النيابة تصر على إستضافة المعسرين في السجون، والضبيبي معسراً في مركزي تعز

النيابة تصر على إستضافة المعسرين في السجون، والضبيبي معسراً في مركزي تعز - هلال الجمرة

تُجبر النيابات سجناءها على تربيع المدة المحكوم بها عليهم في احسن الأحوال وتكعيبها في حالات اخرى.
وفي أمتار محصورة يحوي السجن المركزي بتعز مئات السجناء المعسرين (المحتجزين على ذمة حقوق خاصة)، وهناك يكابدون مرارة عدم تطبيق القانون والالتزام به.
صباح الثلاثاء قبل الفائت، زرت السجناء المعسرين في مركزي تعز. في البوابة الخارجية للسجن، طلبت من الحراسة الإذن لزيارة السجين فهمي العزي وهو معسر سبق أن تناولت الصحيفة قضيته. ردَّ أقرب العسكر إليَّ بأن الزيارة ممنوعة عدا الاربعاء والخميس والجمعة، وسألني عن اسم صاحبي و«من أين تعرفه؟». أجبت: أنه صديق قديم وأنني أتيت لزيارته من صنعاء ولا استطيع أن أتأخر يوماً كاملاً.
تهامس مع زميله وأخذني جانباً وبدأ بمساومتي: «تشتي تزوره الآن هات حقنا ونستأذن من نائب المدير. لم يكن أمامي خيار آخر الا تنفيذ طلبه واعطاءه 500 ريال استشار فيها زملاءه ووافقوا بها ثم رافقني إلى الداخل.
على بعد 40 متراً من البوابة الخارجية يقع في الجهة اليمنى البوابة الثانية يليها شبَّاك الزيارة الذي يطل منه وجدي عبدالجبار دائل -هو أيضاً سجين معسر- ويتولى مهمة مناداة أصحاب الزيارات. سألته «النداء» على فهمي العزي ووحيد محمد ناجي وهما شريكان في قضية واحدة (أموال عامة). بعد دقائق أقبل وحيد مرتدياً شميزاً أنيقاً ومعوزاً تصافحنا برأس البنان، وبعد أن عرفته بنفسي صافحني ثانية وبدأ بالبوح عن معاناة 4 سنوات؛ سنتين منها زيادة على الفترة المحكوم بها عليه.
بعد وهلة من البوح عن مأساته ومأساة السجناء المعسرين الآخرين، أشار إلى سجين يمر من ورائه وقال لي: هذا عبده جسار الضبيبي اللِّي قلت لك عليه. لم تمر ثوان حتى التف ما يزيد على 10 سجناء معسرين، علموا بهوية الشخص الذي يتحدث إلى وحيد: «صحفي.. يا صحفي، يا صحيفة «النداء»، يا أخي خرجونا من هانا. أكتبوا علينا، إحنا معسرين.. وقاضي الاعسار عندنا راقد. انقذونا لنا سنوات ولا أحد يدوَِّر بعدنا»، صرخات استنجاد ترددت في 20 ثانية.
وبعد أن فشلت في الاهتمام بهم جميعاً في لحظة واحدة، ترجيتهم الانتظام والتسجيل بشكل منظم. واثناء الفلاشات السريعة التي دارت احداثها في غضون ثوان، هب عبده جسار الضبيبي لإحضار وثائقه الخاصة بقضيته، وعرَّف عنه زملاؤه: «هذا ابن عم علي الضبيبي (الصحفي الذي تناول قضايا المعسرين في «النداء» قبل مدة) الله أنكم ستفعلوا بنا خير». ومن آخر التجمع علا صوت رجل سبعيني اسمه مدهش قاسم علي، مسجون منذ 8 سنوات، وصاح حتى اقترب من الشباك: «واصحفي.. وابني.. ماتت أمي وابي وانا هونه (يبكي)، وماتو اثنين من اخواني وواحد من ابنائي وأنا 8 سنوات هونا ولا شفتو واحد». وأدخل يده إلى جيب الكوت واخرج 4 أوراق مهترئة كأنها تغادر جيبه نحو 4 مرَّات يومياً، وكان يبكي وهو يعرض ما تتضمنه هذه الأوراق: مصادقة الرئيس على الحكم بإعدامه في 18/7/2007، تنازل بعض الورثة عن الحكم بالاعدام في 19/10/2007، حصر لورثة القتيل تبين استحقاقهم من الدية المقدرة ب مليون و330 ألف ريال. وشكا فاقته: «أنا مسكين ضعيف الله من أين ادي هذا كله». وهو محكوم عليه ب7 سنوات لكنه الآن يدخل في عامه التاسع منتظراً تاجراً أو فاعل خير أو الدولة إن عملت بالقانون للتسديد عليه وإخراجه للعيش بين أسرته وزيارة قبور والديه واقربائه الذين ماتوا وهو مسجون.
وإليه يتجرع سيف علي سميح مرارة السجن منذ سنة ونصف رغم أنه لم يحكم ضده بأي مدة بل بدفع المقدر ب5ملايين ريال المبلغ الذي عليه، ويقول إن قضيته الآن لدى نيابة شرق تعز وأنه قدَّم منذ أشهر ضماناً يفوق المبلغ الذي عليه بأضعاف إلى النيابة كي تفرج عنه ليتمكن من سداد ديونه لكن دون طائل: «مش راضين يقتنعو بالضمان.. أيش أزيد أسوي؟!». و يتحسر وهو تاجر مشهور، بحسب آخرين، قائلاً: «والله إن خسارتي من يوم دخلت السجن زيادة على المبلغ المحكوم به»، وأكد تدهور رأس ماله وتكالب الظروف عليه نتيجة لحبسه من قبل النيابة واستمرارها في احتجازه وتعنتها ورفضها للضمان الذي قدمه إليها.
وعلى ذمة 40 ألف ريال يمضي أمين الشعبي شهره ال8 في السجن المركزي بتعز، ويقول إن الحكم لم يقض بحبسه حتى يوماً واحداً لكن النيابة تتعمد احتجازه منذ 8 أشهر مشترطة عليه دفع ال40 ألف ريال أو البقاء في السجن على الرغم من إعساره وحالته المادية الصعبة.
يوجد في مركزي تعز 6 من المعسرين المحتجزين على ذمة أموال عامة. هؤلاء يتألمون بشدة بسبب القرارات الاستثنائية التي صدرت ضدهم مؤخراً. وقد أبلغهم قاضي الاعسار في تعز أن قراراً أو تعميماً من جهات عليا صدر مؤخراً يمنعه من إصدار أحكام اعسار للمحتجزين على ذمة أموال عامة. ويقول فهمي العزي: «نريد أن نرى هذا القرار ونريد أن نعرف من النيابة سبب الاستمرار في احتجازنا ما دامت الامور واضحة وحالتنا صعبة. ولو كنا قادرين ما جلسنا في الحبس زيادة سنتين على ما في الحكم». فهمي العزي هو من السجناء المعسرين المحتجزين في حبس الاحتياط (يتمتع بمميزات أفضل من السجن الآخر ويدفع السجناء إيجاراً على الغرف هناك)، منذ 4 سنوات.
جميع المعسرين (اموال عامة- خاصة) التقوا عند مشكلة احكام الاعسار، وفاعلية أحمد الاغبري القاضي المكلف بإصدار احكام الاعسار في تعز. وأكدوا في شكوى رفعوها إلى رئيس مجلس القضاء الاعلى أن الاغبري «يرفض العمل واصدار احكام الاعسار للمستحقين لها خصوصاً سجناء الاموال العامة»، واشاروا إلى أنه لم يصدر أحكاماً بالاعسار منذ توليه المنصب وانه اذا قبل الحالة فهو يتوقف في نصف العمل.
هذه نماذج من سجناء معسرين في تعز توقفت عجلة الزمن عندهم منذ سنوات. وبمخالفة واضحة للقانون تخترق النيابات المواد القانونية التي تحرم استمرار احتجاز السجناء زيادة على المدة المحددة في الاحكام ضدهم.
 
***

الضبيبي معسراً في مركزي تعز

عاش عبده جسار الضبيبي حياة التاجر الذي لا يخشى الفقر حتى أواخر 2003. ومنذ 29 اكتوبر من نفس العام تراجعت حياته بصورة مخيفة إلى أن أصبح الآن معدماً ويبحث عن «قيمة واحد شاهي». إنه في مركزي تعز معسراً ومحتجزاً على ذمة 6 ملايين ريال.
قبل اسبوع، كان عبده جسار (43 عاماً) يتكبد خلال البوح بمعاناته التي بدأت نهاية 2003، سالت دمعتان على خديه وهمس بأنه لا يمتلك «حق الشاهي». بعد ما كان تاجراً وسمعته على آذان معظم سكان مدينة الحديدة. لقد فقد كل ما يملك «محل مفروشات في شارع شمسان، وثان في شارع زايد»، واسمه كتاجر له صيته في الحديدة، وأسرة تشردت، قال. وأضاف: «عندي أسرة 25 نفر إخواني 3 مجانين و10 أطفال ومعي زوجتين و3 أولاد أكبرهم عمره 17 سنة وابي توفي وأنا في السجن».
أسرته كانت تقف على المصاريف التي يعطيها لهم أما الآن فهو يبحث أيضاً عن شخص ينفق عليه. يقول: «أنا الكبير من إخواني وكنت أصرف عليهم والآن ما أحد يشقى لا عليهم ولا عليَّا».
في يوم الاربعاء 29 اكتوبر 2003، اتهم الضبيبي بإحراق محل مفروشات وأقمشة يملكه أحد اقربائه ويقع في شارع جمال بمدينة تعز، ما أدى إلى تلف كل ما بداخله، وبعد محاكمته ثبتت مسؤوليته الجنائية وصدر ضده حكم من محكمة غرب تعز قضى بحبسه 3 سنوات و5 أشهر والزامه تسليم مبلغ 8 ملايين ريال و70 ألفاً أتعاب المحاكمة. استأنف الضبيبي الحكم وتقدم بعريضة من 6 صفحات وقبلت محكمة استئناف تعز استئنافه شكلاً وأيدت الحكم الصادر من المحكمة الابتدائية مستثنية المبلغ المحكوم عليه و عدلته إلى 6 ملايين ريال.
الاسبوع الفائت كان عبده جسار قد تجاوز الحق العام وهي المدة المحكوم بها عليه، وزاد عليها سنتين ونصف السنة، وهو ما يعني أن سجنه لم يعد بحسب القانون وإنما مرتبطاً بمسألة دفع المبلغ، وهذا لا يتصل مطلقاً مع الاستمرار في احتجازه، ويعد مخالفة قانونية ولأنه معسر لا يستطيع تسديد ما عليه ويقول في ذلك: «لو كان معي أني كنت أديت لهم المبلغ يومها.. أنا مش فارح أجلس في السجن».
عقب دخوله السجن، كانت حالته المالية لا بأس بها لكنه استقبل عدداً من التجار الذين كان مديناً لهم، وسدد كل ما عليه، وبعد أشهر لم يعد في حوزته سوى 20 ألف ريال وفكر في الاستثمار بها داخل السجن وابتاع بها ثمة بسكويتات وبيضاً و«بطاريات أبو قلم ونعناع ومظاريف»، واستطاع أن يؤمن نفسه في بعض الاحتياجات داخل السجن لمدة سنتين «بعدين كملت البضاعة ديون للمساجين وقرح ضماري ال20 الف ريال وراحت دين والآن والله ما امتلك حق واحد شاهي».
عبده جسار الضبيبي هو واحد من السجناء الذين لا زائر لهم الا أن أنباء سيئة تصله من الناس عن المصير المأساوي الذي صارت إليه اسرته: «اسرتي تشردوا في البلاد في صنعاء وأمي في البلاد وأبي توفي وأنا محبوس و25 نفر ينتظروني اشقي عليهم». ايضاً لا يقدر أولاده على التعلم ويعملون في الجولات: «أولادي الثلاثة بيبيعوا ماء في الجولات ويحصلوا حق المصروف». ويعتبر الضبيبي من ابرز السجناء ومن اوائل الاسماء المسجلة في كشوفات اللجنة الرئاسية التي نزلت في رمضان الفائت للافراج عن المعسرين إلا أنه مازال يبحث عن الافراج.
 
***
 
هارب من الإعدام

تمكن سجين متهم بالقتل من الفرار من السجن المركزي بتعز في وضح النهار وغادر إلى أسرته.
في 17 يناير الفائت، اقتيد السجين صادق دبوان من السجن المركزي رفقة عدد من السجناء على السيارة التابعة للسجن إلى محكمة التعزية لحضور الجلسة السابعة من محاكمته في قضية قتل.
عقب انتهاء الجلسة في ال10:15 صباحاً طلب صادق من أفراد الحراسة العودة إلى السجن ثم قيد بذات الكلابش مع سجين اسمه بلال، واسوة بكل الجلسات تقول مصادر «النداء» في السجن: إن صادق اعتاد العودة إلى السجن على سيارته الخاصة يرافقه عسكري من أفراد الحراسة. في ذلك اليوم حوَّل صادق الوجهة فبدلاً من الرجوع إلى السجن اتجه صوب قريته.
وبحسب المصادر فإن صادق دبوان، هو أحد أعيان منطقة مخلاف شرعب، غادر المحكمة وسار باتجاه سوق عصيفرة لشراء القات. إثر وصولهم إلى السوق دهم السيارة نحو 10 مسلحين وقاموا باختطافه إلى مكان بعيد على حدود قرية صادق وتولوا عملية فتح القيد وقيدوا يد الجندي المرافق إلى جانب السجين الآخر، الذي رفض عرض الافراج عنه وفضل الرجوع إلى السجن.
تمت العملية بنجاح وأطلق المحكوم بالاعدام وهو ما جعل إدارة السجن تغلق نفس الحرية الذي كانت تمنحه للسجناء نهائياً وقامت بتوقيف العسكري الذي عاد مقيداً.
وينتقد السجناء التصرف الذي وصفوه بالمتوحش والذي أصبحت تتعامل به الادارة مع سجنائها متسائلين: «ما ذنبنا حتى نعامل بهذه الطريقة..؟ نرجو أن تصل رسالتنا لمدير السجن».
وأضافوا أنهم مازالوا متحفظين على الانتهاكات والمضايقات التي يتعرضون لها حتى يعرفوا مدى تجاوب مدير السجن معهم.

***

من مركزي تعز.. ملك التمور يدعو المعسرين في جميع السجون اليمنية
إلى الإضراب المفتوح عن الطعام ابتداءً من يوم 1/3/2009
 
أيها الأخوة المعسرون المعتصمون بحبل الله الرافضون الاحرار.. أيها العطاشى لماء الحياة.. أيها العطاشى لغيث الحقوق.. وتفعيل القانون (قانون المعسرين).
سلام الظامئين للحرية والخلاص.. سلام عليكم وأنتم غصة العابثين وكابوس المتنفذين.. سلام عليكم وأنتم تطلبون حقاً من حقوقكم الا وهو غيث الحرية..!
أيها المعسرون الاسرى.. رغم سجننا القاسي والظالم ومحاولات عزلنا عن العالم الخارجي وعن الضمير العالمي.. من هنا ندعوكم إلى تعليق الشارات الحمراء في يوم المعسر اليمني تاريخ 1/3/2009، والاضراب عن الطعام حتى الموت.
وبرغم البعد بيننا وبينكم إلا أن أرواحنا في هذه اللحظة من فرط شوقها للحرية قد كسرت قيد الإذلال وغادرت عزلة السجن وحلقت فوق سماء الحرية.. تسبقها أرواحكم الحرة إلى نور الفجر.. إلى انتزاع الحقوق بقوة القانون.!
أيها المعسرون الاسرى.. اسمعوا المغرورين زئير أصواتكم الرافضة للعبث والتحقير، فاعتصامكم واضرابكم لا يستجدي من السلطة فضلاً من عطائها المبتذل، بل ينتزع حقاً من حقوقنا القانونية التي لم تر النور فالاضراب هو مسيرة النور وهو القانون وهو الحق والطريق إلى الحرية.
سجننا هو الفوضى والفتنة وهو البلطجة وهو التهميش والخروج على القانون. فبورك اعتصامنا واضرابنا بمشيئة الله, فالموت خير لنا واشرف من هذه الحياة البائسة الذليلة.
 أيها المعسرون سنوات وأنا في سجن العبيد لاجرم لي سوى أني على ذمة دين خاص ويقول تعالى: «وإن كان ذو عسرةٍ فنظرة إلى ميسرة» صدق الله العظيم.
سجنوني ظلماً وروعوا براءة قلوب اطفالي الصغار وأفزعوا قلب أمي الحزينة فقط لأني رفضت قهر الرجال وسخرت من الفقر وأردت الاستثمار على تراب وطني الغالي.. ولبيت نداء الرئيس للمستثمرين.
 أيها المعسرون.. أدعوكم جميعاً لنقاوم الهم والحزن والملل والجوع والموت البطيء في مؤسسة دفن الاحياء، بالنضال السلمي والاضراب المفتوح. لم أحمل سلاحاً أو أقطع طريقاً، فالذين حملوا السلاح وقطعوا الطريق دعاهم الرئيس ليعودوا إلى بيوتهم آمنين، والذين لا حول لهم ولا قوة أبقاهم المتسلطون في سجونهم خائفين مهانين.. إنها سخرية القضاء في بلادنا.
أيها المعسرون الفقر سجن، والغلاء سجن، والعطش سجن، والجوع سجن، والتهميش سجن، وجميعها تحيط بنا من كل الجهات.. فما فائدة الحياة بربكم.. منكم من طلب قطعة أرض كمقبرة وحكم ذاتي، ومنكم من عرض أجزاءه للبيع.. ومنكم من ناشد النائب العام ومنكم من ناشد الرئيس ومنكم من ناشد رئيس مجلس القضاء..الخ.. لكن لاحياة لمن تنادي.. فلم يبق لنا إلا الموت بكرامتنا.
إخواني المعسرين.. فك الله أسركم وأحسن خلاصكم.
إن النيابة وقضاة الاعسار ورئيس مجلس القضاء الاعلى لم يحققوا انتصاراً حين سجنونا، أو التفوا على قانون المعسرين وأصحاب الحقوق الغيرية.. فكل ما فعلوه هو أنهم فرغوا مظلومين يدعون عليهم آناء الليل واطراف النهار فلا شغل لنا في زنازننا إلا الدعاء عليهم فالدعاء هو طريقنا إلى الخلاص من ظلمهم لأن التواصل مع الله أجدى وأنفع لنا من التواصل معهم، ففي الاسحار أناجي ربي كل يوم فأقول: ربي أرني كيف عدلك حين تريني في من ظلمني وقيد حريتي عجائب قدرتك ليس لانني لم أؤمن ولكن ليطمئن قلبي.
 ومن هنا.. ومن سجن العبيد.. ومن مؤسسة دفن الاحياء.. أدعو كل الشرفاء والحقوقيين والصحفيين أصحاب الكلمة والقلم الحر و كل من به ذرة ضمير وكافة الاعلاميين والناشطين والحقوقيين.. إلى التضامن معنا وإظهار قضيتنا للرأي العام. وإني وجميع المعسرين في سجون الجمهورية اليمنية إذ نفتخر ونعتز بتضامنكم معنا فمن حقنا عليكم التضامن وأن تستمروا في التضامن ونصرة قضيتنا، وإياكم أن تملوا من التضامن معنا لأن الفساد لا يمل من إيذائنا حتى في معتقلاتنا.
 إخواني المعسرين لا تنكسروا ولا تستسلموا مهما كان حجم الايذاء لنا. ونحن هنا في مركزي تعز نعلن إضرابنا وتضامننا معكم ولن نكف عن عشق الحرية ولن نخذل وفاءكم.. بعد مئات المناشدات والوعود..! وبعد أن فقدنا الامل وزادت حالات الاحباط واليأس الذي وصلنا إليه.
وأدعو الاخوة المعسرين عبدالقيوم ضوء البيت والبغدادي والجذري الذين بدأوا إضرابهم في صنعاء إلى الاستمرار ومواصلته حتى يفرج الله عنا جميعاً.
أيها الاخوة المعسرون الاسرى.. أيها المعتصمون بحبل الله أعتز بتضامنكم وإضرابكم الرائع ووفائكم النادر وعشقكم للحرية واسمحوا لي أن أبعث برسالة لمن يتألمون لأجلي ويدفعون ثمن عذابي وأسري:
لأطفالي الاعزاء مهند وغسان وأمهم الصابرة.. وأمي الغالية أخبري أطفالي نيابة عني أني مازلت أحبهم وأشتاق إليهم.
أمي الحزينة: سامحيني هذا العام سيكون كأعوام ثلاثة مضت وأنا بعيداً عنكم فلن أستطيع أن أحضر للغداء يوم الجمعة معكم من كل أسبوع. أعرف كم ستفتقديني هذه الايام.. وستبكين، فأرجو أن لاتفعلي ذلك لأجلي.. لا تجعلي غسان ومهند يريان دموعك الغالية، فهما سيحضران اليك في الموعد نيابة عني.. إصبري لأجلي وامنحيني رضاك عني.
 إلى زوجتي الصابرة ابعث سلامي واعتزازي لصبرها الجميل: عزيزتي أعرف كم سيكون هذا العام الجديد قاسياً وأنا بعيد عنكم، فلا تشعري أطفالنا بانكسارك وحزنك حين تجتمعون على مائدة الغداء أنت وأطفالي كل يوم، عزيزتي عند كل صلاة أدعي على من أبعدني عنكم واجعلي أطفالي يؤمنون بعدك.. وعلى المائدة اتركي مكاناً فارغاً وضعي لي ملعقة على المائدة، وقولي لهم هذا مكان أبيكم وهذ ملعقته خرج لأجلكم وسيعود قريباً، فقد وعدنا بأن يعود.. وإذا سألك مهند متى سيعود أبي؟ فقولي له سيعود عند الفجر أو يوم عيد.
فهمي العزي
معتقل تعز المركزي
26/1/2009
الذكرى الرابعة ليوم أسري
26/1/2005
***********