معجزة توماس تهدد البيئة والعالم

معجزة توماس تهدد البيئة والعالم - بشرى العنسي

تصنف مشاكل تلوث الغلاف الجوي إلى ثلاثة أصناف رئيسة، وهي: تلوث محلي وهو ما يحصل في موقع محدود في بلد معين كانبعاث غازات خطيرة من مصنع ما، والصنف الثاني إقليمي وهو الذي يحدث بين الدول في إقليم معين كالأمطار الحمضية ويتطلب معالجات اصعب جراء خلاف الدول على السبب والنتيجة، أما الثالث فهو التلوث الإستراتيجي والذي يحدث على نطاق العالم بأكمله ولا يحصل بالضرورة في نفس موقع حدوثه ومعنى هذا ان شخصاً واحداً يمكن ان يسبب ضرراً للعالم بأسره وحتى الآن يوجد ثلاث حالات لهذا النوع وهي: مشكلةالإحتباس الحراري وهي عبارة عن إضعاف وظيفة الغلاف الجوي في تنظيم درجة حرارة الارض، والثانية هي ما تسمى بمشكلة تأكسد الغلاف الجوي وهي إضعاف وظيفته في تنقية نفسه من غاز الميثان وثاني اكسيد الكربون. أما التلوث الجوي الإستراتيجي الثالث فهو تآكل طبقة الأوزون اي إضعاف وظيفة الغلاف الجوي في التحكم والسيطرة على مرور الاشعة إلى سطح الارض وحجز الضار منها والسماح للمفيد.
وينقسم الغلاف الجوي إلى مجموعة من الطبقات هي: طبقة التروبوسفير، طبقة الاستراتوسفير، طبقة الميزوسفير، طبقة الثرموسفير، ثم طبقة الاوزون التي تقع في الغلاف الجوي وبالتحديد في طبقة الاستراتوسفير على ارتفاع يتراوح بين 20 و25 كم من سطح الارض. ويشكل الاوزون جزءاً ضئيلاً جداً من طبقة الاستراتوسفير. ورغم صغر حجم طبقة الأوزون في هذا الكون الهائل إلا أنها تشكل درعاً واقياً يحمي الحياة على سطح الأرض من الاشعة فوق البنفسجية الضارة.
وتعتبر هذه الطبقة بمثابة جهاز من أجهزة الكرة الأرضية يختص بتنظيم الاشعة الداخلة إليها حيث تمتص جزءاً من الأشعة ذات المدى المتوسط وتقريباً جميع الاشعة ذات المدى القصير أما ذات المدى الطويل فيتم السماح لها بالمرور إلى سطح الأرض كونها غير ضارة. وتحطيم أو حتى مجرد إضعاف طبقة الأوزون يعني وصول كميات كبيرة من الاشعة فوق البنفسجية القصيرة إلى الأرض وهي اشعة تضر كثيراً بالحياة على سطح الارض حيث تضر بالانسان والنباتات الزراعية والأحياء البحرية، حسب ما جاء في الورقة التي شاركت بها وحدة الأوزون في الهيئة العامة لحماية البيئة خلال ورشة العمل التي اقيمت قبل فترة حول هذا الموضوع.
يرجع الفضل للعالمين الأمريكيين رولاند وماريو من جامعة كاليفورنيا في تنبيه الأسرة الدولية إلى أن ما أطلق عليه معجزة توماس من المواد هي المسؤولة عن تآكل طبقة الأوزون وذلك عندما نشرا أبحاثهما في مجلة «الطبيعة» البريطانية سنة 1974م مشيرين إلى أن غازات ال(CFCs) الفيرونات هي المسؤولة عن تآكل طبقة الأوزون وقد تم اكتشاف وتصنيع هذه الغازات في 1928 من قبل العالم الأمريكي توماس وبدأ استخدامها بعد ثلاث سنوات من إكتشافها بسبب ثبات هذه الغازات وعدم إشتعالها أو انفجارها حيث سميت معجزة توماس آنذاك وانتشر استخدامها في مجالات عدة منها التثليج والتبريد وصناعة الإسفنج والأريوسولات والمذيبات والتعقيم وغيرها. وتعتبر الهالونات من أهم المواد المستنفدة للأوزون. ولكن ليست هي الوحيدة التي تتصف بهذا السلوك بل تشمل القائمة مواد أخرى مثل رابع كلوريد الكربون وميثيل الكلوروفورم وبروميد الميثيل وغيرها. فنعمة الثبات لهذه المواد التي لا تحدث إشتعالاً اتضح فيما بعد أنها نقمة ووبال على البشرية حيث يوفر لها عمرها المديد الفرصة الكافية لتتقاذفها الظروف المناخية حاملة إياها في أغلب الأحيان إلى طبقات الجو العليا لتصل إلى طبقة الأوزون ورغم أن هذه الغازات شديدة الثبات في طبقات الجو السفلى إلا أنها لا تصمد في الطبقات العليا فتنهار امام الاشعة فوق البنفسجية فتتحرر ذرة الكلور أو البروم أو كلاهما وتهاجم جزئيات الأوزون وتفككها إلى جزيء أوكسجين وذرة اوكسجين احادي (ه) والتي تتحد مع ذرة كلور او بروم مكونة أول اكسيد الكلور أو البروم غير المستقر، حيث لا يلبث الكلور أو البروم أن يتحرر من ذرة الاكجسين ليبدأ مهاجمة الأوزون من جديد وتتكرر عملية تحطيم الأوزون، وكل نوع من أنواع المواد المستنفدة له قدرة محددة على تحطيمها.