جلسة محشيّة بالمرح ولجان برلمانية لحل مشاكل الأراضي مع الباسطين عليها

جلسة محشيّة بالمرح ولجان برلمانية لحل مشاكل الأراضي مع الباسطين عليها - هلال الجمرة

 فشلت محاولات حمير الأحمر نائب رئيس مجلس النواب في إقناع النواب بالتصويت على أسماء اللجان المقترحة من عدد من أعضاء رئاسة المجلس لتقصي الحقائق حول الأراضي والمساكن المنهوبة في عدد من المحافظات.
المعارضون جميعاً على حق، حتى الذين لم يعارضوا إلا لأسباب شخصية تتمثل في عدم ضمهم إلى اللجان التي شملت محافظات: حضرموت الساحل، والوادي لحج، أبين، عدن، الحديدة، وأمانة العاصمة، لغرض الحصول على بدل سفر وما إليه فالمعارضون بحجَّة أن اللجان لم تختارون نائبين على الأقل من أبناء المحافظة الشرفاء والذين لم يتورطوا في مشكلة الاراضي يستطيعون أن يدافعوا عما سيتوصلون إليه محقون في قرارهم. كذلك المعارضون بسبب تغييب لجان العدل والسلطة المحلية والخدمات المتخصصة.
والداعون إلى أن تشكل اللجان من نوَّاب المعارضة والمستقلين، الجميع على حق، لأن اللجان لم تشكل وفق معايير واضحة وصحيحة.
مصادر برلمانية أوضحت أن اعضاء في اللجان هم من ضمن الاسماء المتورطة في الاستيلاء على الأراضي؛ فكيف يوكل إليهم مثل هذه المهمة!؟
لم يحدث أن يلبس علي قاصرة قفازات صخر الوجيه غير هذه المرة. لقد واجه حمير الأحمر بقوة وبحماس شديد لم يعهد منه، مما أجبر الثاني على استخدام العنف وإسكات الأول قسراً. وبعد أن هدأ قليلاً أذن له بالحديث وقال بصوت جهوري: «أعترض على اللجنة.. نحن من أبناء المحافظة ونعرف من نهب الأرض ومن المغتصب ويجب على المجلس اختيار لجنة من أبناء الحديدة».
وقد شكلت اللجان بناء على رسالة من رئيس الجمهورية طلب فيها المجلس تشكيل لجان برلمانية من كافة الكتل البرلمانية واللجان المختصة لم تلوِّح الرسالة بأي تحفَّظات قد يفكِّر بها المجلس وكانت صريحة وإلا فما الجدوى من إثارة الموضوع وطلب الرئيس لتشكيل لجان مجدداً!؟.
النائب عبدالعزيز جباري اعترض على تشكيل لجان أساساً وقال: «لو وجدت نيَّة حقيقيَّة لحل مشكلة الأراضي لماذا لا تعتمد على تقرير صالح باصرة الذي ذكر جميع الباسطين على الأرض بالاسم وبحياد تام!؟».
 وأكد أن الجميع يعرفهم. وإذ شدًّد على هيئة الرئاسة الحفاظ على ميزانية المجلس وعدم إنفاقها دون فائدة جزم على بأن اللجان حتى لو شكلت فهي لن تأتي بأكثر مما جاء به تقرير باصرة ولن تعالج المشكلة لسطوة الباسطين ونفوذهم والمسألة مكشوفة.
عندما وجد رئيس الجلسة الرفض القاطع للتصويت والإعتراض على اسماء اللجان، أحرج النواب بأن طلب منهم إقتراح اسماء بدلاً من المعترض عليها. ثم استدرج البعض قائلاً: «الذي يشتي يدخل في اللجان يسجِّل اسمه».
الراجح أن محافظتي لحج وعدن هما من أشدّ المحافظات معاناة من نهب الأراضي والاستيلاء عليها، بيد انهما باتتا مغلقتين في كتلة الحاكم ولم يسجل فيهما نائب من المعارضة أو المستقلين.

***

تعمد الراعي إدراج موهبته في «التنكيت» في جدول أعمال
جلسة الأحد الفائت، وقرر إطلاق لقطاته السريعة
جلسة محشيّة بالمرح
 
ملحمة البرلمان
مستنداً إلى إشكالية تسرُّب غالبية نواب كتلة المؤتمر الشعبي العام من قاعة الجلسات في الساعات الأول للدوام، ردَّ الراعي بحنق على برلماني معارض كان يتذمر من المخالفات القانونية التي يمررها المجلس معتمداً على سياسة التصويت بأغلبية كتلة الحاكم، قائلاً: «أياً أغلبية؟! الأغلبية في صالحكم. ما احنا هم يجلسوا لهم ساعة وتوكلوا على الله، وتبقى الأغلبية منكم». يبالغ الراعي قليلاً فيما قال؛ إذ يعتمد المجلس على سياسة الاغلبية في قضايا وتقارير خطيرة وهامة وبصورة دائمة، مثل تقارير الموازنات والانتخابات، الفاضحة للفساد، والنفط، والاعتمادات الإضافية...
لم يكمل الراعي حديثه حتى لمح 3 نواب (مؤتمر) يغادرون القاعة، فناداهم: «يا محمد!. يا علي! يا..أين عيسيروا هؤلاء؟!». حينها لم يلتفتوا إليه، فهمَّ أحد الموظفين بدعوتهم بعد أن تجاوزوا بوابة القاعة، بيد أن الراعي منعه ووجد مناسبةً لإطلاق قفشة قال: «خله.. هو جاء يشْرَك (يبتاع اللحم) وجزع (ومضى)». لقد اعتبره البعض تشبيهاً مناسباً بالنسبة لنائب لا يعي معنى أن يكون برلمانياً وإنما جاء لغرضٍ ما: التوقيع وضمان المكافأة ويمضي إلى حياته وعمله الشخصي.
 
الفرق بين خُطبة الجمعة والاعتمادالإضافي
عبدالله العديني برلماني جيد وصاحب مداخلات مهمة، لكنه غالباً ما يخلط بين «فضائح الفساد الرقمية» وصياغة الخطبة.
في جلسة الاحد الفائت أسْهب العديني (إصلاح) في نقاشه. أعده سلفاً ملء صفحة. الموضوع طلب الحكومة فتح اعتماد إضافي للموازنة العامة للدولة للعام الحالي بمبلغ700 مليار و448 مليون ريال.
انتظره الراعي حتى أنهى كلامه، المحشو بالأحاديث والنصائح، وقال: «أشتي من الأخ عبدالله العديني يفرِّق ما بين خطبة الجمعة والاعتماد الإضافي». إشتاط العدين غضباً ولم يتمالك نفسه، كان يصرخ بأعلى صوته، لا بالميكرفون: «أنا خطيب؛ لماذا تسخر من الخطباء؟! إنهم أفضل منك، وهذا الفساد تريدونه أن يمر هكذا! (نوَّاب يهدؤونه ويمسكونه بكتفه) نحن لا نقبل ذلك». بكل برود فتح الراعي الميكرفون وقال للعديني: «دلا على نفسك! احنا خايفين عليك».
جلس العديني مكبوتاً ومتضايقاً لتعليق الراعي على ما طرحه، والراجح أنه سرح بعيداً عن أجواء النقاش ولم ينتبه إلا بعد مرور 10 دقائق من ملاسنته مع رئيس البرلمان. موافقة صادق البعداني (إصلاح) لما قاله زميله عبدالله العديني أعاد له الأمل المسلوب، بعد أن كان مقطب الجبين. حينذاك علَّق الراعي على البعداني: «الله أكبر ولله الحمد! الحمد لله زدت انعشت لنا عبدالله العديني والا قد كان غاطس».
الواضح أن معظم اعضاء المجلس يطيب لهم الحديث في كل القضايا حتى وإن لم يستوعبوها بصورة واضحة. ففي حين كشف نواب من الحاكم والمعارضة والمستقلين عن أرقام وتفاصيل كارثية تضمنها الاعتماد الإضافي واعتبروها خيالية، معظمها لدعم المشتقات النفطية، تحدث آخرون عن الخلل في الاعتماد الإضافي أو أهميته بطريقتهم: الإنشاء دون الاستناد إلى أي أرقام أو قوانين أو لوائح، وكأنهم أمام امتحان قدراتهم في التعبير.
 
شيبان رئيساً للبرلمان الخلفي
عجز رئيس مجلس النواب يحيى الراعي عن إقناع عبدالكريم شيبان بأن يجلس صامتاً. لمّا وصل الأخير ذروة حماسه وتفاعله في تفنيد «مغالطات الحكومة» في الاعتماد الإضافي الذي قدمته إلى البرلمان وتقرير اللجنة المالية عنه، أطفأ عليه الراعي الميكرفون مبرراً بأنها «ليس نقطة نظام». بعد وهلة كان اسم شيبان الأول على شاشة التسجيل للنقاش، فاقترح نائب (مؤتمري) إعادة التسجيل «لأن هذه الاسماء من التقرير السابق». وافقه في ذلك الراعي وآخرون وأعادوا التسجيل بالرغم من الرفض الشديد لأصحاب القائمة الأولى ومنهم شيبان.
انكسرت إرادة شيبان للمرة الثانية ولقد شعر من ذلك استقصاداً له. لكنه أصبح مشحوناً بطاقة هائلة للاعتراض على ذلك الإجراء المخالف للائحة: ظل يصيح ويرفع نقطة نظام معاً، مما اعتبره الراعي تعدياً عليه وممارسته لوظيفته فقال: «باقي لك 6 أشهر (ويده على كرسي رئيس المجلس)». لم ينجح الراعي في إغراء شيبان بمقعد الرئيس؛ فصاح به 3 مرات: «رئيس المجلس الخلفي يقعد (وكأن شيبان بدأ إدارة المجلس من الخلف)»، كررها ثلاثاً. وبشَّره بأن اسمه أدرج في الترتيب 2 في القائمة الجديدة.
 
الهروب من الجدل
تتمتع اللجنة المالية في البرلمان بسخاء لا يضاهى. لقد أرادت أن تثبت للحكومة أنها ليست بخيلة. عزَّام صلاح (مؤتمر) باح للمجلس بأن «أعضاء المجلس وكهرباء الريف طلبوا من اللجنة المالية اعتماد 5 مليارات فأضافت لهم اللجنة 10 مليارات وطلبوا لمؤسسة أخرى 10 ملايين فأضافت اللجنة مليار». هذه الفضيحة استفزت مقرر اللجنة المالية زكريا الزكري فتوجه لتكذيب عزام بعنف لكن هذا ردَّ عليه بحزم: «احترم نفسك! اتكلم بأدب! هذا ما حدث».
وإذ لاحظ رئيس الجلسة الخلاف يشتد وسخط الزكري يزيد، قال مراضياً الزكري ومانعاً له من التلفظ على الآخرين: «لا تقابحش أنت والناس! ما هو ردَّك؟».
 

***
 
 
لازمة برلمانية: لماذا يحتاج بافضل أن يكون من خولان أو الجوف؟
 
يسود اعتقاد بأن هدف سلطان البركاني من التذكير اليومي باليمين التي تعهد بها عبدالرحمن بافضل أمام المجلس قبل أشهر: مجرد الاستمتاع بمداعبة بافضل وإغاضته.
منطقياً، إنعدام المعلومات في رأس البركاني واستغلال معاناة بافضل من مرض السكر وعدم تضامن أبناء حضرمت معه -إلا في الحالات الحرجة جداً- أسباب محسوبة جيداً للوثوق بها.
ففي جلسة السبت الفائت، غمر رئيس كتلة الإصلاح، عبدالرحمن بافضل، مجلس النواب بفيض من قضايا الفساد والتلاعب التي تخللت الحساب الختامي للموازنة العامة للدولة لعام 2008 مستشهداً بأرقام وتفاصيل تؤكد ذلك.
وقبل أن يكمل حديثه، كانت يد البركاني مرفوعه وجاهزة، وكممثل ارتجالي لا يعتمد على نص مكتوب، ردَّ رئيس كتلة الحاكم (فقط لغرض الصدام) قائلاً: «أشكر الحكومة على هذا التقرير الختامي الجيد، وأنتقد هيئة رئاسة المجلس على إعطاء الحديث لمن نكثوا بأيمانهم، وأحتج على ذلك لأنه معيب في حق المجلس».
لقد اعتمد على الإنشاء دون أن يوضح سبب إعجابه بالتقرير، وماذا يحتوي. لكن بافضل بدا جاداً في الرًّد على البركاني، فقال: أنا كفَّرت عن يميني. وسبب تخلفي عن الإلتزام بما وعدت هو أمران (كل مرة يقولها في الرَّد) لماذا لا تذكرون سوى يمين بافضل؟! بينما الحكومة والوزراء دائماً يوعدون المواطن بأشياء لا يوفون بها ويحلفون بذلك ويعدون بالقضاء على الفقر و...». كان رداً مناسباً وذكياً حتى وإن لمح البركاني إلى رغبته في الرد وامتنع الراعي عن السماح له قائلاً: «لا نريد أن نحول الجلسة إلى مناكفات، وبافضل عندهم (الإصلاح) دليل الكفارة.. خلاص».
ماذا لو كان بافضل من خولان أو الجوف أو مأرب أو العصيمات؟! هل سيعامله البركاني بهذه الطريقة يستمر في تذكيره هكذا؟! مؤكد أنه لن يفعل، فقبل أسابيع هاجم البركاني عبدالله العديني بشدة، لكن الرّد كان قوياً من طرف آخر تضامن مع العديني هو الشيخ المعروف ربيش العليي، وقد أوقف البركاني بجملة كلمات التزام بعدها الصمت يتمتع بافضل بحيوية عالية، إضافة إلى كونه برلمانياً حقيقياً وشخصا مرحاً ونائباً حضرمياً ساطعاً يقف مع قضايا الناس ويصارع عليها؛ لكنه سريع الغضب.