تحول إلى محطة نقل بري بسبب الغمام وجفاف بير السويدة.. انحدار مطار تعز

تحول إلى محطة نقل بري بسبب الغمام وجفاف بير السويدة.. انحدار مطار تعز - بشير السيد

اعتاد محمد عبدالله عبده الرسول مغادرة مطار تعز الدولي بعد ساعتين من الجلوس على مقاعد صالة الانتظار، والتوجه براً إلى السعودية حيث تنتظره أعماله التجارية.
وصباح السبت الماضي كان يغادر بوابة المطار يجر الخيبة وحقيبة السفر الحمراء، وتذكرة سفره إلى الرياض، تتدلى من بين أصابع يده اليسرى، ويتمتم: «أنا أستاهل».
إلى محمد، ازدحمت الباحة أمام بوابة المطار بقرابة 82 مسافراً مع حقائبهم كان يفترض أن يصعدوا سلم الطائرة، لا الرضوخ لشروط سائقي سيارات الاجرة المتواجدة هناك.
استقل محمد احدى السيارات وطلب من السائق أن يقله إلى مكتب «اليمنية» في مدينة تعز؛ لقد قرر السفر براً.
أثناء استرجاعه قيمة التذكرة، كان مكتب الخطوط الجوية اليمنية في حوض الاشراف يستقبل المسافرين العائدين من المطار وتذاكرهم؛ هم أيضاً قرروا السفر براً.
يعمل محمد في السعودية منذ طفولته، ولديه محلات اكسسوارات بالجملة، وكان قدم إلى تعز الاربعاء الماضي لحضور حفل زفاف شقيقته.
قال: «هذه هي المرة الرابعة التي أقطع تذكرة طيران من مطار تعز وأسافر براً». وأضاف متحسراً: «كل مرة يقولوا نفس الكلام: في غمام والطائرة لا تستطيع الهبوط. مش معقول! فلوسك هنا ما تعمل لكش حاجة».
هو حضر إلى المطار في السابعة من صباح السبت. كان ملتزماً بالتعليمات التي تلقاها من موظف «اليمنية» أثناء قطع التذكرة، وطلب من شقيقه الاصغر عدم الانتظار إذ ما يزال على موعد الرحلة ساعتين، رغم محاولة الشقيق الاصغر استحضار تجارب محمد السيئة مع مطار تعز: «يمكن تلغى الرحلة زي زمان»، قال محمد مستذكراً الحديث الذي دار بينه وشقيقه.
كان المسافرون ينتظرون هبوط الطائرة. وكان موظفو المطار والعمال يجوبون صالة الانتظار، وأحدهم يقول: «الطيار ماعرفش يهبط بسبب الغمام»، ثم يأتي آخر ويقول: «انتظروا إلى الساعة التاسعة يمكن يزول الغمام وباتسافروا، هذا هو الأمل الوحيد». أثناء ذلك كانت صالة الانتظار تزدحم ب82 مسافراً رجالاً ونساء وأطفالاً، بعضم إلى لندن وآخرون إلى الرياض والبقية إلى صنعاء.
بالنسبة لمسافري لندن فقد جاء النذير أن رحلتهم ألغيت بسبب ضيق الوقت، وأن رحلة تعز -صنعاء إن تمت لن يتمكن مسافرو لندن من اللحاق برحلة لندن من مطار صنعاء. وحينها بدأت أصوات عجلات حقائب السفر تطلق صفير في صالة المطار، مصحوباً بسخط اصحابها على المطار الدولي الفاشل. بعد 10 دقائق جاء النذير الثاني: «رحلة الرياض ألغيت»، أيضاً للسبب ذاته. حينها. تسنى لنا سماع عبدالباسط، الشاب المنتمي إلى مدينة القاعدة في محافظة إب الذي وعد كفيله في السعودية الوصول يوم السبت، بعد أن ماطله خلال الاسبوعين السابقين: «أيش أقول له (الكفيل)؟! الرحلة التغت لأن في غمام! والله أنه ما شايصدقني».
وبدأت موجة غضب المسافرين: «أنا كنت واثق أننا ما بنسافر، كل مرة يعملوا هكذا»، وآخر: «كل الطائرات تهبط وسط الغمام والمطر إلا في مطار تعز. أيش مشكلة تعز؟! حتى المطار بيخربوه... الخ».
لم يكن تأجيل أو إلغاء الرحلة شيئاً جديداً على المسافرين، حتى أن سيارات الاجرة تزدحم خارج المطار في كل رحلات ما قبل الظهر، وقال مختار الحمادي: «وهو سائق تاكسي اكثر ناس نوصلهم في الصباح من المطار إلى بيوتهم هم الذين كانوا بايسافروا والتغت رحلتهم. لكن بعد الظهر نوصل المسافرين الذين وصلوا من الخارج».
طبقاً لأحد مندوبي «اليمنية» في مطار تعز الدولي، فإن المطار يفتقد إلى أجهزة مساعدة الهبوط والاقلاع وهذه الاجهزة من التجهيزات الاساسية لأي مطار، من خلالها يمكن لكابتن الطائرة الهبوط أو الاقلاع في كافة أحوال الطقس السيئة.
وأوضح: «عندما يوجد غيم في مطار تعز يكون الهبوط نوعاً من المجازفة، حتى أن قانون الطيران العالمي يمنع أي طيار الهبوط في مطار تنقصه أجهزة مساعدة الهبوط والاقلاع فما بالك عندما يوجد غمام!».
أجهزة مساعدة الهبوط تعمل على مساعدة الطيار في رؤية المدرج وتحديده وحساب المسافة بين الطائرة والمدرج والارتفاع المطلوب للهبوط قبل الوصول إلى المدرج... الخ.
وأضاف: «نحن لدينا فريق طيران محترف، لكن هذا الاحتراف لا يعني خرق القانون العالمي للطيران». وتساءل: «ليش مطار تعز حتى الآن بدون أجهزة ملاحية حديثة واجهزة مساعدة هبوط واقلاع (الجهاز الحساس للطيار)».
تتكبد شركات الطيران خسائر فادحة جراء عدم جاهزية مطار تعز. ويوم السبت الماضي، وفق مصدر في مكتب «اليمنية» خسرت الشركة 8 مقعداً بسبب إلغاء الرحلة، «اثنان من المسافرين إلى لندن اضطررنا أن نقوم بالحجز لهم اكثر من مرة وعبر عدد من المحطات لضمان وصولهم إلى لندن بسبب ظروف عملهم وكلفنا المقعدان قرابة ألفين دولار. أيضاً يوم السبت خسرنا 25 مسافراً دولياً، واغلبهم استرجعواً قيمة التذاكر وسافروا عن طريق البر».
وفقاً لمصادر في شركة الخطوط الجوية اليمنية فإن الشركة تكبدت خسائر فادحة بسبب عدم جاهزية مطار تعز وخلال الشهر المنصرم يناير اضطرت الشركة إلغاء 3 رحلات من مطار تعز بسبب سوء الأحوال الجوية.
المصادر قدرت عدد رحلات طيران اليمنية التي الغيت خلال العام 2008. في مطار تعز ما بين (19 -28) رحلة بسبب الظروف ذاتها.
لكن ادارة مطار تعز رغم اقرارها بالمشكلة الناجمة عن نقص الاجهزة حملت خبرة الطيارين قسطاً من الأسباب.
علي قاسم طالب، المدير المناوب في مطار تعز مدير إدارة الحريق والخدمات الأرضية، قال: «الامر له علاقة بخبرة الطيار ومعرفته بالمنطقة». طالب استشهد بقصة حدثت سابقاً: «قبل سنوات كنت أنا مراقب المرسى وكان في مطر غزير والغيوم كثيفة واذكر أن «الزريقي» قائد الطائرة (اليمنية) كان لديه 120 راكباً، في البداية لم يستطع الهبوط وعمل لفة وهبط بالطائرة؛ يعني خبرة الطيار لها دور كبير».
غير أن المدير المناوب الذي تحدث لـ«النداء» عصر الاحد الماضي لم يمكث طويلاً عند نقطة خبرة الطيار، فقال: «لدينا نقص في الأجهزة وهذا سبب عدم حدوث مثل هذه المشاكل في المطارات الاخرى، لكن في مطار تعز ستظل المشكلة مادامت هذه الاجهزة غير موجودة». وزاد: «هذه الاجهزة موجودة في كل المطارات وهي تساعد الطيار على رؤية المدرج وأين يهبط».
وإذ دافع بشدة عن إدارة المطار وقال إنها قدمت الكثير للمطار، أكد أن الهيئة العامة للطيران المدني لم تستجب لمطالب إدارة المطار بخصوص أجهزة الملاحة واجهزة مساعدة الهبوط والإقلاع، وتقول لهم: «هذه الاجهزة تحتاج إلى وقت».
بالنسبة للمشاكل الصغيرة -وفق طالب- تتكفل إدارة الشركة بالتعامل معها ووضع الحلول. «المشاكل الصغيرة تقوم بمعالجتها مثل الغيوم التي تؤدي إلى تعطيل الطيران، ومشاكل داخل المدرج (مثل) مرور الحيوانات وسطه».
إلى محافظة تعز يغذي المطار: إب، أطراف عدن، الحبيلين، والضالع، ويعمل خلال ساعات النهار فقط ويفرض عليه القانون عدم هبوط أي طائرة فيه بعد الساعة الخامسة والنصف عصراً لعدم وجود إضاءة في المدرج.
إلى نقص أجهزة الملاحة وأجهزة مساعدة الهبوط والاقلاع وعدم وجود إضاءة، أيضاً اعمال تحسين مطار تعز تجمدت منذ 20 عاماً حين تقرر استحداث مدرج الجنوب الشرقي، ليس كالحالي المتجه صوب جبل صبر. ووفقاً للمصادر فإن تأجيل المدرج الجنوبي الشرقي ناجم عن خلاف بين لجنة التعويضات وأصحاب الارض التي سيقام عليها المدرج.
 مهتمون شككوا بالرواية وقالوا معظم الطرقات تشق داخل املاك مواطنين يتم صرف التعويضات لهم دون حدوث مشاكل وأن هناك سبباً آخر أملوا الاَّ يكون له علاقة بما يشاع عن اعتزام هيئة الطيران إنشاء مطار في البرح.
 
 
***
 
تقرير برلماني: انخفاض حركة النقل في مطار تعز بنسبة 95٪_
تراجع المغادرين من 130 ألفاً في 84 إلى 6 آلاف في 2004
 
احتكرت طائرات الليونش وطائرات داكوتا دي سي 3/6 حركة النقل في سماء محافظة تعز لعقدين من الزمن بعد قيام الثورة اليمنية.
 آنذاك كان مطار تعز مصمماً وفقاً لحجم تلك الطائرات، وعندما دخلت طائرات بوينج سوق المنافسة مطلع الثمانينيات كان لابد من عملية تطوير للمطار وتم توسعة مدرج الهبوط الإقلاع إلى الضعف ومثلها مرسى الطائرات.
 عقب دخول بوينج إلى اسطول النقل الجوي شهد مطار تعز الدولي حركة نشطة في حركة الركاب وشحن البضائع. لكن هذه الحركة لم تستمر طويلاً.
 لجنة النقل والمواصلات بمجلس النواب، التي زارت مطار تعز في ديسمبر 2005، رصدت تراجع الحركة الجوية للمطار خلال 20 عاماً (1984-2004).
 واظهر تقرير اللجنة الذي قدمته إلى مجلس النواب انخفاض عدد المغادرين من 129 ألف مسافر في 1984 إلى 6 آلاف في 2004، وانخفض عدد الواصلين إلى المطار من 97 ألفاً في 1984 إلى 5 آلاف في 2004، كما أن المطار شهد تراجعاً في عدد رحلات الإقلاع والهبوط من 1652 عملية هبوط ومثلها عملية اقلاع إلى 156 عملية هبوط ومثلها إقلاع خلال الفترة نفسها.
التقرير البرلماني الذي اعده عبدالواسع هائل سعيد رئيس لجنة النقل والمواصلات واسماعيل عبدالرحمن السماوي مقرر اللجنة، أرجع تراجع حركة الطيران في مطار تعز إلى عدة اسباب قدمها مدير عام المطار، ابرزها احتكار شركة الخطوط الجوية اليمنية كناقل وحيد إلى المطار وارتفاع اسعار التذاكر بشكل مستمر، فضلاً عن الإلغاء المتكرر للرحلات المجدولة والمعتمدة وعودة الركاب من المطار وإلغاء رحلات الرياض، عمان، الريان.
 المختصون في مطار تعز لم تفتهم الاشارة إلى مشكلة البناء العشوائي حول المطار واثرها السلبي على حركة الطيران.
أيضاً حرص المختصون في المطار على إدراج شحة المياه وجفاف بئر المياه في وادي السويدة، الخاص بالمطار، كواحد من أسباب تراجع حركة الطيران.