د. ياسين: لا اتجاه للمساس بالخيار الوحدوي التاريخي - حوار:

يجوز عزو الفضل في إنجاز هذا الحوار إلى مصائب الاشتراكي والمعارضة، إذْ أدركتُ بعض الفوائد من هذه المصائب. فهذا الحوار الذي كان مقرراً، أول من أمس الاثنين، في مقر الحزب الاشتراكي، تقرر تأجيله إلى اليوم التالي (أمس) بعدما تعثر إجراؤه هناك، بسبب عدم جاهزية المقر الذي يتم الآن ترميم المتبقى منه في حوزة الحزب، ومتابعة استرداد الجزء الآخر الذي ما يزال في قبضة وزارة النقل، رغم توجيهات أخيرة لرئيس الجمهورية بإعادته لمالكه الشرعي. الدكتور ياسين سعيد نعمان رحب بإجراء حوار معه لـ«النداء» وموقع «نيوزيمن» الإخباري، لكنه اقترح مجدداً تأجيله إلى اليوم التالي، على أن يستضيفني في منزله. حين بلغت منزله الكائن في مدينة "الوحدة" التي لا يطالب أحد بإصلاح مسارها، كانت المنغصات اليومية تواصل تقديم خدماتها لي، إذ كان الأمين العام قد جهز مقعدين في الحديقة المتواضعة لمنزله (أحدهما خصص لي) وذلك لأن الكهرباء مقطوعة عن الحي منذ الصباح، ولأن الجو غائم فإن الإضاءة داخل غرف المنزل غير كافية. أضاء ياسين سعيد نعمان في هذا الحوار الذي جرى ظهيرة يوم غائم، تخلله أزيز طائرات وزخات مطر، فيما السماء ترعد كأنما تريد تذكيرنا بأن الفضل في تدفق إجابات أمين الاشتراكي يعود في المقام الأول إلى تركة حرب 1994، وفيها استمرار عدم جاهزية مقر الاشتراكي في العاصمة، ووديعة "مقبلـ" التي سنحل شفرتها في هذا اللقاء، وتدهور خدمة الكهرباء في عاصمة دولة الوحدة بعد 15 سنة من الوعود التي فجرتها.
 
                                               حوار :  سامي غالب
 
* لوحظ احتشاد القضايا والقرارات في البيان الختامي لمؤتمركم، وسؤالي الأول عن أولوياتكم في المرحلة المقبلة؟
- الأولويات تأخذ مستويين: مستوى مرتبط بحياة الحزب0الداخلية: تسوية الأوضاع الداخلية في المستوى الثاني حتى نتمكن فعلاً من تحديد أولوياتنا على صعيد علاقتنا بالمجتمع وبالحياة السياسية بشكل عام. منذ انتهاء المؤتمر وحتى اليوم نكاد نكون منشغلين في إصلاح البيت من الداخل. يترافق مع هذا اهتمام بقضية الحوار السياسي مع كافة الأحزاب، لقاء مشترك أو مؤتمر شعبي عام. لكن صيغة هذا الحوار ما زلنا نبحث مع الآخرين حول كيفية الوصول إليها.
* نسب إليكم حرصكم على تلطيف الأجواء مع مختلف الأطراف، هل سينعكس هذا تضييقاً على مساحة الرأي في صحيفة "الثوري" خصوصاً أن تقارير صحفية أشارت إلى وفرة تعليمات نازلة من القيادة إلى أسرة "الثوري"؟
- أولاً في ظل غياب الحوار يسود هذا الوضع ا لذي نعيشه الآن، ليس "الثوري" فقط ولكن الصحف الحزبية بشكل عام. دعونا للحوار، ودعوتنا هذه تطرح بديلاً سياسياً وفكرياً للتقارب لأنه لا بد أن يكون هناك حوار بين الأحزاب، لم نصدر تعليمات مشددة، ولكننا نبحث عن كيفية ربط "الثوري" بخط الحزب. والخط الاستراتيجي للحزب تحدد من خلال المؤتمر، وعلينا أن نعيد صياغة عملنا بشكل عام، بما فيه "الثوري" وفقاً لهذا الخط العام. لن نلجأ إلى الاسلوب الأوامري في أي صيغة من صيغ عملنا. وسنعتمد الحوار الداخلي. «الثوري» كان عليها ضغط شديد في الفترة الماضية، ضغط سببه في تقديري عاملان رئيسيان: غياب الاشراف عليها من ناحية، ومن ناحية أخرى الخطاب الآخر تجاه الحزب الذي يفرض عليها هذا الموقف.
* تشير إلى الاشراف والخط السياسي، لكن المطلع على البيان الختامي للمؤتمر يخلص إلى أن التضارب ما يزال قائماً في الأولوليات؟
- لا أدري ما المقصود بالتضارب؟
* في الخيارات. وفي مقررات المؤتمر: دعوة للإصلاح السياسي وتمسك بإصلاح مسار الوحدة، التزام بتقوية اللقاء المشترك. واتجاه نحو الانفتاح على مختلف القوى السياسية والمؤتمر الشعبي.
- لا اعتقد أن هذا تضارب قدر ماهو تكامل في الموقف. لنأخذ أولاً العلاقة بين الاصلاح السياسي واصلاح مسار الوحدة، شعار اصلاح مسار الوحدة. تتحدث الناس عن اصلاح المسار وليس عن اصلاح الوحدة. كأن تكون لديك سيارة جديدة أو صالحة للاستعمال، ولكن الأرض غير ممهوة، هل نصلح السيارة أو نصلح الأرض؟! المطلوب اصلاح الأرض، وهذه الأرض هي بنية العمل السياسي، أي الاصلاح السياسي... حتى وإن حدث اختلاف في التأويل، يبقى موضوع حوار مستمر داخل الحزب. فيما يتعلق بالدعوة إلى الحوار والموقف من اللقاء المشترك، لا أرى خلافاً، الجميع يدعو إلى الحوار، والموقف من اللقاء المشترك سيظل نفسه في الاشتراكي، وهو أن اللقاء تجربة ناضجة وجدت كنتاج لإنتقال الأحزاب من الطابع الأيديولوجي إلى الطابع السياسي، وأدت إلى التعايش بين هذه الأحزاب.
* التقط مما تقول قراءة جديدة لمطلب اصلاح مسار الوحدة، ربما. ٍلكن من متابعتي لتصريحات أبرز المنادين به في الفترة الماضية كمحمد حيدره مسدوس، طرح المطلب ضمن صيغة حوار بين الشمال والجنوب، حتى بالنسبة للحزب الاشتراكي فإن دوره في هذه الصيغة قائم فقط بوصفه كان ممثلاً للمحافظات الجنوبية والشرقية (الشطر الجنوبي)، أي أن أدوات بحث وتنفيذ اصلاح مسار الوحدة مقصورة على نظامين سابقين ولا تتصل بالوضعية السياسية الراهنة.
- الأكثر قدرة على تحليل هذه النقطة هو مسدوس نفسه. من خلال مناقشتي مع مسدوس، أجد أن الفكرة هي اصلاح مسار وحدة، تقودنا في الختام إلى اصلاح سياسي، على اعتبار أن الخيار الوحدوي التاريخي، لا أحد يتجه في نقاشه نحو المساس به. اعتقد أن القضية لا تتعلق بالاشتراكي فقط، لكنها فيما يبدو لي، تتحول يوماً إثر يوم إلى قضية مجتمعية. على الجميع أن يبحثوا في الأسباب التي قادت إلى هذا الوضع، هل هو ناشئ عن إدارة تحتاج إلى مراجعة مستمرة، ادارة دولة أو إدارة سياسية. وفي تقديري الشخصي نحتاج في الوقت الحاضر إلى أن تبحث كل القوى السياسية هذه القضية، وتكف عن طرحها باعتبارها قضية الاشتراكي. هي ليست قضية الاشتراكي، ربما تجلياتها تبرز في الاشتراكي لأسباب معينة، لكن لابد من البحث عنها في صيغة إدارة الدولة بشكل عام.«إصلاح مسار الثوري» سيقتصر على التغيير في المنهج لا في الأشخاص
* بالعودة مجدداً إلى صحيفة "الثوري" هل ننتظر تغييرات في إطار هذه الرؤية؟
- تغييرات منهجية وليس في الأشخاص. تغييرات منهجية مرتبطة بـ"إصلاح مسار الثوري" (ضحك) بمعنى أن نحاول نحن، كقيادة عليا في الحزب، أن نخفف من الضغط عليها شوية، حتى تتمكن بالفعل من ان تلتزم منهجاً صحفياً. "الثوري" لديها كادر ممتاز يستطيع أن يرتقي بها إلى مستوى أجمل وأرقى في حال حظيت بعناية من قيادة الحزب.
*الامين العام السابق علي صالح عباد "مقبلـ" لم يكتف بعدم الترشيح لموقع الامين العام، بل أمتنع أيضاً عن الترشح للمكتب السياسي. أعرف أن له كلمة نافذة في الحزب إلى حد كبير، ما الدور المتصور ان يضطلع به في المرحلة المقبلة؟
- بالتأكيد سيظل له دور في الحياة السياسية، في الاشتراكي وفي الشأن العام، وأرى أنه آن الأوان أيضاً أن تكرم الدولة هذا المناضل الشجاع.
* فيما يتعلق بقيادات الخارج، عايشت تقدماً في الحزب فيما يتصل بوضعية الداخل والخارج، عقب المؤتمر الرابع، هل ستشهد هذه الوضعية تحولاً جوهرياً في موقع ودور هذه القيادات داخل الحزب أو في الحياة السياسية عموماً من خلال مزيد من التطبيع في الحياة السياسية؟
- لا أتوقع تحولاً جوهرياً. في المؤتمر الرابع راعى الأخوة (في الداخل) ظروف إخوتهم في الخارج، على قاعدة "لا يجمع الله بين عسرين": التشرد والنسيان. تكرر الأمر في المؤتمر الخامس. لكن أي دور لهم في الحياة السياسية مرتبط بقدرتهم على العودة إلى الداخل، إذا تمكن أي أخ منهم من العودة إلى الداخل، لأننا نعتقد أن هذا خيار شخصي، سيكون له دور بالتأكيد.
* هل تلقيت عقب المؤتمر إتصال أو مواقف منهم، سواء من علي سالم البيض أو حيدر أبو بكر العطاس؟
- لا، لم أتلق أية اتصالات.لاأستطيع أن أدخل ذهن الرئيس لأرى گيف يفگر في موضوع الانتخابات الرئاسية المقبلة
* ولا حتى لغرض التهنئة؟
- بعضهم لا يجد فرصة للإتصال، ومن يجد فرصة يقول مبروك، فأقول له أدعُ لي.
* ألا ترى لوجودك في موقع الأمين العام إشارة ما على تحول قادم في وضعهم، أو على الأقل في علاقتهم بالخط السياسي للحزب؟
-أعتقد أن القضية شخصية أكثر منها أي شيء آخر. لا أرى دلالات معينة، لأن العودة إلى النشاط السياسي مرتبطة بقناعة الانسان.
* أحزاب اللقاء المشترك كان لافتاً ارتياحها من نتائج المؤتمر الخامس للحزب، على الرغم مما يظهر، لي على الأقل، من ارتباك في نتائج المؤتمر، من شاكلة تجاور قضايا اصلاح مسار الوحدة والاصلاح السياسي، كيف تتصور موقع اللقاء المشترك في الحياةالسياسية في الفترة القادمة؟
- أعتقد بضرورة تعزيز دور اللقاء المشترك في الحياة السياسية، الأصوات التي ترى أن لا لزوم له، أو أنه يستهدف الاخلال بالحياة السياسية، بهذا القدر أو ذاك، لا أتفق معها. اللقاء المشترك، من زاوية نظري الشخصية، يؤكد أن الأحزاب (المنخرطة فيه) التي كانت أحزاباً أيديولوجية لا تقبل (التعايش) فيما بينها، تتحول الآن تدريجياً إلى أحزاب سياسية. وهذا انجاز سياسي بما لا يقاس، محسوب للجميع، ليس فحسب لهذه الأحزاب، بل للحياة السياسية. والجميع يجب أن يفخر بهذا الوضع. يتحدث البعض عن اللقاء المشترك كأنه تحالف... هو ليس كذلك، فشروط وقواعد التحالف تختلف بشكل كبير عما يجمع اللقاء المشترك، اللقاء يجمعه شيء واحد، وهو تعزيز الخيار الديمقراطي والانتصار لهذا الخيار، لا أكثر ولا أقل، واذا استطاع ان ينتص للخيار الديمقراطي فإنه سيحقق مكسباً للحياة السياسية. هو ليس لقاءً ضد أحد، بقدر ماهو عامل مساعد لترشيد الحياة السياسية. لنا أن نتخيل الآن لو أن هذه الأحزاب ظلت على وضعها القديم لشهدها كارثة سياسية.
* تعزيز الخيار الديمقراطي مدعاة لاصطفاف، خصوصاً في المواسم الانتخابية، ونحن على مبعدة عام من الانتخابات الرئاسية، ألا تستدعي تعزيز صيغة اللقاء المشترك؟
- قبل التعزيز، مطلوب أن يكون للقاء هوية. بمعنى أن يتجاوز حالة القلق المثارة حوله، من ناحية. ومن ناحية ثانية (الكف) عن التطلع خارج حدود الممكن. ونقول هذه هويتنا سواء عبر برنامج أو مبادرة اصلاح أو غيرها. إلى أين ستصل الأحزاب بشأن تطوير الصيغة الحالي؟ هذه مسألة سابقة لأوانها. لدينا مهمة تتقدم عليها في الوقت الحاضر، وهي أن يكون لدينا نظام سياسي قابل للتداول السلبي على السلطة. وهذه مهمة نضالية أساسية قبل التفكير بأي شيء آخر.
* لكن قد يفهم من هذا الرأي على أنه تعطيل أو تعليق المهام والمشاركة السياسية وفي الانتخابات فيما يشبه مطلب اصلاح مسار الوحدة.
- ليس تعليقاً. هذه استحقاقات وطنية لا يستطيع أحد أن يعلقها، لكن المهم ألا تكون الانتخابات شكلية، بل معززة للمسارالديمقراطي. هذا يسبقه ان يتفاهم (الناس) على أن هناك حاجة لاصلاح سياسي، بمعنى أن يصبح تداول السلطة ممكناً. هذا ما قصدته، لكن لو جاءت الانتخابات قبل تحقيق ذلك، فهذا لا يمنع أن يشاركو الناس في الاستحقاق الوطني.
* هل تندرج مبادرة اللقاء المشترك للاصلاح السياسي في هذا السياق؟
- لم أطلع على المبادرة حتى الآن لكن أن تكون لدى أحزاب اللقاءالمشترك مبادرة فشيء طيب، فهي ستمكنها على الأقل من دعوة الأطراف الأخرى للحوار على أساسها، فلا يكون "الحوار في الهوا". مع ذلك لا يعني أن يتعامل أي طرف مع أية مبادرة (تصدر منه) على أنها بقرة هندوس، لكن المبادرة تعكس هوية الطرف الذي طرحها.
* قيادات في بعض أحزاب اللقاء تعزو تعثر انجاز هذه المبادرة إلى حزبي الاشتراكي والناصري، فيما يخص الاشتراكي عزتها إلى ظروف الاشتراكي قبل المؤتمر، وبالنسبة للناصري بسبب اتجاهه إلى تقديم مشروعه للاصلاح أولاً طبق قرار مؤتمره العام. كيف يتعاطى الاشتراكي الآن مع هذا البند؟
- الاشتراكي علق قبل المؤتمر تفاعله مع هذا الموضوع بقرار (يجب أن يصدر) من لجنته المركزية، المؤتمر جاء كمرحلة جديدة, ولم تعد القيادة الجديدة ملزمة بالقرارات السابقة. القيادة الجديدة (المكتب السياسي) عليها الآن أن تقف أمام هذا الموضوع وأن تقرر هل تعود إلى اللجنة المركزية أم لديها صلاحيات التصرف حياله. &< لكني سمعت من عضو في المكتب السياسي الجديد أن البت في الموضوع من صلاحية اللجنة المركزية؟ - ليس صحيحاً، ذلك كان قبل المؤتمر. المؤتمر جاء ليضع صيغة جديدة لعمل الهيئات، وهي على وشك أن تقر برنامجها سواء على مستوى المكتب السياسي أو الأمانة العامة. ولا بد أن تؤخذ هذه الأولوية (انجاز مبادرة الإصلاح) بعين الاعتبار. أنا شخصياً لا أحبذ أن يطول الفراغ السياسي الراهن.
*في هذه الحالة يفهم أن المكتب السياسي هو هيئة القرار؟
- نعم، وأنا شخصياً لست مع ربط اللقاء المشترك بتعقيدات تحد من تقدمه نحو الأفضل.
* أنت، إذاً، وكما أسمع الآن، تعطي الأولوية للاصلاح، وتالياً للإنتخابات الرئاسية؟
- أولولياتنا على صعيد الحزب تحدثت عنها سابقاً. لكن قد تبرز أمامنا أولوليات أخرى عندما اقرار برامج الدوائر المتخصصة. لا شك أن أولويات الحياة السياسية في الوقت الحاضر تفرض نفسها على الجميع.
* الانتخابات الرئاسية مقررة بعد سنة من الآن تقريباً، واجرائياً لدينا حزبان يقبضان على مسارها، هما المؤتمر الشعبي العام (الحاكم) والتجمع اليمني للإصلاح، ألا توافق بأن على أحزاب اللقاء المشترك أن تحسم مبكراً مصير مشاركتها فيها، من خلال ضمانات من الاصلاح بتزكية مرشح المعارضة؟
- هناك فرق بين ما يرغب به الانسان وبين ما تقره الهيئات الحزبية كإستراتيجية.
* كيف؟
- أنا لا أريد أن اتحدث معك فيما أرغب به. لو كنت سألتني قبل المؤتمر كنت سأطلعك على رغبتي. الآن ما رؤية الحزب حيال هذا الموضوع؟ نحتاج نناقشها ونفكر فيها ونرى. لا شك أن هذه القضية ستبحث بالتفصيل. (أضاف باسماً) وفي لقاء قادم معك سأطلعك على رؤيتنا.
* لكن الرأي العام المعارض يعوَّل على حزبي الاشتراكي والاصلاح؟
- على الحزبين وليس على الأفراد. ولذلك فإن المطلوب من الحزب أن يقول ماهي استراتجيته.
* يعني لم يبحث هذا الموضوع بعد؟
- بالضبط.
* كم سيستغرق برأيك وقتاً؟
- مشكلتنا نستعجل أحياناً في أمور. الوقت يتوقف على استقرار نشاط المكتب السياسي خلال الشهرين القادمين.
* على ذكر الانتخابات الرئاسية المقبلة، هل حصل اتصال بالرئيس عقب المؤتمر؟
- حصل لقاء بالرئيس.
* كيف تصف أجواءه؟
- ودية وطيبة. تحدثنا عن مشكلة مقرات الحزب، والأخ الرئيس أعطى توجيهات واضحة فيمايتعلق بمقر الحزب في أمانة العاصمة، وأوكل مهمة النظر في مقرات الحزب لهيئة أراضي وعقارات الدولة. وفعلاً جلسنا مع الأخ يحيى دويد (رئيس الهيئة)، ونأمل أن نلتقي ثانية بعد أن يستكمل هو البيانات الخاصة بمقرات الحزب في مختلف المحافظات. أما مقر العاصمة فما نزال نتابع الأمر مع وزير النقل.
* هل كانت في حوزتكم عند اللقاء بالرئيس قائمة بالمقرات والممتلكات التي تطالبون باستعادتها، فالعادة جرت على أن يطرح هذا المطلب من دون تعيين؟
- بدرجة رئيسية انصب اهتمامنا على مقر نشتغل فيه، لأن المقر الحالي غير صالح للعمل، لا توجد فيه مكاتب وظروف العمل فيه صعبة. وقد وجه الرئيس أيضاً بصرف 10 مليون ريال لترميم المقر الحالي.
* ألا ترى في هذه التوجيهات بادرة ارتياح رئاسي من نتائج المؤتمر؟
- المؤتمر الشعبي العام عبَّر عن ارتياحه لنتائج المؤتمر، وتسلمنا برقية تهنئة من الأخ عبدالكريم (الإرياني) المتواجد في الخارج.
* دعني ألفت إلى تأويل آخر لهذه البادرة، في كلمة مقبل في افتتاح المؤتمر، أشاد بمبادرة الرئيس بعدم الترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة, ودعا إلى عدم التراجع عنها، في حين أن البيان الختامي للمؤتمر لم يشر مطلقاً إلى هذه النقطة.
- (ضاحكاً)، لا، لا. إذا فهمت السؤال كما أردت أن يكون، لا أستطيع أن أدخل في ذهن الرئيس لأرى كيف يفكر, نحن في بيان المؤتمر نظرنا إلى المسألة من زاوية أخرى، قلنا أن البلد تحتاج بدرجة رئيسية إلى اصلاح الدولة، حتى تكون قابلة فعلياً للتداول السلمي للسلطة. هل تعتقد أنت أن الرئيس أعطانا 10 مليون وتوجيه بالمقر لأننا سكتنا عن هذا الموضوع؟
* لا أعتقد. (نحن نتبادل الأدوار الآن بسؤالك). لكن أقول بوجود توقعات لدى الرئيس بأن يكون خطاب الاشتراكي أقل حدة.
- (ضاحكاً) قد يكون سكوتنا يتعارض أيضاً مع رغبة الرئيس.
* سكوتكم عن ماذا؟
- سكوتنا في البيان.
* بشأن مبادرة الرئيس عدم الترشح للرئاسة، استمعت من زوار وديبلوماسيين غربيين، ما مفاده انها تمثل فرصة سانحة، للمعارضة لتثمير مترتباتها.
- الرئيس رمى حجراً، ولا أدري أية سمكة ستتلقف الحجر، لكن الحجر بالتأكيد لن يغوص إلى قاع مجهول.
* الا يكون الاشتراكي هذه السمكة؟ أو ماذا تقصد بالضبط؟
- لا أدري أية سمكة، لكني متأكد بأن هذا الحجر لن يغوص إلى الاعماق ويستقر في مكان مجهول.
* تقصد حجراً أم طعماً؟
- حجر حجر (ضاحكاً) حجر ثقيل. أريد أن أقول إن معرفتي بالرئيس إنه لا يريد أن يقول أنا ومن بعدي الطوفان. القى حجراً في تقديري الشخصي لتحريك الحياة السياسية، من سيتلقفها؟ لاادري.
* يبدو ان الذي تلقفها حزب الرئيس (المؤتمر الشعبي) الذي ينهال الآن بالمناشدات للرئيس بالاستمرار.
- المؤتمر الشعبي لم يتلقفها. إنه يحاول أن يعيدها من جديد إلى خارج البحيرة، وهذا صعب لأنها خلاص قد غاصت في البحيرة.
* هذا ضرب من التفاؤل. هل ترى في هذا الحجر فرصة لإعادة ترتيب صيغة الحياة الحزبية، سلطة ومعارضة، في المرحلة القادمة، فتكون مدخلاً لتفاهمات وتثبيت أسس معينة للتحول الديمقراطي؟
- دعني أقول واحداً من التفسيرات لما يجري، هو أن الجميع، بدءاً من رئيس الجمهورية، يرغب في تحسين الحياة الديمقراطية، قد تكون مبادرة الرئيس واحدة من الدعوات. وتقديري أن أطراف الحياة السياسية إذا لم تتمكن من الوصول إلى صيغة تؤمن المسار الديمقراطي، فإن المستقبل سيأتي بما هو أخطر.
* تقديرك أن تحدث عواقب وخيمة للارتجال الراهن في الحركة السياسية؟
- بالضبط. واعتقد في اللحظة الراهنة أننا في مفترق طريقين: إما أن نتعامل مع معطيات الواقع بطريقة تمكننا فعلاً من تعزيز الخيار الديمقراطي، أو أن نسلك طريقاً آخر، الطريق العبثي الذي سيقودنا إلى مزالق تؤدي إلى آثار سلبية فادحة على الحياة الديمقراطية.
* انت ترى حسبما أسمع منك الآن أن الموقع التنفيذي الأول في الدولة، غير مهيأ لتداول سلمي؟
- أنا أقول (مؤسسات) الدولة بشكل عام، وليس الموقع التنفيذي الاول فقط، ليست مهيأة لتداول سلمي للسلطة. التداول السلمي له شروط، هذه الشروط مسؤولية الجميع توفيرها. هيكلية الدولة كما بنيت في ظروف معينة لا نريد أن نتوهم أنها قابلة لاستيعاب متطلبات الديمقراطية. هي تتعامل مع الحياة الديمقراطية كما تريد: إما للزينة، أو لتتمكن من معالجة بعض قضايا الحياة بهذا القدر أو ذاك. لا أريد أن اتحدث عن شهادات خارجية، لنبقى في الداخل، في مجتمع مثل المجتمع اليمني يكثر الحديث عن الديمقراطية، وعند مستوى معين نجد ان كل هذا الحديث عن الديمقراطية وجع رأس ليس له أي صلة بالواقع، اخشى في هذه الحالة أن يكون البديل هو العنف. والعنف في مجتمعات تعيش ظروفنا لا يمكن أن يمارسه فقط المعارض السياسي، بل يمكن ان تحارسه الدولة.
* أذا استدعينا الخارج والمانحين، هم يركزون على الجانب الاجرائي. على سبيل المثال في الانتخابات يشددون على الشفافية والتنافسية: في المرشحين والبرامج. وفي الانتخابات الرئاسية على وجه خاص يركزون على تفاصيل كثيرة حتى على مستوى تدريب صحفيين يمنيين على تغطيتها كما في برنامج دعم بريطاني. لعلَّهم اكثر حساسية تجاه هذه الاستحقاقات من أحزاب المعارضة، ألا تخشون أن يُعد ذلك قصوراً في تكيف المعارضة مع اتجاهات الخارج، وتفويت فرصة دعم خارجي للانتخابات يصب في صالح المعارضة؟
- يبدو لي، أولاً، أن الخارج يصحح موقفه تجاه البلدان المتخلفة، وهذا شيء طيب. هذا الخارج ظل إما سلبياً أو يقف على الضد من التحولات الديمقراطية، ظل يدعم السلطات المستبدة في الوطن العربي بشكل عام، أن يصحح موقفه الآن فهذا شيء جيد، ونرحب به. ثانياً، الخارج يتجه إلى دعم تقني. هو مقتنع سياسياً (بضرورة) التغيير، لكنه لا يستطيع أن يعلن ذلك، فيلجأ إلى الدعم التقني، وهذا مفيد. لكن الجميع يدرك ان المسألة ليست تقنية في ظروفنا، التقنية جزء من المسألة. فهو (الخارج) يعبَّر عن موقفه إزاء الدعوة إلى حياة ديمقراطية بالجانب التقني، وهذا شيء جيد. لذلك أعتقد أن الحساسية تجاه الخارج التي تثار أحياناً، لها عامل تاريخي ناشىء من الموقف السابق للخارج تاجا تطلعات شعوب المنطقة. حقيقة، اليوم وبالأمس أيضاً، لا أستطيع أن اتحدث عن داخل وخارج، أنا أعتقد بوجود شراكة عالمية، ما حدودها؟ المسؤول عنها ليست الشعوب، بل الانظمة هي التي قدمت نفسها كأنظمة ضعيفة وسمحت بالتدخل القوي، لا يجوز أن تأتي الآن لتقول للمعارضات في البلدان العربية أنتم تفرطون بالسيادة الوطنية.
* أصوات ديبلوماسية تمثل الخارج (الغربي) تطرح بوضوح أنها تنتظر من المعارضة تقديم برنامج جاد ومرشح جدي، لتحظى الانتخابات الرئاسية باهتمام قوي من الخارج.
- ليس كل ما يطرحه سفير أو قائم بأعمال يجب أن يؤخد مأخذ الجد. علينا أن نوجد استراتيجيتنا الخاصة التي تراعي ظروفنا وواقعنا، وتراعي احتياجاتنا على المدى المنظور والمتوسط والبعيد. اذا توفرت هذه الاستراتيجية فإن أحزاب المعارضة ستستطيع أن تسهم بفعالية في الحياة السياسية.
* يعني الأولويات والمهام شؤون تحددها المعارضة؟
- بالضبط. على أني أعود وأقول إن إهتمام الخارج بالتحولات الديمقراطية في بلادنا شيء ممتاز.
* في لقائكم بالرئيس، هل أثير موضوع رغبة الرئيس في عدم الترشح؟
- لا، إطلاقاً.
* في البيان الختامي أشير لقراري مجلس الأمن بشأن حرب صيف 1994، واللافت أن ذلك لم يثر حساسية في السلطة، بإستثناء بعض التعليقات الطفيفة، وحتى المجهَّلة غير المنسوبة لأي مسؤول،ماتفسيرك لرد الفعل هذا، غير المألوف؟
- يجري الحديث عن هذه القرارات دائماً، ولكن على هامش الحياة السياسية.
* قد أعزو ذلك إلى أن الاشارة اليها جاء توطئة لطرح مطالب محددة، وليست مطلباً في حد ذاتها.
- أعتقد أن من الواجب ألاَّ نحمل الأمور أكثر مما تحتمل. عندما يحدث ذلك يبدأ التفسير الأوسع والأبعد لنصل في الأخير إلى أن نقول شمال وجنوب... قلت من البداية أن الحزب الاشتراكي لن يكون حاملاً لمشروع خارج الهم الوطني العام. لا (ينبغي أن) تجرنا الوقائع إلى ماهو دون الهم الوطني العام. إذا اصرت الوقائع والأحداث، كما تجري اليوم، أن تجر الناس إلى ماهو أقل من الهم الوطني، فأنا أعتقد أن المشكلة ستكون كبيرة للجميع.
* طرحت سؤالي لأنني أظن أن قرارات مجلس الأمن لم تشر إليها، لا في المؤتمر الرابع (2000) ولا في بيانات اللجنة المركزية بين المؤتمرين.هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى في إثارة لها من قبل معارضة الخارج.
- هذا نوع من الإبداع (ضاحكاً).
* عمل إبداعي هو، إذاً. على ذكر الحرب، المؤتمر ألزمكم في أحد قراراته بمتابعة ملف صالح منصر السيلي، (مصير مجهول)، ما الذي يمكن أن تفعله قيادة الحزب بهذا الشأن وبأية آليات؟ وهل لديك معلومات خاصة لهذا الملف؟
- ليست لدي معلومات. وضع الأخ صالح منصر مأساوي، وبسبب ذلك طرح امكانية البحث إذا في معلومات....
* يعني أن القرار لن يتنزل على صيغة آليات، أو احالته إلى لجنة خاصة؟
- هو لم يبحث حتى الآن بالتفصيل. طرح كهم من هموم أعضاء الحزب، فالسيلي قيادي في الحزب مصيره مجهول. لكن ماذا لدينا من آليات (حتى ننفذ القرار).
* في المقام الأول أنتم كقيادة ملزمون بقرار المؤتمر؟
- نحن ملزمون بالبحث في صدد ما يسمح به الحال. لكن اذا توفرت الظروف (عن مصيره) يصبح من ناحية اخلاقية، البحث عنه في آليات ضرورة.
* يمكنكم الاستعانة بمكاتب تحقيق خاصة (قلت له ملاطفاً). ... لنتحدث عن تمثيل المرأة في حزبكم، البيان الختامي ركز على قضايا المرأة وفيه تخصيص نسبة 30% لها في هيئات الحزب وفي الهيئات العامة. واضح أن النسبة لم تتحقق في اللجنة المركزية أو في المكتب السياسي..!
- في اللجنة المركزية تمثلت المرأة بنسبة طيبة...
*بصرف النظر عن تمثيلها في الهيئات المنتخبة، هل ستراعى هذه النسبة في تشكيل اللجان الداخلية للحزب؟
- أقول أولاً إن الموقف من المرأة ليس مجرد مزاج، هو موقف ثقافي.بمعنى أنه لا يمكن أن يتميز فيه الاشتراكي عن الآخرين، إلا بمقدار ما يتميز به ثقافياً تجاه قضايا مختلفة أخرى. دلالة ذلك اننا عندما اجرينا انتخابات حرة للمكتب السياسي طلعوا ثلاث فقط. يعني عقل الرجل هو عقل الرجل، يمكن أن يستمر لمدة يوم في الكلام عن حقوقها لكن عند عملية الاختيار يضع نفسه في المقدمة وبعدين يفكر (في تمثيلها). نحن في الاشتراكي نواجه اشكاليات في قطاع المرأة، صحيفة "الثوري" لا يوجد فيها باب خاص بقضايا المرأة.. لا بد من التعامل مع هذه المسألة بموضوعية مش مجرد كم نطلع في الهيئات.. لابد أن ننتقل من العمل الدعائي والاعلامي إلى العمل المعبر حقيقة عن هذا الكيان الاجتماعي الذي يشكل نصف المجتمع. فالحزب الاشتراكي لا يواجه مشكلة نفسية أو ثقافية في هذا الخصوص، لكنه يواجه مشكلة في الممارسة.
* ألا يمكن عزو ضعف تمثيل المرأة في الحزب وحتى حضورها في القرار والتخطيط إلى نتائج الحرب، والمتغيرات التي طرأت في البنية الوطنية، على الصعيدين السياسي والاجتماعي وحالة الهزيمة التي عاشها الحزب وجمهوره؟
- هذا جانب، وواضح أن الاشتراكي واجه بعد الحرب تعقيدات وصعوبات، ليس فقط الاشتراكي ولكن الحياة الاجتماعية بشكل عام. الجانب الآخر أن المرأة تمتعت (في الجنوب) بالحق الكامل في العمل، وفي الترقي، لكن إلى مستوى معين، يحدث أن يكون هناك وزيرة، وأحياناً لا يوجد. وضعها في الجانب الاجتماعي، مثلاً من خلال قانون الاسرة الذي كان قانوناً راقياً، كان معالجاً (بشكل متقدم). في الجانب السياسي كانت الحياة السياسية بشكل عام «مكلفتة» ليس فقط فيما يخص المرأة، وانما أيضاً بالنسبة للرجل. ماذا حدث لاحقاً؟ النظام الاجتماعي الشامل على مستوى اليمن ككل هو الذي ساده. وهنا أذكر أن القوانين التي عالجت هذا الأمر بعد الوحدة كانت جيدة إلى حد ما، لكن الجانب الاجتماعي تغلَّب، وكان أقوى من القانون. وأشير هنا إلى حالة التناقضية بانسياق المرأة وراء الدعوات المحافظة لبقاء المرأة في إطار تأدية وظيفة اجتماعية محددة. المرأة لم ترفد دعوة حرية المرأة، كما لو كانت هذه الدعوة تلقي عليها المسؤولية في تحمل مسؤولية نفسها.
* وخروجها إلى بيئة غير آمنة؟
- بالضبط، هذه هي القضية الرئيسية.
* لكن على المستوى الحزبي الداخلي هل ستلتزمون النسبة المطروحة؟
- أمامنا طريقان إزاء هذه النسبة: إما أن نسير في تحقيقها بشكل تعسفي إرادوي أو نطرحها كهدف نصل إليه عبر مزيد من التثفيف والتوعية، واعتقد أن الاتجاه الثاني هو الأفضل.
* لست متأكداً كيف تعقدون اجتماعات المكتب السياسي والأمانة العامة، هل تتم في مقيل..؟
- الوضع الطبيعي أن يجتمع المكتب السياسي اجتماعاً رسمياً بدون مقيل، لكن بعدين إذا في مشاروات غير ملزمة، تعرف أن المقيل يفسخ بعض الأمور...
* معنى هذا أن المرأة ستكون مقصاة دائماً؟
- لن تعدم الوسائل، واعتقد ان الاجتماعات الرسمية هي الأساس.
* في موضوع وحدة القرار والتنفيذ داخل الحزب، في هيئات القرار الحزبي لوحظ في الفترة الماضية أن تيار "اصلاح مسار الوحدة" المتواجد داخل هذه الهيئات كان يشارك في عملية صنع القرار، لكنه كان يتراءى في نشاطه الخارجي -خارج الحزب أقصد- غير ملتزم بالقرار الحزبي، مايظهر الحزب للصحفيين والمعلقين والمهتمين وكأن الحزب منتدى وليس حزباً يتخذ قراره بآليات ديمقراطية، الأقلية فيه تلتزم قرار الأغلبية. هل ستستمر هذه الحالة أم أن استيعاب رؤى التيار في مقررات المؤتمر سيجنبكم إياها؟
- أولاً نحن نحاول قدر الامكان ان نحافظ على التنوع داخل الحزب، ومن خلال الديمقراطية. لا نريد استخدام الديمقراطية، بأية صيغة من الصيغ، لإقصاء أي رأي آخر، طالما أن هدفنا واحد. السؤال المهم: كيف يتم التعبير عن هذا التنوع، داخل الهيئة أم خارجها؟ الوضع الطبيعي أن يعبَّر عنه داخل الهيئة، ورأي الأغلبية هو المخرج إلى الحياة العامة. خلال الفترة الماضية أعتقد أنه وجد ما يشبه المنبر. ليس فقط التيار، وانما شخص معين، اذا لم يعجبه قرار معين يخرج ليعلن أن رأيه كان كذا وكذا... ذلك لا يعني أن لا يلتزم قرار الأغلبية.
* من غير أن يعمل ضد هذا القرار؟
- لا... من حق أي تيار أو أي شخص أن يطلع الناس على رأيه. عند هذا الحد اعتقد ان الأمر مقبول. لا مانع من اطلاع الناس على الرأي (الذي يعبَّر عن الأقلية) لكن التزام الناس برأي الأغلبية.
* مع ذلك في حالات معينة ذات حساسية عالية، في علاقات الحزب بأحزاب أخرى، فإن خروج واحد من الهيئة ليعبر عن موقف نقيض، ينطوي على تصعيد ويثير التباسات، ألا يؤدي ذلك إلى تعطيل قرار الأغلبية؟
- الذي يتكلم عن رأي آخر خارج الحزب يتحول من حزبي إلى كاتب. كحزبي عليه أن يلتزم بالقرار.
* وفي حال كان هذا الحزبي في موقع قرار ولم يكتف بالتعبير عن حقه في إعلان رأيه بل امتنع أيضاً عن تنفيذ القرار؟
- من حقه أن يطلع الناس على رأيه وفي هذه الحالة يتحول إلى صاحب رأي. مع ذلك فالنظام الداخلي لم يعالج هذه النقطة.
*كنتُ شددت في مداخلة عن النظام الداخلي (العام الماضي) أهمية حسم هذه الاشكالية.
- أوافقك في هذا. يجب أن نراعي مسألة واحدة, المركزية في أحزاب الأمس لم تعد صالحة لأحزاب اليوم. أحزاب اليوم احزاب سياسية، وما يجمع الناس هو البرنامج السياسي، ولا يوجد مانع أن يكون لعضو الحزب آراء متمايزة ورؤى مختلفة، هذه قيمة الحزب السياسي. الحزب السياسي يتطلب نظاماً مغايراً للحزب الايديولوجي... الأنظمة الداخلية التي نصوغها تلبي حاجة حزب سياسي أوايدلوجي في آن. لا تزال تجمع بين انشدادنا للبنى (الحزبية) القديمة وما بين متطلبات الحزب السياسي.
*كررت كثيراً، وبشكل سلبي، وصف الحزب الايديولوجي، ألم تعد للحزب ايديولوجية حاكمة؟
- لا، الأيديولوجية التي أتحدث عنها هي الايديولوجية بمعنى الدوجما... الدوجما التي تعني رفض الآخر.
* لا تقصد الفكرة؟
- كلا. أنا، كحزب، لدي فكرة، لكنها ليست دوجما أريد فرضها على الآخر.
* أخلص إلى أنك بوصفك أميناً عاماً جديداً، جاهز نفسياً وذهنياً لاستيعاب طريقة وآليات تعبير تيار اصلاح مسار الوحدة عن توجهاته؟
- ما أريد أن أقوله أنه لابد من أن ندير تنوعنا واختلافنا بشكل ديمقراطي. والديمقراطية ليست سحق الرأي الآخر بأية صيغة من الصيغ. المطلوب ترشيد الموقف تجاه الرأي الآخر، ومطلوب من الرأي الآخر أن يرشد موقفه. الشيء المهم أن الناس عندما يقبلون أن يكونوا معاً في حزب واحد، لابد أن تجمعهم اهداف معينة، حد أدنى على الأقل. أعتقد أن الحد الادنىمن الأهداف متوفرة لذلك اعتقد أن هناك امكانية للحوار والتفاهم, وإذا بقيت مساحة معينة من الاختلاف فلتبق شريطة ألا تؤثر على نشاط الحزب.نحن لا نريد إنتاج أزمة داخل الحزب بنفس الطريقة التي كانت (معهودة) في السابق، أي نقود عملنا الحزبي والسياسي نحو مآزق. أحياناً يفكر البعض أن الحزب يمكن أن يتوحد... مع صمته إزاء قضايا معينة، يجمدها ويظل موحداً. ليست هذه الوحدة التي نريد.. نريد وحدة ديناميكية، بمعنى أن تتفاعل مع قضاياها، وأن تختلف. توجد وحدة من نوع آخر، وحدة استاتيكية جامدة، هذه لا نريدها.
* عدا مترتبات الحرب، ومصادرة مقرات الحزب، لديك " وديعة" من الأمين السابق (مقبل)، الذي استضاف في مكتب الأمين العام أسرة تحرير "الشورى" بعد نفيها من مقر الصحيفة. كيف تتصور معالجة وضع "الشورى" خصوصاً وأنه في بعد شخصي، إذ صار من غير الممكن أن يزورك المرء في مكتبك؟
- نحن عملنا بأًصلنا في التعامل مع حزب سياسي يواجه مشكلة، وهذا موقف محسوب للحزب كما أعتقد. قضية "الشورى" لا يحلها مكتب (أمين عام).. أرى أنه لابد ان يقف اللقاء المشترك والمؤتمر الشعبي العام وقفة صحيحة تجاه المخاطر التي تتعرض لها الأحزاب السياسية. وبالنسبة للمكتب، أقول إن أي حزب يواجه مشكلة (مماثلة) فليأت عندنا، على قلة المكاتب التي في حوزتنا.
* سمعت أمس أن أعضاءالمكتب السياسي السابق الذين انتخبوا مجدداً، استمروا في المكاتب المخصصة لهم من الفترة الماضية، على ما يبدو فانك تريد اخراجهم من مكاتبهم بأي ثمن.
- (ضاحكاً) بالطبع، لأنه لو حصلت مشكلة لأي حزب آخر، فإن الحل هو استضافتهم في مكاتب هؤلاء.
* كيف قرأت تفاعل الصحافة وتعاطيها مع مؤتمر الحزب الاشتراكي؟
- لاحظت تفاعلاً كبيراً. وبعض ما كتب بأسلوب نقدي يجب أن نستفيد منه. جزء كبير منه صحيح، وبعض الكتابات بالغت في الإشادة، وبالنسبة لي شخصياً وجدتها مخيفة.
* تقصد عكست صورة وردية عن المستقبل؟
- نعم. الواقع معقد ويحتاج إلى خطوات قوية وثابتة. الحياة الساسية عموماً ليست تلك الحياة الوردية، لا يصنعها حزب ولا أفراد، هي مهمة يضطلع بها الجميع. الاشادات تخوفنا، والنقد الذي يجتر الماضي يصيبنا بالإحباط. لكن هناك كتابات في (منطقة) الوسط اتاحت لنا أن نقرأ انفسنا بشكل صحيح وواقعي، هذه الكتابات استفدنا منها وسنستفيد منها، ومن ضمنها ما نشر في "النداء".
* المحنا في "النداء"، فيمايشبه الاقتراح عليك، أن تستعين بناس من منطقتك (شعب، التي اشتهرت بعمالها الماهرين في صف الحروف). وأنت ترتب للأولويات الواردة في البيان الختامي للمؤتمر هل أنت في وارد الأخذ به؟
- هذه لقطة جميلة من "النداء" لأنها قرأت تاريخياً دور هؤلاء الناس في الصحافة، كانت "فتاة الجزيرة" وغيرها من الصحف الصادرة في عدن قبل الاستقلال، بدأوا يشتغلون فيها، وهم من منطقة وادي شعب، وفي آواخر السبعينات تحولوا إلى الصف الآلي. وهم يستحقون التكريم من نقابة الصحفيين، لأنهم أول من وضعوا قواعد للعمل الصحفي.
* هل تخطر في بالك اسماء معينة؟
- الأسماء كثيرة. منهم من توفي وبعضهم كبار في السن،لكنهم في تقديري الشخصي يعتبرون متحف الصحافة اليمنية.
* ممكن أن تزودنا بأسماء معينة؟
- سعيد راوح، مقبل راوح، محمد جازم، قايد قادري علوان، عبده نعمان، يوجد كثيرون وكلهم من منطقة واحدة، محمد سعيد محسن، واعتذر لأني لم أذكر جميع الأسماء. إذا أنت مهتم بنشر اسمائهم ممكن أزودك بها لاحقاً.
* شكراً جزيلاً.