إقرار المؤتمر للتعديلات الانتخابية يجهض جهود المعهد الديمقراطي والأوروبيين.. الرئيس علي عبدالله صالح يكرِّس من مأرب القطيعة مع المشترك

إقرار المؤتمر للتعديلات الانتخابية يجهض جهود المعهد الديمقراطي والأوروبيين.. الرئيس علي عبدالله صالح يكرِّس من مأرب القطيعة مع المشترك

> المحرر السياسي:
أقرت كتلة المؤتمر الشعبي البرلمانية مساء الأحد إعادة مشروع التعديلات على قانون الانتخابات إلى البرلمان للتصويت عليه، وبعد يومين فقط دعا الرئيس علي عبدالله صالح، من مأرب، أحزاب المعارضة إلى المشاركة في الانتخابات دون قيد أو شرط.
مشروع التعديلات، حسب المؤتمر الشعبي، يلبي مطالب (قديمة) للمعارضة وتوصيات الاتحاد الاوروبي. فهل قصد الرئيس أنه لن يقبل أي شرط إضافي بعد التصويت على المشروع؟
لا. فكتلة الأغلبية الكاسحة لم تدرج بند التصويت على مشروع التعديلات في جدول أعمال الدورة الحالية للبرلمان، ما يعني أن الرئيس قصد شيئاً آخر: إنهاء مبكر لمناورة الكتلة البرلمانية، واستئناف «المسيرة الديمقراطية» باتجاه انتخابات أحادية لا تتوافر على الحد الأدنى من المعايير الديمقراطية.
المشهد الانتخابي كان أقل كآبة قبل أسبوعين عندما زار اليمن ليزلي كامبل مسؤول الشرق الأوسط في المعهد الديمقراطي الاميركي وبعثة أوروبية استقصائية. وقتها كان الاهتمام منصرفاً إلى مدى تمكن الزوار من مساعدة أصدقائهم اليمنيين في الحكم والمعارضة على التوصل إلى حزمة معالجات توفر الحد الأدنى من معايير الانتخابات الديمقراطية. والآن فإن الاهتمام ينصرف كلية إلى المدى الذي سيذهب إليه المشترك رداً على التصعيد الرئاسي.
مناورة الكتلة البرلمانية للمؤتمر (حزب الرئيس) بإقرار (مسرحي) لمشروع التعديلات تشكل ضربة إجهاضية لمساعي المعهد الديمقراطي والاتحاد الأوروبي. وبخاصة مساعي الأخير الذي زعم المؤتمر أن التعديلات تستوعب توصياته التي أعلنها بعد الانتخابات الرئاسية (2006)، رغم أن المشروع لم يستوعب التوصيات المهمة، وبخاصة تلك التي تنص على عدم اعتبار مكان العمل موطناً انتخابياً. ومعلوم أن المعهد والاتحاد الأوروبي يشترطان لدعم الانتخابات المقبلة أن تكون تنافسية وأن توفر للناخبين خيارات حقيقية، وهذا الشرط يستحيل تحققه في غياب المشترك.
وفي حين يقاطع المعهد الديمقراطي الاميركي اللجنة العليا للانتخابات الحالية منذ تشكيلها لأنها ليست محايدة ولا مستقلة، قال مصدر خاص لـ«النداء» إن الدعم الذي قدمه الاتحاد الأوروبي للجنة العليا للانتخابات مؤخراً، هو مجرد وفاء بالتزام سابق، وأن موقف الاتحاد الأوروبي متناغم مع موقف المعهد الديمقراطي.
 البعثة الأوروبية التقت على مدى10 أيام مسؤولين في صنعاء. كما نظمت لقاءات مع أحزاب المشترك ومنظمات مجتمع مدني في صنعاء وعدن. وكان لافتاً اهتمام البعثة بالأوضاع في الجنوب على الرغم من أنها تجنبت الاتصال بالهيئات الفاعلة التي تقود الحراك السلمي هناك.
واستبعدت مصادر مطلعة عودة كامبل مجدداً إلى صنعاء، كما كان مخططاً، لاستئناف الاتصالات التي أجراها مع الرئيس والمعارضة قبل أسبوعين. ورجحت أن يركز المعهد جهوده في المرحلة المقبلة على برامج أخرى، وخصوصاً تلك التي تستهدف مساعدة الأحزاب على تطوير العمل المؤسسي داخلها. وتعتمد المنظمات الدولية لغة ديبلوماسية في التعبير عن مواقفها حيال تطورات «التجربة الديمقراطية» في اليمن، تجنباً لاستفزاز أي طرف، ما أدى إلى سجال بين السلطة والمعارضة حول حقيقة مواقف الاتحاد الاوروبي والمعهد الديمقراطي. على أن تطورات الأيام الأخيرة من شأنها دفع المنظمات الغربية إلى التعبير بلغة أكثر وضوحاً عن مواقفها.
وفي حال قررت المعارضة مقاطعة الانتخابات فإن الأوروبيين والامريكيين- بحسب مصدر مطلع طلب عدم ذكر إسمه- سيتفهمون دواعي هذا القرار. وإذ أشار إلى أن الأحزاب اليمنية تستنزف طاقاتها في البحث عن آليات انتخابية ملائمة بدلاً من الانشغال في كسب التأييد لبرامجها الانتخابية، قال إنه من المؤسف أن الانتخابات التي جرت عام 1993 لم يتم البناء عليها وبدلاً من أن تكون الانتخابات آلية لحل الأزمات بأسلوب سلمي فإنها صارت فاتحة لأزمات وصراعات جديدة.
مطلع هذا الأسبوع بدا اللقاء المشترك محشوراً في الزاوية، إذ أن تسوية انتخابية (مع السلطة) تحظى بدعم غربي كانت ستستدرجه إلى المشاركة من دون أن يكون جاهزاً لها، حتى وإن تضمنت التسوية تأجيل موعد الاقتراع لمدة 6 أشهر حسب حزمة الأفكار التي طرحها المعهد الديمقراطي. وبعد الاستعراض المؤتمري في صنعاء والرئاسي في مأرب فإن معجزة فقط قادرة على حمل المشترك على المشاركة. وفي انتظار المعجزة يجد المشترك نفسه مضطراً إلى تسريع إيقاع حركته في اتجاه الملتقى التشاوري الوطني الذي دعا إليه في الصيف الماضي ويتوقع أن يلتئم نهاية الشهر الجاري.
إزاء التصعيد الرئاسي ضده، ولخفض كلفة الغياب القسري عن استحقاق انتخابي شديد الحيوية، وبخاصة لحزب الإصلاح، فإن المشترك سيتخفف كثيراً من تحفظاته حيال الفاعلين الجدد في الشمال والجنوب.
خلال العامين الماضيين جرى التعاطي مع «الحوثيين» و«الجنوبيين» باعتبارهم «خارجيين»، أي فاعلين يتحركون خارج إطار النظام السياسي الذي انبثق عن حرب صيف 1994. وقد دأب المشترك على التعامل معهم بروحية فاعل داخلي، تحركه دوافع سياسية وحوافز انتخابية. لكنه وقد بات في اللحظة الراهنة خارج أهم مظاهر النظام السياسي (الانتخابات البرلمانية) مدعو -كما قال لـ«النداء» مصدر في المجلس الأعلى للمشترك- إلى الالتقاء بالحركات التي تعمل من خارج النظام... إنها الحرب إذاً!