ناقلة نفط سعودية في قبضة القراصنة

ناقلة نفط سعودية في قبضة القراصنة

اليمن قلقة.. وخيار «الرجاء الصالح» قد يتبدد
  النداء- باسم الشعبي
اثبت قراصنة البحر الأحمر قدرة عالية على البقاء ومواصلة نشاطهم أمام عشرات البواخر والاساطيل الحربية التابعة لأقوى الدول في العالم.
ففي حين اكتفى قادة القوى البحرية المتواجدة في البحر الأحمر بالدهشة ازاء عملية اختطاف ناقلة النفط السعودية العملاقة (سيريوس ستار) الاثنين الماضي، وهي إحدى كبريات ناقلات النفط في العالم، واقتيادها إلى السواحل الصومالية، كان القراصنة الصومال يعززون صورتهم الاحترافية، وسجلوا أمس الثلاثاء عمليتي اختطاف، الاولى لسفينة شحن تقل 36 ألف طن من القمح قدمت من  هونغ كونغ بإشراف أسياء قاصدة ميناء بندر عباس الايراني وعلى متنها 25 شخصاً لم يكشف عن جنسياتهم حتى الآن، والثانية كانت لسفينة اصطياد. بذلك يكون البحر الاحمر شهد ثلاث عمليات قرصنة خلال يومين فقط. انهم قراصنة من النوع الذي يصعب ردعه، واعترف نائب قائد القوات البحرية الامريكية، بيل كورتني، أن عملية اختطاف ناقلة النفط السعودية يظهر قدرته القراصنة الصومال على تعديل اساليبهم في الهجوم.
السفينة السعودية التي بلغت حمولتها نحو مليوني برميل من النفط (ما يقارب ربع الانتاج السعودي اليومي)  كانت في طريقها إلى الولايات المتحدة عبر رأس الرجاء الصالح على الحافة الجنوبية لقارة افريقيا حينما تعرضت للهجوم.
لقد تحاشت الناقلة السعودية -كما يبدو- المرور عبر خليج عدن ومن ثم قناة السويس حيث تزدهر هناك عمليات القرصنة على الرغم من التواجد الكثيف للقطع والبوارج العسكرية الاجنبية؛ إلا أنها وقعت في قبضة القراصنة.
وذكرت المعلومات أن الهجوم وقع على بعد 450 ميلاً بحرياً جنوب شرقي مدينة مومباسا الكينية في منطقة تبعد كثيراً عن خليج عدن الذي تقع فيه معظم أعمال القرصنة.
الواقعة، التي بدت غريبة للخبراء والمراقبين، لم تكسب ذلك الطابع من كون الناقلة السعودية التي تعرضت للخطف هي الاكبر منذ أن تزايدت أعمال القرصنة في خليج عدن بداية العام الجاري، ولكن لأن وقوعها كان في الطريق أو الممر «البديل» الذي أضحت تعول عليه كثير من الدول الآن لتسيير سفنها على الرغم من الاعباء الاضافية.
رأس الرجاء الصالح، هو الممر البحري البديل أمام دول وشركات عديدة منها شركة «أوفجل» البحرية النرويجية التي أعلن أمس الأول الاثنين أن سفنها لن تعبر بعد الآن خليج عدن الذي يشهد اعمال قرصنة متزايدة، وإنما سيكون عبورها عبر رأس الرجاء الصالح قبالة جنوب أفريقيا وهو الممر الاكثر أماناً رغم كونه أطول وأعلى كلفة، وهو كما يبدو الممر نفسه الذي اختارته شركة «ارامكو» السعودية لعبور سفنها بدلاً من خليج عدن.
بالنسبة لليمن فقد ابدت مخاوفها منذ وقت مبكر إزاء تزايد اعمال القرصنة والتواجد العسكري الاجنبي في خليج عدن. فقبل صدور قرار مجلس الامن التابع للامم المتحدة والخاص بتشكيل قوة مشتركة لمكافحة اعمال القرصنة في خليج عدن والبحر الاحمر، بالاضافة إلى قوة أوروبية خاصة للغرض نفسه، قام الرئيس صالح بجولة شملت عدداً من الدول العربية المطلة على البحر الاحمر بهدف حشد الجهود لمواجهة اعمال القرصنة والحد من التوسع الاجنبي في المنطقة، كون القيام بهذه المهمة تعني أولاً وأخيراً الدول المطلة على البحر الاحمر، وتضم بالاضافة إلى اليمن كلاً من السعودية، ومصر، والاردن، والسودان.
واللافت أنه ما بين التحرك اليمني المذكور وبين صدور قرار مجلس الأمن بناءً على مسودة تقدمت بها فرنسا 2-3 أسابيع فقط، فالقرار الصادر أواخر شهر اكتوبر المنصرم، بات ساري المفعول من حينه.
ومع تزايد أعداد السفن الحربية الدولية في منطقة خليج عدن والتي وصلت إلى  تزايد القلق لدى اليمن من أن يكون ذلك مقدمة لتدويل المنطقة وربما فرض واقع مغاير.
وقد عبر وزير الخارجية، ابو بكر القربي، عن مخاوف اليمن صراحة لدى لقائة بالسفير البريطاني، السيد تيم تورلوت، الاثنين الماضي بصنعاء.
وقد تناول اللقاء الحديث حول القرصنة في منطقة البحر الاحمر والبحر العربي والعملية التي قامت بها السفينة البريطانية «كمبرلاند» الاسبوع الماضي ضد قراصنة صوماليين حاولوا خطف سفينة دنماركية قبالة سواحل عدن. وهي العملية التي قتل فيها شاب يمني من حضرموت فضلاً على ثلاثة صوماليين تمكنوا بمساعدة ثمانية قراصنة أخرين من السيطرة على قارب صيد يمني وإرغام من كانوا فيه على التوجه للممر البحري الدولي لممارسة عملية القرصنة قبل أن تتعرض السفينة الحربية البريطانية.
الوزير القربي أكد قدرة بلادنا على توفير الحماية للسفن في مياهها الاقليمية. كما أشار إلى ضرورة تكاتف الجهود والتنسيق مع دول الجوار المعنية لمواجهة القرصنة، وهو الامر الذي تكرر باستمرار دون أن يفضي إلى شيء  ملموس.
إلى ذلك يرى مراقبون أن الواقعة التي استهدفت الناقلة السعودية الاثنين الماضي «قد تدفع بالمملكة العربية السعودية إلى الاهتمام بموضوع القرصنة وما تشكله من خطر على الملاحة الدولية، ليس في خليج عدن فحسب وإنما في الممر البديل برأس الرجاء الصالح»، مشيرين إلى ما تمثله المملكة من «ثقل أقليمي قد يساهم إلى جانب جهود اليمن ومصر في انضاج فكرة تشكيل قوة عربية مشتركة لتولي مهمة مكافحة القرصنة والتقليل من التواجد الاجنبي في المنطقة وبالتالي الحد من المخاوف القائمة لدى عدد من الدول».