أوباما!

أوباما! - إلهام مانع

استمعت اليوم إلى خطاب باراك أوباما، يعلن فيه فوزه في الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة، وتأملت!
هذه هي الولايات المتحدة التي أحببتها عندما درست فيها. هذا هو الجانب الذي سحرني فيها دوماً رغم اختلافي أحياناً مع سياساتها الخارجية.
تلك التي تقول للإنسان: كن ما تكون! في النهاية، ما تفعله هو ما يصنعك.
الحلم الأمريكي!
 ليس بيتا وسيارتين وكلبا.
ليس ثقافة استهلاك.
ذاك جانب نفرت منه دوما.
بل إمكانية أن «تكون» إذا «أردت».
الكرة في ملعبك.
أنتَ المحك.
وأنتِ التي تختارين.
يمكنكَ أن تدفن نفسك حياً إذا شئت.
ويمكنكِ أن تخلقي نفسك من العدم إذا اردتِ.
أنتَ أنتَ من يختار.
ثم أنتِ أنتِ من تُقرر.
كان حلمي دوما، قبل أن أعرف الولايات المتحدة.
فالإنسان دوماً هو الإنسان، بغض النظر عن موطنه.
حلم الإنسان.
أن يقول: «أريد كي يستطيع»!
أن يقول: «سأكون» كي يكون إنسانا.
أن يقول: «آمنت بوجودي» كي يكون يكون شيئاً.
ثم أن يقول: «سأعمل» كي يكون جديرا بالحياة...
حلم الإنسان.
«حلمي في حتى لو تعثرت..
أملي في يقيني حتى مع الشك.
ووطني أنا ولو انهار الوجود من حولي.
وطني حيث أكون.
وطني حيث أتنفس.
وطني الإنسان».
ثم.. تساءلت.
هنا في أوروبا، وهناك في البلدان العربية، كثيرون كانوا يدعمون باراك أوباما مرشحاً كرئيس للولايات المتحدة. يدعمونه فرحين، يدعمونه بقوة.
وسؤالي كان مزعجاً: ترى، لو كان باراك اوباما مرشحاً فعلياً للرئاسة في بلد أوروبي أو في بلد عربي (نحن بالطبع نتخيل عندما يتعلق الأمر بانتخاب رئيس في بلد عربي) هل كان هؤلاء سينتخبونه؟
هل كانوا سينظرون إليه، كما هو، بعيدا عن لون بشرته؟
بشرته لونها أسود.
وأنا عشت في بلدان ثمانية، وتنقلت في أنحاء متفرقة في العالم، ولم أعرف فيها دولة أوروبية أو عربية لا تمارس نوعاً من العنصرية ضد من خلقه الله ببشرة سوداء.
«اللون الداكن يخيف».
«يخيف كثيرا».
ولو تذكرون، ستجدون أن الكثير منا، خاصة في بلدان شبه الجزيرة العربية، لا يزال يستخدم كلمة «عبد» عندما يشير إلى إنسان لونه أسود.
يا الله! كم مرة جفلت وأنا أستمع لوقع الكلمة؟
 ما أقبح التمييز في صورته العنصرية.
واللون الداكن كان مخيفاً ولا يزال في الولايات المتحدة.
لكنه لم يكن عائقا اليوم.
فالقوة، القوة الفعلية في الإنسان، هي عندما يتمكن من تجاوز خوفه، من تجاوز «تحيزه المبطن»، و»عنصريته الكامنة»، ثم يقرر، يقرر لصالح الإنسان.
ولذا كان الجواب عندما يتعلق بالولايات المتحدة واضحاً:
«لا يهم لونك. نحن نؤمن بك».
ماذا عنا؟! وماذا عن أوروبا؟!
لو جاءنا إنسان بفكر نؤمن به، هل ننتخبه لو كان لونه أسود؟! ثم هل ننتخبها لو كانت امرأة؟!
5 نوفمبر 2008
[email protected]