أين تذهب ميزانية محميات الأراضي الرطبة في محافظة عدن؟

أين تذهب ميزانية محميات الأراضي الرطبة في محافظة عدن؟ - عادل عبدالرشيد

بالرغم من أن ميزانية الدولة ضعيفة عموماً، وتتجه في أغلبها إلى مشاريع البنية التحتية والمشاريع التنموية ذات الأولوية، إلا إنها مع كل ذلك لم تغفل حماية البيئة، فرصدت لها بحسب الإمكانية بعض المبالغ، ومنها لمحميات الأراضي الرطبة في عدن.
فقد تم بحسب البرنامج الاستثماري لمحافظة عدن لعام 2007 رصد مبلغ (اثنين مليون ريال يمني) لمحميات الأراضي الرطبة في عدن، بينما في عام 2008 تم رصد مبلغ (اثنين مليون وثمانمائة الف ريال يمني). وفي عامنا هذا تم رصد مبلغ (اثنين مليون ريال يمني).
ومن المفترض بالطبع أن هذه الميزانيات يتم الاستفادة منها، وإنها تحقق أشياء ملموسة على أرض الواقع، ونقصد أرض محميات الأراضي الرطبة الخمس في عدن وهي: محمية الحسوه، محمية بحيرات البجع، محمية الوادي الكبير، محمية خور بير أحمد، محمية المملاح.
ولكن في حقيقة الأمر، إذا ذهبت إلى محمية الوادي الكبير أو محمية خور بير أحمد فلن تجد أمامك حتى لوحة أو علامة واحدة تدل على إنهما محمية. أما إذا كررت الزيارة لهما فستلاحظ أنهما يزدادان سوءاً بعد سوء. وإذا ذهبت إلى محمية المملاح فستجد هناك مؤسسة الملح منهمكة في نشاطها الاقتصادي في استخراج الملح ولا يوجد هناك ما يثبت بأنها محمية. أما إذا اتجهت إلى بحيرات البجع التي لم يبق إلا الثلث من حجمها الاصلي، فستجد هناك فقط بقايا مشروع أقامته جمعية مبرة عدن لحماية هذه البحيرات ولكنه لم يكتمل! بينما عمليات الاقتصاص من الجزء المتبقي مستمرة.
وأخيراً إذا ذهبت إلى محمية الحسوه فستجد الوضع مختلفاً تماماً، فهناك لوحات وعلامات متعددة دالة بأنها محمية إلى جانب وجود برج الطيور والمشتل وغير ذلك، ولكن لا داعي للاستغراب فهذه المحمية تم بناؤها من الألف إلى الياء من قبل مشروع برنامج الإدارة المستدامة المدعوم دولياً، ومع ذلك فإن هذه المحمية مع انتهاء المشروع بدأت تشكو، وخاصة العاملين فيها من أعضاء جمعية الحسوة الذين يعانون من ضعف أجورهم بالرغم من أن المحمية تدر دخلاً من عائدات تذاكر الدخول!
والسؤال: أين تذهب إذاً ميزانية الدولة المخصصة لتلك المحميات؟ أولاً يجب أن نعرف أن هذه الميزانية ينطبق عليها المثل القائل السمك الكبير يأكل الصغير، حيث تستقطع الهيئة العامة لحماية البيئة في صنعاء الجزء الأكبر من تلك الميزانية لحسابها الخاص، وتعطي فرعها في عدن (المرصود له أصلاً هذه الميزانية) الجزء الأقل، ففي عام 2007 كان نصيب الفرع مبلغ ستمائة ألف ريال يمني فقط من أصل المبلغ المرصود (اثنين مليون ريال يمني)، بينما في عام 2008 كان نصيب الفرع مبلغ (مليون ومائتاي ألف ريال يمني) من أصل (اثنين مليون وثمانمائة ألف ريال يمني).
ترى ماهي الأسباب التي تجعل الهيئة في صنعاء تستأثر لنفسها الجزء الأكبر من هذه الميزانية، وتحرم محميات الأراضي الرطبة فرص الاستفادة منها بالرغم من أنها مرصودة في الأصل لهذه المحميات وهي في أمس الحاجة إليها؟
 بالنسبة إلى الجزء الأقل الذي يخصص لفرع الهيئة بعدن، من الغريب أن مدير عام فرع الهيئة بعدن يستلمه من صنعاء شخصياً نقداً وباليد وفي نهاية السنة، ويتصرف به دون تسجيل في الدفاتر المحاسبية ودون شيكات تؤكد عمليات الصرف.
ومع الوضع الحالي للمحميات التي تزداد سوءاً ويزداد أطماع الطامعين في الاستيلاء على أراضيها، مازلنا نتساءل هل الميزانية التي رصدت من قبل الدولة لمحميات الاراضي الرطبة قد أصابها شيئاً من الرطب فتعفنت وانتهت، وهل ميزانية 2009 وميزانيات الأعوام القادمة سيكون لها نفس المصير؟
رئيس الجمعية اليمنية للبيئة
والتنمية المستدامة.