الخيواني.. تباً لكم جميعاً

الخيواني.. تباً لكم جميعاً - شفيع محمد العبد

قدره أن تهمته شخصية ترتبط برأس النظام، لذا فالقانون والقضاء والبلد كلها سخرت وحوّرت لتنفيذ العقوبة ضده، هو الذي كان قد نذر نفسه للدفاع عن الوطن وكشف مبكراً مؤامرة التوريث التي تحيق بالوطن وحذر منها كون مخاطرها ستصيب الجميع ولن ينجو من مفاسدها أحد.
لقد ارتكب جناية بحق السيادة والفخامة وعلى أساسها صار هدفاً لنزعة ذاتية كلما لحق بالنظام إخفاق وحل به فشل، وما أكثر المرات التي حملت الفشل والإخفاق بدءاً من الجنوب وليس انتهاءً بصعدة..
أجدني سعيداً باقتباس عنوان مقالي هذا من مقال له كتبه عقب الانتخابات الرئاسية حين أعلن اللقاء المشترك قبوله بنتائج الانتخابات الرئاسية كأمر واقع فما كان منه إلا ان جرد قلمه وصرخ بها عالياً: "تباً لكم جميعاً".
منذ أن تطرق الى قضية التوريث وجد نفسه في مواجهة الحاكم مباشرة (رأس برأس)، فكم هي المرات التي تعرض فيها للاعتقال والاختطاف و(اللبج) وكل ذلك بأثر رجعي على خلفية تطاوله على نوايا الحاكم، وتحريضه للوقوف ضد رغبته أيضاً.
لم يتنازل او يعتذر كما طلبوا منه ذات مرة، بقي على موقفه وقناعاته ورؤاه، لم يكف حتى عندما حاولوا كسر أصابع كفه اليمنى لإثنائه عن حمل سلاحه وتوجيه مداده صوب الهدف، طلبوا منه عدم الكتابة عن (الأسياد) و(الفنادم) والثانيين (الآخرين)، ولأنه يجد في الكتابة وسيلته في رحلته البحث عن الوطن الذي اختزلوه في جلباب من جاء بما لم تستطعه الأوائل، فقد واصل السير حافياً، متجرداً من ثياب الخوف، متسلحاً بمعنويات لا تقهر وإرادة لا تلين وثقة في نصر قادم.
سألته ذات يوم في مؤتمر صحفي عقدته نقابة الصحفيين بمقرها (القديم) عقب حادثة الاختطاف التي تعرض لها بعد خروجه من صحيفة "النداء" والتي كان رئيسها يدير المؤتمر: "لماذا لم تلحق بزميل دربك خالد سلمان بحثاً عن الأمان بعيداً عن وطن يملؤه الخوف ويسكنه العسس؟"، فأجاب بلغة الواثق من النصر: "هذا الوطن حقنا ولن نتركه لهم".
كما أنني لن أنسى تلك اللحظة التي دخل فيها الى مقر النقابة بينما كان الزملاء والزميلات ينتظرونه في حوش المقر عندها بكى الزميل عارف الخيواني الذي أصابه الجنون في زمن الفنادم، وخر ساجداً.
هنا دعوني أتساءل: أين الزملاء ممن ما زالت عقولهم تزينهم ولم يفقدوها كحال عارف.. أين هم من أداء الواجب تجاه زميل لهم يتعرض لاستهداف مباشر واستقصاد معلن بسبب ممارسته لحقه في الرأي والتعبير؟
إنه زمن اجتمعت فيه المصلحة والخوف وبات التواري عن أداء الواجب ميزة يسعى إليها الكثيرون.
اليوم عبد الكريم الخيواني.. وغداً أحدكم يا هؤلاء.. فلماذا لا تسارعون الى التطهر من أدران حلت بكم في زمن وسخ؟
ها هو رمضان يلملم أوراقه.. وأطفاله كانوا طوال الشهر الفضيل يفطرون على بكاء أمهم وحسرة قلوبهم جميعاً على أب، يفطر خلف القضبان، جنايته أنه نذر نفسه للنضال من أجل الجميع، وها هم الجميع قد أداروا له الظهر وسارعوا الى الأسواق لشراء ملابس العيد لأطفالهم بينما أطفال عبد الكريم في انتظار موقف لزملائه، او مكرمة من رأس النظام كتلك التي أعادت سجناء الحراك الجنوبي الى أطفالهم ليشتروا لهم ملابس العيد.
صديقي عبد الكريم لا أملك إلا الدعاء لك.. ولأصحابك جميعاً، وللوطن المشظى شمالاً وجنوباً أقول: تباً لكم جميعاً... وخواتم مباركة أيها الخيواني وعيدك مبارك.. ولا بارك الله في أعياد من يتنكرون للواجب.
Hide Mail