بسبب مشروع جسر تقاطع «جولة سبأ».
زاد الطلب على الدراجات النارية بجوار الأنفاق. ومع مرور الوقت صارت هي الوسيلة الوحيدة لنقل الركاب بين حواجز الجسور والتقاطعات في العاصمة صنعاء.
الحواجز في تقاطع «جولة كنتاكي» مثلاً أُنشئت ملاصقة لرصيف المشاة الذي لا يتسع لمرور أربع عجلات، حتى لو كانت إطارات «عربية». وكذا في تقاطع «سبأ» توجد أماكن أضيق لا يستطع الشخص أن يمر من خلالها، وكان على الشركة المنفذة أن تعتذر لأصحاب الجثث الثخينة فالمتبقي من الشارع لا يكفي لعبور «أبو عجلتين» أو منكبين عريضين.