استقبالان حاشدان لعلي العديني في منزله ومدرسته

استقبالان حاشدان لعلي العديني في منزله ومدرسته

* هلال الجمرة

ساعة زرت الطفل علي العديني، 9 سنوات، في منزله صباح الاثنين الفائت، قالت والدته أفراح إن ابنها الذي اعاده مشائخ من بني ضبيان يوم الخميس الفائت، حينما سمع الطَرْق على باب حوشهم الخارجي «هرب إلى داخل البيت خائفاً»، وارتمى في حضن والدته. سألته: مالك؟ قال: خايف لا يجو يشلوني». وأضافت إنه يمر بمرحلة رعب منذ عودته إلى صنعاء.
مساء الخميس الفائت، أخلى الخاطفون سبيل علي العديني وحملوه إلى أحد المشايخ القبليين الذي عمل على إيصاله إلى وزير الداخلية وتولى هذا مهمة تسليمه إلى حضن شقيقه الكبير عبدالرحمن، 17 عاماً.
بعد أن زفَّ المسؤولون بُشرى إرجاع علي إلى الأم، أرادت طمأنة كافة أهله ومحبيه ممن يسألون عنه: «علي شيرجع الساعة الرابعة عصراً.. وما جاء هذك الوقت إلا وقد الناس والجيران ملان البيت»، صوَّرت الأم إحتشاد المستقبلين لولدها الذي لم يصل إلا في المساء.
لدى علي العديني ذاكرة جيدة ويتمتع بذكاء فطري. لقد تمكن من معايشة القبائل في بني ضبيان والتماشي مع الوضع هناك، لكنه إلى ذلك يحتفظ بكل الاشياء والعادات والتصرفات التي شهدها هناك.
وهنا يروي علي قصة إختطافه والأيام الطويلة التي عاشها بين الجبال والاراضي الخالية. في 1 ديسمبر الفائت كان علي في طريقه إلى مدرسة عذبان، وعند منتصف المسافة «بزوني اثنين بأحدافهم وطرحوني عند أرجلهم واثنين مراعين فوق السيارة»، وأضاف: «كنت أبكي واصيح وهم يقولوا لي: أصَه. وبعدين قلت لهم: احلفوا انكم ما تذبحونيش وأنا شاسكت وهم حلفوا وأنا سكت وما عاد بكيتش».
بعد دقائق سمع علي القابع تحت أقدام الخاطفين طلقات نارية، وقال إن الشرطة «كانت تلاحقنا وتطلق رصاص»، بعد وهلة توقفت الشرطة عن متابعة سيارة الخاطفين ولما شعروا بالأمان رفعوه من تحت اقدامهم وبدؤوا استجوابه: «قالوا لي: ايش إسمك؟، قلت: علي محمد عبدالله عبدالباقي العديني. قالوا: من الآن أنت علي محمد عبدالملك الخامري»، وتم التعامل معه على أنه ابن الخامري، رغم معرفة الجميع أنه ابن العديني بمن فيهم الشيخ.
التزم علي بما قطعه من وعد مع خاطفيه. وعندما كان يُسأل عن اسمه كان يرد: علي محمد الخامري. وتحدثت الأم في اللحظات التي كان يضحك فيها علي محرجاً، مفيدة بأنه «بعض الاحيان كانوا يدعوه: يا عديني وهو يصيح: أنا علي الخامري (يضحك علي». قال علي إن أحداً لم يرحب به هناك وقت وصوله إلى بيوتهم بني ضبيان، «بيتهم كله عواد ومن فوق طربال»، واصفاً البيت الذي استقر فيه. وزاد متعجباً: «ما بش معهم حمام. وكانوا يغسلوني فوق ثنتين حجار وبطانية تغطي»، وإلى الاستحمام قاموا بصبغ شعره الاشقر بالحناء. لم يكن لدى علي خيار آخر سوى أن يتبع ذات النظام هناك: «كنَّا نرقد الساعة 7 بالليل ونقوم بحين». في الصباح والعصر كان يقضي وقته في اللعب مع أصدقائه الجدد: «جساس وسلطان و حمود ومحمد (أولاد الخاطفين)». وأفاد بأنه مرض هناك يومين «وعملو لي 3 إبر».
سألته أمه عما إذا كان قد حاول الهرب، ردَّ: «اين اهرب كلها جبال»، وفضل البقاء حتى يردَّونه برغبتهم.
في بني ضبيان لاحظ علي أن الناس كلهم «لابسين زنان (أثواب) وجنابي ويسيروا بالأوالي». أما هو فقد ألبسوه ثوباً بُني و«محزق» حتى أنه عاد لابساً لها وقد تأثر بجزء من عاداتهم. تقول الأم: «أول ما جاء ما كانش يهدر وعاده بالثوب والحزام وكان لما واحد يقرب جنبه والا يكلمه يقفز يضاربه». في سيارة الخاطفين نسي علي زيَّه المدرسي وشنطته و الدفاتر والهدية التي اهداها له الخاطفون: «أنا ناسي». ولفتت أفراح إلى أن ابنه حينما رجع جاء يسألها قات، قال: أماه أدي لي قات».
وإذ احتشد معظم محبيه واهله لإستقباله في منزله وعلى رأسهم جاره وصديقه الحميم عيسى كليب، لاقى احتفاءً كبيراً من زملائه ومعلميه في المدرسة «ورفعوني عند العلم وصفَّقوا لي».
 ونظمت إدارة مدرسة عذبان للطالب العائد من بني ضبيان علي العديني حفل استقبال حاشد حضره مسؤولون من وزارة التربية ومدير المدرسة واعضاء هيئة التدريس وجميع الطلاب. وهنأ المسؤولون بهم كلماتهم الاسرة بإعادة ابنها المختطف، وشكروا كل من أسهم وتوسط لإعادته. وقدَّمت الادارة وجمع من الطلاب العديد من الهدايا لعلي احتفاءً بعودته إلى المدرسة.
اخوته عجزوا عن التعبير عن حبهم له وسعادتهم بعودته، وقد أفرطوا في تقبيله حتى أنه ابدى تضايقاً شديداً من ذلك، قال: «كم عيجلسوا يحببوني.. كم.. زُبلك (سئمت) خلاص بس».
وإذ قالت أفراح إنه فقد حيويته «كان ما شاء الله عليه وجهه عريض، وذلحين ابصر قد ضعف»، عبَّرت عن سعادتها وسعادة ابنائها بعودة أخيهم «كل الأمور عادت كما كانت عليه قبل الخطف.. رجعوا اخوانه يدرسوا».