انتقد ظاهرة الاختفاء القسري وممارسة القتل.. تقرير امريكي يركز على ضحايا الحراك الجنوبي

انتقد ظاهرة الاختفاء القسري وممارسة القتل.. تقرير امريكي يركز على ضحايا الحراك الجنوبي

واصلت وزارة الخارجية الاميركية رصد انتهاكات حقوق الانسان في اليمن، وعلقت على العديد الانتهاكات والاعتداءات التي حدثت خلال العام والاعوام السابقة. وأشار التقرير السنوي إلى كثير من القضايا التي تخالف بها الحكومة اليمنية نص الدستور، ومنها حالات القتل والاعتقال التعسفي والتضييق على حرية الصحافة وحجب مواقع الانترنت وانتهاكات الاجهزة الأمنية المختلفة، وأولت اهتماما أكثر هذا العام بالانتهاكات التي ترتبت على حرب صعدة واحتجاجات المحافظات الجنوبية، واستخدام الحكومة للقوة المفرطة من أجل القضاء على تمرد الحوثي.
وذكر تقرير حديث للخارجية الاميركية صدر الشهر الماضي، أن عدد قتلى الجيش وصل إلى 1000 جندي، فيما جرح 3000 آخرون خلال حرب عام 2008، مشيرا إلى انتشار التمرد إلى مشارف صنعاء في مايو الماضي، وتوقفت الحرب وفقا لاتفاق الطرفين في يوليو 2008 غير أن التقرير وصف الاتفاق بالـ"هش".
وقد أكد التقرير استمرار العديد من مشاكل حقوق الانسان في اليمن، مشيراً إلى وجود فساد وتزوير انتخابي وضعف إدارة، كلها تقف حائلاً دون قدرة المواطنين على تغيير حكومتهم.
وأشار التقرير إلى عمليات قتل تعسفية وغير مشروعة من جانب القوات الحكومية، وحالات اختفاء بدوافع سياسية، واستمر التعذيب في العديد من السجون والاحتجاز لمدة طويلة قبل المحاكمة. كما أشار إلى ضعف القضاء، والفساد الذي وصفه بالخطير، مؤكداً استمرار الاستخدام المفرط للقوة من قبل القوات الحكومية ضد المشاركين بالمظاهرات العامة. وانتقد التقرير عدم نزاهة القضاء وتأثره بالفساد وتدخل السلطة التنفيذية، لافتا إلى اعتراف الحكومة بأن الروابط الاجتماعية للقاضي تؤثر على الأحكام، واستدلت بدعوى قضائية هي الأولى من نوعها قدمتها منظمة "هود" ضد رئيس الجمهورية في قضية بن معيلي، إلا أن المحكمة رفضت الدعوى ومازالت "هود" تنتظر أمام المحكمة العليا حتى نهاية العام 2008.
وتحدث التقرير عن إجراءات التقاضي المتبعة والصلاحيات الممنوحة للنيابة العامة والمحاكم وأجهزة الأمن. ولاحظ أن منظومة القوانين والتشريعات تفرض تمميزا بحق المرأة. كما اشار إلى أن أجهزة الأمن واصلت الاعتقال وتوجيه الاتهام وإحالة الأشخاص الذين لهم علاقة بإطلاق نار وتفجيرات وغيرها من أعمال العنف إلى النيابة العامة. ونقل عن مواطنين وجماعات حقوق الإنسان زعمها أن قوات الأمن والسلطة القضائية لا تقوم بمراعاة القواعد القانونية. كما أن المتقاضين الأجانب شكوا من الأحكام المتحيزة. كما لفت إلى نظام التحكيم القبلي المتواجد إضافة إلى المحاكم الاعتيادية، التي عادة ما تفصل القضايا الجنائية، مشيرا إلى أن التحكيم (الصلح) يحمل وزن حكم القضائي ذاته، إن لم يكن أكبر منها، في حين أن المحتجزين وفقا للنظام القبلي لم توجه لهم تهم رسمية بارتكاب جرائم، لكنهم اتهموا علنا بجناياتهم.
أشار التقرير إلى أن عدد السجناء أو المحتجزين السياسيين والظروف التي اعتقلوا فيها ظلت غير واضحة، وأفاد أن ناشطي حقوق الإنسان ظلت قدرتهم محدودة على صعيد تقديم أي بيانات حول هؤلاء الأشخاص ظلت محدودة، فيما كانت إمكانية التوصل للمعتقلين محدودة للمنظمات الحقوقية المحلية والدولية، نظرا للقيود المشددة أو لعدم السماح لهم بذلك، غير أنه أفاد بأن العام 2008 سجل زيادة كبيرة في عدد السجناء والمعتقلين السياسيين المنتمين لحركة الاحتجاجات الجنوبية.
وذكر التقرير السنوي الاميركي أن حالات الاعتقال والاحتجاز التعسفية والانتهاكات الأخرى قد ازدادت، لاسيما بحق الأشخاص المشتبه بانتمائهم إلى جماعة الحوثي المتمردة في صعدة، وأيضاً سلسلة الاحتجاجات السياسية في محافظة لحج في جنوب اليمن، مشيرة إلى اعتقال حسن باعوم ويحيى الشعيبي وعلي منصر وغيرهم.
وأكد التقرير تصاعد العمليات الإرهابية بشكل كبير، وتطرق إلى الهجمات التي تعرضت لها السفارات الاجنبية، دون أن يذكرها، وتناول قضايا الاختطاف والقتل والاعتقال التي قامت بها الحكومة او المحسوبين عليها، متحدثا عن القتلى والجرحي والمعتقلين في احتجاجات المحافظات الجنوبية، وعلق على ذلك بالإشارة إلى عدم وجود أي جديدة على صعيد التحقيقات في تلك الأحداث.
وقالت الخارجية الأميركية إن قدرة الحكومة اليمنية ما زالت محدودة في السيطرة على المناطق القبلية، مستدلة باستمرار حوادث القتل في المناطق القبلية، وكذا استمرار إطلاق نار وأعمال العنف الأخرى وعدم قدرة الحكومة على تحديد الجناة أو معرفة الدوافع وراء كثير من تلك الأحداث، مرجحة أن الدوافع إما جنائية وإما دينية وإما سياسية، وإما ناجمة عن الصراع على الاراضي، وإما الثأر. واستشهدت بلجوء السلطة إلى اعتماد وساطة من قبلها لحل النزاعات القبلية.
وأكدت استمرار التعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة، ونقلت عن منظمات المجتمع المدني غير الحكومية والمعتقلين السابقين أن السلطات لجأت إلى تعذيب وإساءة معاملة المعتقلين، مشيرة إلى أن من أبرز الأساليب الضرب بالعصي والأيدي وأعقاب البنادق والإحراق بالماء الساخن وربط العينين لفترات طويلة والحرمان من الحصول على المياه والجمامات والتهديد بالقتل، والحرمان من النوم والحبس الانفرادي واشكال أخرى للتعذيب في سجون الأمن السياسي، وسجون وزارة الداخلية خصوصا تعذيب المحتجزين على ذمة قضايا الإرهاب، وتقل التقرير اعتراف السلطات اليمنية بوقوع التعذيب لكنها تقول إنها سياسة غير رسمية.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة لم تحترم القوانين التي تمنع الاعتقال التعسفي والاحتجاز، مشيراً إلى عدم إنفاذ القانون في هذا الجانب خصوصا إذا تعلق الأمر بالمعتقلين على ذمة قضايا امنية.
وتطرق التقرير إلى العديد من الانتهاكات ابرزها انتهاك خصوصيات الافراد وتفتيش المنازل والمراسلات ومراقبة الهواف وتتبع البريد الشخصي والبريد الالكتروني بشكل روتيني بمزاعم حماية الأمن العام، مشيرة الى زيادة انتهاك الخصوصيات بسبب حرب صعدة والاحتجاجات الجنوبية.
وأشار التقرير إلى الانتهاكات التي تعرضت لها الصحافة. وقال إن الحكومة لم تحترم حرية التعبير المنصوص عليها دستوريا والمعاقة بعدد من مواد قانون الصحافة لعام 1991، لافتا الى ما يتعرض له الصحفيون من مضايقات واعتداءات على يد الاجهزة الامنية والامن القومي وعناصر الجيش، للتأثير على عملهم وممارسة الرقابة الذاتية. كما تحدث عن رقابة وزارة الاعلام المسبقة على المطابع وملكيتها لوسائل الاعلام المرئية والمسموعة وامتلاكها لثماني صحف رسمية.
وتبعا لذلك أشار التقرير إلى توجيهات وزارة الاعلام بمنع طباعة صحيفة "الصباح" الأسبوعية لانتقادها رئيس الجمهورية وسحب ترخيص صحيفة "الوسط" الأسبوعية بسبب نشرها مواضيع محظورة قانونيا ضد الوحدة الوطنية، ونوهت الى اعتقال محمد المقالح في 22 ابريل بتهمة الاستهزاء بالقضاء بسبب ضحكه في جلسة محاكمة الخيواني، وقد أطلق في 29 اغسطس، كما رفضت وزارة الاعلام منح الصحفي فكري قاسم ترخيص صحيفة "حديث المدينة" طوال العام، كما تحدث التقرير عن العفو الرئاسي الصادر بحق عبدالكريم الخيواني الذي حكم عليه بالسجن ست سنوات بتهمة التآمر لقلب نظام الحكم والانتماء لخلية صنعاء الارهابية الثانية. وتطرق التقرير إلى المضايقات التي تعرض لها الخيواني واختطافه.
وتطرق التقرير إلى حالات الاعتداءات والمضايقات والمحاكمات التي تعرض لها عدد من الصحف والصحفيين وذكر منهم صحيفة "الشارع" ومحرروها، وصحيفة "الديار" والصحفي صدام الاشموري وعبدالفتاح الحكيمي، واستنساخ الصحف، وتقييد الرسائل الاخبارية وحظر المعلومات من صعدة، وقطع وسائل الاتصال عنها ومصادرة وزارة الثقافة لعدد من المطبوعات المتعلقة بالمذهب الزيدي.
وأشار التقرير إلى أن الحكومة قيدت استخدام الانترنت وحجبت الوصول إلى بعض المواقع السياسية والدينية، وذكر منها حجب مواقع "الشورى نت" و"الاشتراكي نت" وصحيفة "الأيام" و"عدن برس" والمواقع التي تغطي حرب صعدة، والاحتجاجات في الجنوب.