الخزي والعار للحكام العرب ومن والاهم

الخزي والعار للحكام العرب ومن والاهم - نادرة عبدالقدوس

هنيئاً لحزب الله هذا النصر الذي يحققه على أرض المعارك.. وهنيئاً له هذا التحدي الكبير والوقوف، أمام أعتى قوة شر على وجه الأرض، وحيداً بإمكانيات قتالية أقل شأناً من إمكانيات هذه القوة المتبجحة المتغطرسة.. وهنيئاً له قلب موازين السياسة الأمريكية الصهيونية رأساً على عقب، وإفشال خطة دولة الصهاينة -وأمريكا من خلفها- في شن الحرب المباغِتة على لبنان في شهري سبتمبر وأكتوبر القادمين، التي كانت أمريكا تفكر في تنفيذها بأداتها التاريخية -إسرائيل- لتحقق حلمها في رسم خارطة للشرق الأوسط الجديد. لقد فوَّت حزب الله هذه الفرصة الثمينة على أمريكا المتغطرسة، وكشف قناعها للعالم، فما كان من (حمّالة الحطب) ك. س (كونداليزا رايس) إلا أن كشرت عن أنيابها بالاعتراف بوجود هذه الخطة السيئة الذكر التي –مع الأسف– تلقى آذاناً صاغية وعقولاً مهووسة بها من قبل عدد كبير من الأنظمة السياسية العربية ومن بينهم لبنانيون رغم أنهم الأكثر معاناة اليوم من هذه الحرب الغاشمة الواقعة على رؤوسهم، فياله من غباء!!
لم يكن أسر الجنديين الصهيونيين من قبل حزب الله حجة لشن الحرب على لبنان، لأن دولة الصهاينة قد مرت بهذه التجربة في الماضي وتمت عملية المبادلة بين الأسرى، كان آخرها عام 2004م حين حرر حزب الله جنوب لبنان (عدا مزارع شبعا المحتلة). ولكن لأن الخطة كانت موجودة في الأصل والتي كانت مرسومة للقضاء على هذا التنظيم السياسي العسكري المقاوم للاحتلال والذي يحظى باحترام الأمة العربية والإسلامية في كل مكان، فقد شكل -ولا زال يشكل- كابوساً يجثم على صدر أمريكا وربيبتها دولة الصهاينة، وكذلك تقويض إيران والتهام سوريا والمضي قدماً إلى الجزيرة العربية والخليج العربي وشمال وغرب أفريقيا... إلخ..
وقد عمدت أمريكا إلى نشر أسباب الفرقة والفتنة في صفوف الأمة العربية والإسلامية، وهي أن حزب الله الشيعي خارج عن الصف العربي والإسلامي وإنه حزب إرهابي وإلى آخره من هذه السموم، كما عملت في العراق حيث تأجيج نار الفتنة بين المسلمين هناك. وللأسف تلقفت العقول المريضة من أبناء أمتنا هذه السموم وتناولتها بكل سهولة وبدأت تنجر وراء المصدر طائعة خانعة دون الالتفات إلى ما وراء الأكمة ودون التمعن في قواميسنا ونواميسنا الإسلامية التي تؤكد أن السن بالسن والعين بالعين والبادئ أظلم، وأنه من قتل نفساً بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعاً، وأن دولة إسرائيل زرعتها بريطانيا عام 1948م من حفنة عصابة من اليهود المغضوب عليهم في أراضيها والأراضي الأوروبية المختلفة وللتخلص منهم أرسلتهم إلى بلاد العرب لتغدو شوكة في جسد الأمة العربية الرافضة للذل والطغيان ولتظل هذه الشوكة تنغص عليها حياتها، خاصة وأن الإمبراطورية التي -كما كان يقال– لاتغيب عنها الشمس أفل نجمها وأنهكتها حركات التحرر العربية والإسلامية في مختلف البقاع.. فما كان عليها إلا أن تحمل عصاها وترحل عن الأراضي العربية وغيرها من الأراضي التي احتلتها عقوداً من الدهر... كيف غابت هذه الحقيقة عن هؤلاء المسلمين ومن بينهم مع الأسف فقهاء في الدين الإسلامي وخطباء مساجد وأئمة؟! وكيف غابت عن أذهانهم الحقيقة الثانية المتمثلة بأمريكا التي أصبحت اليوم تسرح وتمرح وتلعب بعقول الفطاحلة الساسة العرب الذين يستعرضون قوتهم العسكرية على شعوبهم فقط؟! وكيف يصدقون كذبة أمريكا الواضحة كعين الشمس ويدعون من على منابرهم إلى عدم شرعية المقاومة الإسلامية التي يتزعمها حزب الله ضد الصهاينة والحض على عدم الوقوف معها؟؟ من هم بالضبط هؤلاء؟؟ ومع من يعملون؟ هل هم موافقون على الوجود الصهيوني في أرض العرب والمسلمين؟ هل يستمرؤون الطغيان والهوان للشعب الفلسطيني الذي يعاني منهما طوال عقود ستة أو يزيد؟ هل ينتمي هؤلاء إلى الأمة الإسلامية بالفعل وهي التي ترفض قطعاً تصنيف الدين إلى طوائف ومذاهب ليست ذات أهمية؟ فقهاء وعلماء الدين يجب أن يتنزهوا عن هذه التصنيفات الدينية فالدين لله وحده، وألا يسيئوا للدين بتسييسه والانجرار وراء الساسة العرب الذين يرددون كالببغاوات ما تمليه عليهم قوة الشر على الأرض ويسيرون في ركابها مقابل بقائهم على رؤوس العباد من أبناء جلدتهم.. وليعلم الجميع أن حلاقة الرؤوس قادمة لا محالة –كما نبه يوماً الرئيس علي عبد الله صالح– ومثلهم الأعلى صدام الذي ينتظر حكماً بالإعدام.. وإذا لم تحلق الرؤوس أمريكا (وهذا مستبعد) فإن الشعوب العربية، النائمة اليوم، هي التي ستستفيق يوماً و ستحلقها.. فأين المفر ياهؤلاء؟ وأين المفر من يوم الحساب الكبير والأعظم وأنتم بين يدي الخالق الذي سيسألكم عما اقترفتم في دنياكم، وعن الهوان الذي ارتضيتموه لكم ولشعوبكم وكنتم الراعين لها، وعن الكرامة التي أهدرتموها مقابل مغريات الدنيا الفانية، وعن النفوس البريئة التي تُقتل في بلدانكم بأسلحتكم وأدواتكم وفي بلاد العرب والمسلمين بصمتكم وموافقتكم ومؤازرتكم وبأسلحة المستعمرين الكفار؟! وسيسألكم: بأي ذنب قُتلت؟؟ الخزي والعار لكم يومها كما هو لكم اليوم وأنتم بين ظهرانينا..
nadra